صنعاء

اختار الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الهروب إلى الأمام عبر مواجهة أقوى شيوخ القبائل في اليمن على أمل إضعاف الحركة الاحتجاجية في الشارع، حسبما أفاد محللون تخوف بعضهم من إمكانية الاتجاه نحو quot;سيناريو ليبيquot;. واندلعت المواجهات العنيفة الإثنين بين القوات الموالية لصالح ومناصري الشيخ صادق الأحمر زعيم قبائل حاشد النافذة، وذلك غداة إعلان الرئيس رفضه التوقيع على المبادرة الخليجية التي تنص على انتقال سلمي للسلطة في البلاد. وقال فرانك ميرمييه الخبير الفرنسي في شؤون اليمن quot;أمام هذا الحائط المسدود الذي أقامه بنفسه، اختار صالح استراتيجية (إشاعة) الفوضىquot;. وأضاف الخبير quot;لقد قرر الرئيس على ما يبدو إما أن يطلق حربا أهلية، وإما أن يتسبب في مواجهات لدفع آخرين إلى التدخلquot;. وبحسب ميرمييه الذي يعمل في المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية، فإن صالح قد يدفع مجلس التعاون الخليجي باتجاه quot;إطلاق وساطة جديدة مع مبادرة تكون لصالحهquot; إكثر من المبادرة السابقة التي تنص على تنحيه. وتنص المبادرة التي رفض صالح توقيعها على تشكيل حكومة وحدة وطنية وتنحي صالح في غضون 30 يوما بعد حصوله على ضمانات بعدم ملاحقته، ثم تنظم انتخابات رئاسية في غضون 60 يوما. وبعد أن رفض توقيعها، حذر صالح من quot;حرب أهليةquot; في اليمن الذي يشهد منذ كانون الثاني (يناير) انتفاضة شعبية مطالبة برحيله بعد 33 عاما من الحكم. وقال ميرمييه quot;من خلال العنف، يسعى صالح أيضا إلى تهميش الحركة الاحتجاجية السلميةquot;، ويرى أن صالح quot;لم يعد يملك الكثير من الأوراقquot;. وفي الواقع، أدت التغطية المكثفة للاشتباكات في صنعاء إلى حجب الأضواء نسبيا عن اعتصامات الشباب المطالبين بإسقاط النظام، مع العلم أن أعداد المعتصمين تضاءلت على وقع المواجهات بسبب الخوف من العنف وبسبب انضمام بعض المحتجين إلى صفوف مناصري الشيخ الأحمر.

وخلص ميرمييه إلى القول إنه quot;لا يجب أن ننسى بأن صالح فجر المعارك بعد خطابه الذي حذر فيه من الحرب الأهلية وأكد فيه أن الإخوان المسلمين المتمثلين بالتجمع الوطني للإصلاحquot; وهو مكون أساسي في المعارضة قريب من آل الأحمر quot;متحالفون مع القاعدةquot;. من جانبه، اعتبر رئيس مركز أبحاث المستقبل في صنعاء فارس السقاف أن quot;إرادة الرئيس الآن هي أن يخلط الأوراق ويربك المشهد.. إنه هروب إلى الأمام وتهرب من الاستقالةquot;. وأضاف quot;يبدو أن الرئيس يريد أن تبدأ حرب أهلية بما يشمل وحدات الجيش الخصمةquot; وعندها quot;اذا جاءت مبادرة خليجية جديدة فستقوم على أساس التهدئة وليس التنحيquot;. وحتى الآن، لم تدخل قوات اللواء المنشق علي محسن الأحمر المنتشرة في صنعاء في المعارك الدائرة. وبحسب السقاف، فان معسكر صالح هو الأقوى quot;لأنه يمتلك الأسلحة الثقيلة والطيرانquot;، بالرغم من الإمكانيات الكبيرة التي يملكها آل الأحمر والذين يمكنهم أن يحشدوا الآلاف المقاتلين المدججين بالسلاح بحسب المحللين. ولكن في الوقت ذاته، فإن قسما كبيرا من الجنود هم من أبناء القبائل، ويمكنهم بحسب السقاف أن يقدموا انتماءهم القبلي على الانتماء العسكري، ويمكن أن ينضموا إلى الأحمر. أما المحلل السعودي عبد العزيز الصقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث في دبي، فيرى أنه quot;لا خيار آخر لصالح إلا اللجوء إلى العنف طالما هو غير مقتنع بالتنازل عن السلطةquot;. وبحسب الصقر، فإن صالح quot;مقتنع أنه لا بديل عنه دولياquot; وquot;الشيء الوحيد الذي يمكن أن يوقف المعارك هو رسالة واحدة قوية من قبل المجتمع الدوليquot;. وأعرب الصقر عن الخشية من توجه اليمن إلى سيناريو ليبي إذا ما تسبب الرئيس بمواجهات شاملة مع القبائل في البلاد. وبحسب الصقر، فإنه إذا انزلق اليمن إلى أتون العنف، فالانقسام سيكون واردا، لكن ليس إلى شطرين، بل إلى أربعة. والأشطار الأربعة هي بحسب الصقر صنعاء ومنطقتها، وإمارة الحوثيين في الشمال، وشبوة التي قد تكون منطقة عازلة، واليمن الجنوبي السابق (عدا شبوة).