خالد صاغية


بات للثورات العربيّة حليف جديد. رئيس الولايات المتّحدة الأميركية، باراك أوباما، أعلن شخصياً، أمس، تأييده للثورات. حدث ذلك بعدما بذلت إدارته قصارى جهدها لإطالة أمد صلاحيّة الرئيس المصري حسني مبارك، وبعد رفض عنيد لوصفه بالديكتاتور. وحين كان laquo;البلطجيّةraquo; يقودون واقعة الجمل في ميدان التحرير، كان المتحدّث الرسمي للبيت الأبيض يتلعثم بكلّ أنواع العبارات غير المفهومة. وعلينا ألا ننسى laquo;العزيز جيفraquo; العائد إلى بيروت، حين نظّر للثورة التونسيّة على أنها حدث شديد الخصوصيّة. جيفري فيلتمان الذي غلبه الشوق إلى أبطال laquo;ويكيليكسraquo;، يعود إلى المنطقة ليحصي خسائره، ويعمل على تعويضها، بعدما أودت الثورات الشعبيّة بأصدقائه وحلفائه.
لا يستعاد هذا الماضي القريب للشماتة، بل للقول إنّ وقوف أوباما إلى جانب الثورات ليس إلا من باب الالتفاف عليها، عبر تشجيع ثورات مضادة في مصر وتونس وغيرهما من أجل تحويل التغيير في العالم العربي إلى نوع من التغيير الذي هندسه جيفري فيلتمان في لبنان بعد 2005: تغيير من أجل أن يبقى كلّ شيء على حاله. وما يزيد من رجاحة هذا القول هو ادّعاء أوباما تغيير سياسة الولايات المتحدة في المنطقة، حتّى لا يزيد الشرخ الحاصل بينها وبين شعوب الشرق الأوسط. لكنّ أوباما يعلم أنّ هذا الشرخ وُجد أساساً بسبب القضيّة الفلسطينيّة، وإصرار الولايات المتّحدة على توفير كلّ وسائل الدعم لإسرائيل حتّى تتمكّن من الاستمرار في ارتكاب جرائمها ضدّ الشعب الفلسطيني. وفي هذه القضية بالذات، لم يقدّم الرئيس الأميركي أيّ شيء جديد، وبدا الجزء من خطابه الذي تطرّق إلى هذه القضية، الجزء الأكثر بهتاناً. فضلاً عن اعتباره خطاب العداء لإسرائيل، مثله مثل الطائفية، مجرّد أداة من أدوات الاستبداد.
يحلم أوباما إذاً بعالم عربي يثور شبابه من أجل تغيير حلفاء أميركا بحلفاء آخرين لأميركا أكثر تناسباً مع روح العصر (الموضوع لا يشمل السعوديّة طبعاً)، على أن يجرف هذا التغيير في طريقه أيّ مشاعر عدائيّة تجاه إسرائيل. فهذه الأخيرة تأتي، وفقاً للرواية الأميركيّة، في laquo;باكدجraquo; واحد مع الديموقراطيّة وحقوق الإنسان والسوق الحرّة.
ترى، هل الصدفة وحدها هي التي جعلت الثورات العربية تنجح في الأماكن التي وقفت الولايات المتّحدة ضدّها؟