راكان المجالي


الحرب كلها شرور بما تحدثه من خراب وما توقعه من ضحايا وما يترتب عليها من مآس و... و...
وما كنا نتمنى أن تتحول المظاهرات السلمية المطالبة بأبسط الحقوق وتخليص ليبيا من تلاعب قبضة الطاغية المهووس إلى مجازر في هذا البلد العربي، لكن القذافي الذي أصر على استخدام الآلة العسكرية ضد الأبرياء العزل ففرض على أبناء الشعب الليبي استخدام السلاح دفاعا عن أنفسهم ووجودهم وثورتهم النبيلة، وقد وقف العالم لأيام طويلة متفرجا على المذبحة الليبية إلى أن بلغ الحرج أشده على المجتمع الدولي مما فرض على المجتمع الدولي النهوض بمسؤوليته لحماية الشعب من حرب الإبادة الجماعية المتعمدة التي اندفع القذافي في تنفيذها.
وبصدور قرار مجلس الأمن لاح أن هنالك صحوة في الضمير الإنساني لكن ذلك مقيد بحسابات السياسة مع الأسف الشديد، هذه السياسة التي تخضع في إيقاعها لحسابات القوة الإمبراطورية العظمى التي هي الولايات المتحدة الأمريكية التي تتحكم بحسابات ومسارات الأوضاع العالمية مع تركيز واضح على منطقتنا من قبل القوة الوحيدة العظمى والتي تقود النظام العالمي الجديد الأحادي القطبية!!
والمؤكد أن منطلقات أمريكا بشكل خاص ومعها الغرب بأكمله لا تستند إلى قيم ومبادئ أخلاقية أو إنسانية وإنما حسابات يجري توظيفها تحت شعارات القانون الدولي وحقوق الإنسان ولذلك كان مستهجنا أن تبدأ حرب الولايات المتحدة والحلفاء بإيقاع بطيء ومن دون جدية تذكر في مواجهة المأساة ولا أتحدث عن انسحاب أمريكا من العمليات بعد يومين من بدايتها ولكن أتحدث عن الأداء الهزيل عموما!! والسؤال الذي نطرحه هو: ماذا لو أن قوات التحالف قامت بتوجيه ضربة ساحقة ماحقة لمجمع العزيزية وإنهاء القذافي وعصابته؟
وقد يقال إن هكذا حادثة قد توقع ألف قتيل وعشرات الآلاف من الجرحى، ولكن ألم يسقط حتى الآن أكثر من عشرة آلاف قتيل من أبناء الشعب الليبي الأبرياء، أولم يقع أكثر من مئات الآلاف من الجرحى؟ أولم يشرد حتى الآن ما يقارب نصف مليون...؟؟ إلخ.
إنها الحرب وهي كما ذكرنا شر ولكن من معادلاتها اتقاء شر كبير بشر أقل.
وللتدليل على الموقف المخادع المنافق لأمريكا نشير إلى القرار الأخير للرئيس الأمريكي أوباما بإشراك طائرات بلا طيار حيث طائرات quot;البرايدفورquot; والتي تحمل صواريخ هيل فيرquot; الخفيفة والمؤثرة والتي يستخدم منها الآن 84 طائرة في أفغانستان وعلى حدود باكستان.. والسؤال هو: لماذا جاء هذا القرار متأخرا بإشراك طائرة أو طائرتين فقط في وضع محرج وقاس كالوضع الليبي.
وبدون طائرات quot;البرايدفورquot; فإن المعروف في كل الحروب بان فقدان أي جيش للغطاء الجوي ووقوعه تحت سيطرة قصف جوي قادر على شل هذا الجيش فما بالك لو كان إشراك طائرات بلا طيار بما تملكه من كفاءة إضافة نوعية كفيلة بمنع تحرك قوات القذافي على الأرض وهي القوات المدعومة بالمرتزقة التي تسرح وتمرح وترتكب الجرائم بحقد وانتقام همجي.
وقد يقال إن هذه شؤون عسكرية لها ظروفها كما قد يقال إن اقتراحنا بتوجيه ضربة لإنهاء القذافي في عزيزيته لها مخاطرها، ولكن أليست الحرب مخاطر وضحايا وخرابا كما قلنا ودفع شر أعظم بشر أقل ومع كل الأسئلة قد تردد لكن التواطؤ والتواطؤ يصبح مشبوها عندما تغض قوات التحالف النظر عن ضرب اتصالات القذافي العسكرية والمدنية، ولماذا لا يتم اجتثاث كل محطات إرساله الإذاعية والتلفزيونية؟ وكل ذلك يمكن أن يتم دون ضحايا ودون كلفة وبضربات خاطفة خلال ساعات.