الصحافة البريطانية: الثورات العربية همّشت quot;القاعدةquot;.. واقتراع مصيري في بريطانيا

لندن

التصويت على تعديل النظام الانتخابي في المملكة المتحدة، وضربات quot;القتل المستهدفquot; التي تشنها طائرات quot;الناتوquot; في ليبيا، وقتل بن لادن، وأفول تنظيم quot;القاعدةquot;، وقوة الشر الجديدة التي ستحل محل بن لادن كعدو استراتيجي للغرب، موضوعات نسلط عليها الضوء ضمن عرض أسبوعي للصحافة البريطانية.


فرصة لا تعوض

تحت عنوان:quot; فرصة ذهبية لإحياء الديمقراطيةquot;، رأت quot;الأوبزرفرquot; في افتتاحيتها يوم الأحد الماضي أنه إذا صوتت بريطانيا بـquot;لاquot; على الاستفتاء على إصلاح النظام الانتخابي، فإنها ستظل عالقة في نظام انتخابي فاشل قائم على فكرة مفادها أنquot;الفائز بأكبر عدد من الأصوات ينال المنصبquot;، وهي فكرة ترى الصحيفة أنها تمثل إهانة لنظام التمثيل الديمقراطي، وأنه في جوهره نظام غير عادل حيث أنه يتيح للأحزاب الكبيرة فقط الفوز بمعظم الأصوات ويحرم الأحزاب الصغيرة وكذلك الأقليات من التمثيل في البرلمان بالإضافة إلى أنه نظام عديم الاستجابة للمتغيرات الطارئة على الرأي العام كما أن تمركز المؤيدين لحزب سياسي ما في منطقة جغرافية محددة يمكنه من الاستمرار في السيطرة على الحكم حتى في ظل تراجع أدائه الانتخابي من حيث عدد الأصوات الكلي على المستوى الوطني. ومما يفاقم من تأثير هذه العيوب أن المشهد السياسي البريطاني في حالة سيئة منذ بعض الوقت خصوصاً أن فضيحة النفقات غير القانونية للنواب البريطانيين، قد أضعفت من ثقة الجمهور في أعضاء البرلمان من جميع الأحزاب. وترى الصحيفة إن الإصلاح الانتخابي ليس هو العلاج الوحيد لما في هذا المشهد من سوء، ولكن الأمر الذي لا خلاف عليه أن الاحتفاظ بالنظام الانتخابي الحالي سيؤدي إلى زيادة كم عدم العدالة في توزيع المقاعد البرلمانية، وهو ما سيضعف من الحجج التي يقدمها النواب بأنهم يمثلون الجمهور بكافة أطيافه وتشكيلاته كما أنه يؤدي في نهاية المطاف لتآكل شرعية الحكومة. وتمضي الصحيفة للقول إن الأمة البريطانية أمامها فرصة ذهبية وغير مسبوقة للتخلص من نظام انتخابي سيئ التصميم واستبداله بنظام أفضل بما لا يقاس

بـquot;نظام التصويت البديلquot;، وأن كل ما يتطلبه الأمر هو أن تخرج أعداد كافية من الناس للمشاركة في هذا الاستفتاء يوم الخميس والاقتراع بـquot;نعمquot; عليه.

الاستفادة من الدروس

quot;الاغتيالات المستهدفة تمثل خطأً استراتيجياًquot;... هكذا عنونت quot;الاندبنديتquot; افتتاحيتها يوم الاثنين الماضي، والذي تناولت فيه موضوع الضربة الجوية لـquot;الناتوquot; على مجمع باب العزيزية في طرابلس، والتي أدت إلى مصرع نجل العقيد القذافي سيف العرب وثلاثة من أحفاد العقيد وعدد آخر من المدنيين ونجا منها القذافي وزوجته بأعجوبة. تقول الصحيفة إن مثل هذه الضربات التي تستهدف أفراداً بالاغتيالات والقتل تمثل خطأً بصرف النظر عما يقوله قادة quot;الناتوquot; من أنهم يقومون بضرب مراكز القيادة والسيطرة لقوات القذافي، أو أن سقوط المدنيين يرجع لأن الزعيم الليبي يضع هذه المراكز وسط مناطق مدنية. تقول الصحيفة إن هذه الحجج هي تحديداً التي تجعل من تلك الضربات بالذات خياراً سيئاً لأنها نادراً ما تحقق الهدف منها، كما أن فرص سقوط مدنيين تكون كبيرة عادة. يضاف إلى هذا أيضاً ما يترتب على مثل تلك الضربات من تداعيات سلبية، فبالنسبة للضربة الأخيرة على سبيل المثال، استغلتها أجهزة القذافي أفضل استغلال، حيث استدعت أجهزة الإعلام الغربية إلى المنطقة المدمرة، وصورت مشاهد جنازة القتلى، مما مكنها من الادعاء بتحقيق نصر إعلامي على التحالف بالإضافة إلى استغلالها كذلك في تأجيج غضب الجماهير، التي ازدادت التفافاً حول القذافي، وقامت بتدمير والاعتداء على السفارات الأجنبية كرد فعل على ذلك.

واستعادت الصحيفة ذكرى الضربة الجوية التي نفذتها الطائرات الأميركية على طرابلس عام 1986 انتقاماً لقيام الاستخبارات الليبية بتدمير ملهى في برلين مما أسفر عن مصرع أميركيين كانوا متواجدين بداخله، وهي الضربة التي أدت في ذلك الوقت إلى مصرع ابنة متبناة للقذافي، وقالت إن قوات quot;الناتوquot; يجب أن تكون قد تعلمت الدرس من ذلك الاعتداء الذي أتاح للقذافي الفرصة لتعزيز مركزه وتقديم نفسه باعتباره بطل ليبيا الذي يتصدى للعدوان الأجنبي.

أفول quot;القاعدةquot;

وفي عدد الـquot;فاينانشيال تايمزquot; الصادر الاثنين الماضي ذكرت quot;رولا خلفquot; محررة شؤون الشرق الأوسط بالصحيفة القراء في مقالة تحت عنوان:quot;القاعدة هُمشت بفعل صعود الاحتجاجات السلمية العربيةquot;، بأنه منذ عقد من الزمان تقريباً أعتبر البعض أن بن لادن دخل في مواجهة مع الغرب بعد أن قام تنظيم quot;القاعدةquot;، الذي يرأسه بتوجيه ضربة مدوية لمراكز القوة التجارية والسياسية والعسكرية الأميركية في الحادي عشر من سبتمبر. هذا التنظيم انتهج طريق العنف المسلح كسبيل وحيد وفعال- من وجهة نظر اتباعه- في مواجهة الأنظمة المستبدة في العالم العربي والإسلامي، كما أنه هو الوسيلة الوحيدة لمواجهة الولايات المتحدة الأميركية باعتبارها الدولة الراعية لتلك الأنظمة، والتي تساعد على إدامه وجودها في الحكم واستبدادها بالإضافة بالطبع إلى مواقفها المعروفة المعادية للعرب والمسلمين والتي تتبدى بشكل واضح في تأييدها المطلق لإسرائيل هذا التأييد الذي كان يحظى به بن لادن وتنظيمه من قطاعات من الشعوب العربية والإسلامية تراجع في الوقت الراهن بسبب موجة الاحتجاجات السلمية التي تجتاح العالم العربي في الوقت الراهن، فتلك الاحتجاجات تمكنت من خلال اتباع أساليب التظاهر والاحتجاج السلمي في بحر أيام قليلة بالنسبة لتونس ومصر، وفي بحر شهور كما هو متوقع بالنسبة لباقي الاحتجاجات المحتدمة في العالم العربي من تحقيق ما لم تتمكن quot;القاعدةquot; من تحقيقه في سنوات طويلة من خلال العنف. في هذه الاحتجاجات لم يعد بن لادن ولا quot;القاعدةquot; يمثلان البطولة، وإنما الذي أصبح يمثلها هم الشباب الذين ينتهجون الوسائل السلمية، وينادون بتحقيق أشياء لم تناد بها quot;القاعدةquot;، وهي الديمقراطية والتعددية والعدالة الاجتماعية وبالوسائل السلمية، وليس عن طريق الجهاد وإراقة الدماء. وتشير الكاتبة أن تنظيم القاعدة يمكنه بالطبع الاستفادة من النتائج التي تمخضت عنها بعض تلك الاحتجاجات كالصراع الأهلي في ليبيا وإلى حد ما في اليمن وربما في سوريا أيضاً للعمل وتحقيق بعض التواجد والنفوذ ومحاولة استعادة القوة ولكن ذلك سوف يكون في المدى القصير أما في المدى الطويل فلن تتمكن من تحقيق شيء.

الشرير الجديد

quot; لمدة عشر سنوات، ملأ أسامة بن لادن فراغاً تركه السوفييت. فمن الذي سيكون الشرير الجديدquot; هكذا عنون quot;آدم كيرتسquot; مقاله في عدد quot;الجارديانquot; الصادر أول من أمس الثلاثاء الذي يرى فيه أنه على الرغم من أنه أسامة بن لادن كان في نظر الولايات المتحدة والغرب مجرماً قاتلاً أزهق أرواح الآلاف من الأبرياء، إلا أنه كان من ناحية أخرى quot;هدية من السماءquot; لتلك الدول لأنه وفر لها العدو الاستراتيجي الذي اختفى بتهاوي الشيوعية بسقوط جدار برلين عام 1989. فحديث بن لادن عن quot;العدو القريبquot; وquot;العدو البعيدquot; واعتبار الولايات المتحدة هي quot;العدو البعيدquot; الذي يجب شن الحرب والجهاد المقدس عليه ثم قيامه بعمليات فعلية لضرب المصالح الأميركية كل ذلك أوحى لمجموعة من quot;المحافظين الجددquot; من الذين عملوا مع ريجان بانتهاز الفرصة واعتبار أن بن لادن وتنظيم quot;القاعدةquot; والإسلام هو عدو أميركا الاستراتيجي، الذي حل محل إمبراطورية الشر (الاتحاد السوفيتي). ويختتم الكاتب مقاله بالتساؤل عن نوعية العدو الاستراتيجي الجديد الذي سيحل محل ابن لادن بعد مصرعه وإن كان يرى في الوقت نفسه أن العدو والقصة المرتبطة به غالباً ما تقوم بصياغتها الأطراف الأكثر قوة، وأن أميركا قد لا تكون هذه المرة هي من تصوغ قصة العدو الاستراتيجي خصوصاً إذا أُخذ في الاعتبار كل ما يثار عن أفول القوة الأميركية في الوقت الراهن.

إعداد: سعيد كامل