عصام نعمان
في قديم التاريخ، انهار سد مأرب وطغى السيل العرم، فتشرد أهل اليمن وتفرقوا في أربع جهات دنيا العرب .في حاضر التاريخ، تهدد رياح التغيير وتدخلات الخارج وحدة اليمن بالانهيار، فماذا يبقى من شعب اليمن إذا ما جرفه السيل العرم للانقسام والانفصال؟
في الواقع، وحدة اليمن تصدّعت منذ زمان . صدعها ما يجري في الجنوب، والحرب على الحوثيين في الشمال، واستبداد الحكم وفساده في الوسط .
الانتفاضة الشبابية ضد نظام علي عبدالله صالح أعادت توحيد اليمنيين شعورياً ونفسياً ووطنياً، فهل تنجح في إعادة توحيدهم سياسياً وإدارياً؟
صرخ الشباب: ldquo;الشعب يريد إسقاط النظامrdquo; . هل النظام شيء آخر غير علي عبد الله صالح؟ أليس هو الاسم الحركي لعلي عبد الله صالح؟
صرخ الشباب: ldquo;ارحل، ارحلrdquo;! المطلوب رحيله هو الرئيس . ألا يعني رحيل الرئيس، في الواقع، رحيل النظام؟
حسناً، رحل الرئيس مضرجاً بدماء أخطاء تجربته المرّة، فهل رحل معه النظام؟
الحقيقة أن النظام انهار، وسيرحل ما تبقى من رموزه وأدواته، عاجلاً أو آجلاً . الرحيل لن يكون، بالضرورة، إلى دولة عربية بل من السلطة إلى خارجها . فلماذا لا يكون هادئاً ولائقاً ليتفادى شعب اليمن ترحيل وحدته مع الراحلين؟
وحدة اليمن اليوم على مفترق وفي خطر شديد، فهل يدرك شباب اليمن أن إنقاذها وتوطيدها أولوية مطلقة؟
ليست القوى الشبابية وحدها مؤتمنة على وحدة اليمن وبالتالي مسؤولة عن أولوية إنقاذها وتوطيدها . ثمة قوى أخرى في ساحة الصراع ناشطة وفاعلة، لكنها ليست، بالضرورة، ناهضة بمسؤولية الدفاع عنها كما القوى الشبابية . فالوحدة مسؤولية الشباب بالدرجة الأولى لأن فيها مستقبله . الوحدة ليست تركة الماضي بقدْر ما هي ثروة المستقبل وآفاقه، فهل يعقل أن يتركها الشباب تموت في الحاضر ليموت هو معها دونما مستقبل؟
من أين يبدأ الشباب الدفاع عن الوحدة؟
لعل المبتدأ في التنادي إلى إقامة جبهة أو هيئة وطنية عريضة للقوى السياسية الملتزمة وحدة اليمن وديمقراطيته، تتمثل فيها جميع مناطق البلاد وقيادة القوات المسلحة، وتأخذ على عاتقها تحقيق غايتها من خلال الإجراءات الآتية:
التوافق على الاحتكام إلى الشعب، من خلال انتخابات تشريعية ورئاسية، سبيلاً وطنياً ودستورياً للانتقال بالبلاد إلى نظام الشورى والديمقراطية في خلال فترة انتقالية لا تتجاوز الأشهر الستة .
- التوافق على أن يكون نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي قائماً بأعمال رئاسة الجمهورية خلال الفترة الانتقالية .
- تأليف حكومة وطنية جامعة لتقود البلاد في الفترة الانتقالية، تتمثل فيها جميع القوى السياسية الوطنية وقيادة القوى المسلحة، لتنهض بمسؤولية حماية الوحدة وبناء الدولة المدنية الديمقراطية، على أن تكون الجبهة أو الهيئة الوطنية مرجعيتها المرشدة .
- تقوم الحكومة الانتقالية، بموافقة الجبهة أو الهيئة الوطنية، بوضع قانون ديمقراطي للانتخابات، يُستحسن أن يكون على أساس التمثيل النسبي . كما تشكل الحكومة، في ضوء أحكامه، هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات التشريعية والرئاسية وإدارتها، مؤلفة من قضاة وشخصيات وطنية مستقلة مشهود لها بالاستقامة والنزاهة .
- تتوقف مع بدء الفترة الانتقالية جميع التظاهرات والاعتصامات وترفع جميع الحواجز والمظاهر المعوّقة للأمن والنظام العام، وتتوقف جميع الإجراءات والملاحقات القضائية الناشئة عن الحالة الثورية السابقة لقيام الحكومة الوطنية الانتقالية، على أن يتولى مجلس النواب الجديد وضع الأسس والتشريعات المتعلقة بتعديل الدستور، أو سن دستور جديد، وبمحاسبة المسؤولين عن خرق الدستور والقوانين النافذة، وبتفعيل أجهزة المراقبة والمحاسبة، وبملاحقة المسؤولين عن الفساد والمفسدين .
إن ضمانة التوجّه بالسرعة الممكنة إلى الفترة الانتقالية وإجراءاتها تتأمن بأن يتولى اليمنيون أنفسهم من خلال الإجراءات والخطوات المار ذكرها، مهام حماية وحدة البلاد والانتقال إلى النظام الديمقراطي بعيداً من التدخلات الخارجية أياً يكن مصدرها أو شكلها . ذلك أن الاستعانة بقوى أجنبية أو الركون إليها يؤدي إلى تأجيج الخلافات المحلية وربما إلى رهن البلاد لمصالح أجنبية منافية للمصالح الوطنية العليا .
اليمن على مفترق وفي ذمة اليمنيين، فلتكن إرادة الوحدة رافعة الخلاص الوطني وبناء الدولة الديمقراطية .
التعليقات