''الاقتصادية'' من واشنطن

يعد ما نشرته صحيفة ''نيويورك تايمز'' وما بثته محطة ''سكاي نيوز'' التلفزيونية من وجود أدلة ومعلومات استخباراتية تفيد بضلوع إيران وحزب الله في التخطيط والتدريب لهجمات 11 سبتمبر 2001، بوابة انكشاف تنظيم القاعدة واستخدامه من قبل إيران، وإعادة توجيهه لخدمة مصالحها الخارجية،وإثارة الولايات المتحدة ضد الدول السنية واتهامها برعاية الإرهاب ومصادره، وإن كانت طهران وبحسب التحقيقات التي جرت مع أعضاء في تنظيم القاعدة والذين كشفوا فيها علاقتهم بطهران وتلقيهم تدريبات في الجوانب الإلكترونية ومعلومات استخباراتية وعمليات تفجير متقدمة، فإن الحرب في العراق وملفاتها السرية تؤكد ضلوع طهران في التمويل والتدريب والتسليح، وإن وجود أعضاء من التنظيم في ضيافة إيران ورعايتها يفتح أسئلة عديدة حول سر الانقلاب الكبير في قيادة تنظيم القاعدة بعد مقتل زعيمه، فقد كانت المؤشرات تفيد بأن أيمن الظواهري سيكون زعيما لهذا التنظيم؛ فبرز اسم سيف العدل ليكون زعيما للتنظيم والذي تربطه علاقات بإيران والحرس الثوري، فهو مهندس علاقات القاعدة مع إيران وحزب الله، والمعلومات الاستخباراتية تفيد بأن إيران كانت وراء دعمه زعيما للقاعدة. وعليه، لا جدال اليوم بعد انكشاف مسرحية الإرهاب الكبيرة الممتدة من 2001 إلى مرحلة سقوط بن لادن 2011، ففي نهاية المرحلة تتكشف مزيد من الحقائق وتتأكد المعلومات، فبعد أن أثبتت الحرب في العراق وفي صعدة عن وجود تعاون واستخدام وتوظيف كبير بين تنظيم القاعدة وإيران، جاءت شهادات رجال الاستخبارات الإيرانية (المنشقين عنها) لتؤكد هذه العلاقة ولتعزز ارتباط التنظيم بعلاقة استراتيجية مع طهران، في وقت تؤكد مصادر دبلوماسية غربية أن اختراق إيران للقاعدة هو من سهل مهمة سيف العدل لتولي قيادة تنظيم القاعدة، فقد كان سيف العدل ضيفا على الحرس الثوري الإيراني، وكان ضابط الاتصال والتنسيق بينها وتنظيم القاعدة منذ 2002، وكان من بين قيادات القاعدة التي لجأت إلى طهران عام 2003 وكانت طهران تشرف على تدريبات بعض أعضاء تنظيم القاعدة في معسكر تابع للحرس الثوري وفيلق القدس قريبا من الحدود مع العراق، وتقوم بعمليات التمويل، وهي التي مكنته من الدخول إلى العراق وصعدة في اليمن، فقد تبنت طهران فكرة الحرب بالوكالة وبدأت استثمار وإعادة توجهه علاقاتها بالقاعدة لخدمة مصالحها الإقليمية وقد أظهرت اعترافات العديدين من منسوبي القاعدة في اليمن أن الاستخبارات الإيرانية كانت وراء تدريبهم ودعمهم وتمكينهم، واستخدامهم.

اليوم، وبعد أن أصبح سيف العدل قائدا لتنظيم القاعدة تطرح دوائر الاستخبارات الغربية والأمريكية أسئلة عديدة حول الإرهاب الموجه والذي يعتمد على الدعم الإيراني، وكيف تستخدمه طهران سرا لتحقيق أهدافها، بينما يضع اللوم على الدول والمجتمعات السنية وتتهم بأنها مولدة للإرهاب.

ويرجح الخبراء أن يكون سيف العدل مقيما في إيران وأنه يتحرك في أفغانستان والحدود الباكستانية برعاية إيرانية،ويرى الخبراء في الجانب الأمني أن تحييد الدكتور أيمن الظواهري عن خلافة بن لادن ربما يكون خلفها التيار القاعدي المتعاون وطهران وأنهم فرضوا العدل على قيادة القاعدة، في وقت تنفي طهران وجوده فيها وتؤكد أنها أطلقت سراحه عام 2003، ويعد هذا مخالفا للقرارات الدولية الخاصة بتسليم المطلوبين، وبالتالي فكل المؤشرات تفيد بأن الاستخبارات الإيرانية تمكنت من أن يكون لها أبرز اثنين من قياديي التنظيم وهما سيف العدل، وعطية عبد الرحمن الذي تعتبره واشنطن الرجل الثالث في التنظيم، وهو ينشط في المناطق القبلية الباكستانية، إضافة إلى أبو حفص الموريتاني وهو من أبرز معاوني ومستشاري بن لادن والمرشح أن يكون مسؤولا عن الأمن الخارجي في تنظيم القاعدة، وهو على علاقة خاصة بطهران، ومهندس التحول في طبيعة عمل القاعدة وعدم تركيزها على البعد الإيديولوجي العقدي في علاقاتها، وهو من أشرف على اندماج الجهاد الإسلامي بتنظيم القاعدة.

مانشرته نيويورك تايمز وفوكس نيوز مؤخرا من وجود أدلة على علاقة طهران بتنظيم القاعدة، وتحديدا بأحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001 وأنها كانت مشاركة في الإعداد والتخطيط ورعايتها للعمل الإرهابي هي وحزب الله، وأنهما ساعدا في عمليات التدريب والسفر لمجموعة الانتحاريين ومساعدة الإرهابيين على الهرب والفرار وتوفير الملاذ الأمن لهم في إيران وجنوب لبنان، وبغية إثارة العالم ضد الدول الإسلامية السنية واتهامها بالتفجيرات، وبعد تكشف الحقائق حول مقتل شخصيات شيعية في العراق ولصق التهم بتنظيم القاعدة، والتقارير الاستخباراتية التي كشفت وجود مخطط إيراني لاستهداف القيادات الشيعية العربية، ونسب عمليات الاغتيال تلك للحكومات السنية وإثارة بلبلة طائفية ومذهبية في المنطقة، يجعل إمكانية التأكيد بأن إيران على علاقة بتنظيم القاعدة وبهجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 أمرا مؤكدا وغير قابل للنقاش.

ما تناقلته الصحافة الأمريكية من وجود دليل قوي على علاقة طهران بهجمات 11 سبتمبر 2001 وكذلك علاقة حزب الله وتتبعه سفر الإرهابيين إلى إيران في تشرين الثاني عام 2000 أي قبيل الأحداث بعام،وهو ما دفع الكثيرين من الخبراء لطرح أسئلة عديدة طرحت سابقا عن أن ما جرى في 2001 إما أن يكون بتخطيط أمريكي أو بمساعدة دولة خارجية، لديها إمكانات تدريبية هائلة.

هناك مؤشرات ودلائل عديدة تؤكد أن طهران على علاقة بتنظيم القاعدة وبالإرهاب وبتفجيرات 11 أيلول (سبتمبر) وبغيرها من التفجيرات، ولعل من بين هذه المؤشرات، رعاية طهران للإرهاب واستقطابها أعضاء في تنظيم القاعدة وتدريبهم وتمويلهم وعدم تسليمهم للأمم المتحدة، وأيضا دعم تنظيم القاعدة في العراق وتسليحه، واغتيال شخصيات عراقية وإثارة الشيعة ضد السنة، والجيش الأمريكي ضد السنة، ومحاولتها تأليب الولايات المتحدة ضد الدول العربية باعتبارها راعية للإرهاب وأنها تعمل بالضد من استقرار العراق، وأيضا دعمها المادي والعسكري والأمني للحوثيين ولحزب الله ولحركة حماس وبخاصة الجهاد الإسلامي ذات التوجه والامتداد لحزب الله.

كما أكدت المعلومات أن وزارة اطلاعات الإيرانية شكلت في وقت سابق تنظيما عسكريا سريا يقوم بأعمال التفجيرات والاغتيالات ويتم نسبتها لتنظيم القاعدة وهو ما أكدته صحيفة صنداي تايمز البريطانية نقلا عن مصادر إيرانية من أن إيران تقوم بتدريب الآلاف من الانتحاريين المستعدين لضرب أهداف بريطانية أو أمريكية في حال تعرضت المنشآت النووية الإيرانية لهجوم، إضافة أيضاء إلى تزايد أعداد المجموعات الطائفية الموالية لإيران في جنوب العراق ودعمها للحركات المتطرفة في المنطقة، فإن كل هذه النقاط تعزز من حقيقة وجود التنظيم المسلح الجديد الذي تحدثت عنه المصادر المختلفة والذي تريده إيران حزاما لحمايتها وأداة لتدخلها وعنوانا لإثارة الفوضى، ونستطيع القول إن الاغتيال الأخير للدبلوماسي السعودي في كراتشي والذي جاء بعد مقتل زعيم القاعدة وبعد تعيين سيف العدل زعيما لتنظيم القاعدة قد يكون بدعم وتخطيط من الاستخبارات الإيرانية.