إيمان إبراهيم

ما ان بدأت فورة المسلسلات اللبنانية منذ عامين، حتى استبشر المراهنون بعودة هذه الدراما إلى أمجادها السابقة بالخير، خصوصا أن مستوى ما عرض من أعمال لبنانية كان يبشر بالخير، إلا أن كل هذه الآمال ما لبثت أن ذهبت أدراج الرياح، بعد المنحى الجريء الذي بدأت تسلكه هذه الأعمال، تحت حجة سقوط المحرمات.

ما أن بدأت قناة MTV اللبنانية قبل أسبوعين، بعرض مسلسل كازانوفا للكاتبة كلوديا مرشيليان، حتى بات المشاهد على يقين أن أبرز ما باتت تراهن عليه الدراما اللبنانية، هو عامل الجذب الكامن في المشاهد الجريئة إلى حد الصدمة، مع تصنيف هذه الأعمال في خانة للراشدين فقط، وهو خط انطلق قبل سنة مع مسلسل مدام كارمن للكاتبة نفسها، ويبدو أنه سيستمر أقله على الشاشات اللبنانية مع استحالة أن تعرض القنوات العربية مسلسلات المفترض أن تصنف في خانة البرامج العائلية.
ومن حلقته الأولى، بدا مسلسل كازانوفا الذي يعالج مشكلة شاب ينفس عن عقده النفسية من خلال تعدد علاقاته النسائية، في إطار جريء جدا، مع شخصيات نافرة جدا، وحوارات تثير الدهشة بقدر ما تثير الصدمة من تساهل الرقيب اللبناني الذي كان يمنع فيلما بأكمله لأسباب واهية.
في المسلسل تخترق الكاميرات غرف النوم، ولحظات حميمة لا نشاهدها في العادة إلا في الأفلام السينمائية، مع تركيز على عري الممثلات، وتأوهاتهن في مشاهد تكاد تصنف في خانة الإباحية.
صناع المسلسل يبررون جرأة مشاهده وحواراته بجرأة المواضيع التي يعالجها، وبأنه يعرض تحت خانة laquo;للراشدين فقطraquo; رغم أنه يعرض عند الساعة التاسعة والنصف مساء أي في وقت مخصص لبرامج العائلة والمراهقين.
مدام كارمن
ويأتي هذا المسلسل استكمالا لسلسلة laquo;للراشدين فقطraquo; الذي بدأتها الكاتبة كلوديا مرشيليان مع مسلسل مدام كارمن الذي عرض في حلقته الأولى بنسختين، الأولى عند الساعة التاسعة والنصف مجتزأة مع التنويه من خلال شريط إخباري بث في أسفل الشاشة، من أن الحلقة تتضمن مشاهد محذوفة ستعرض كاملة بعد منتصف الليل. وكانت المفاجأة أن المشهد المحذوف هو لعارضة روسية عارية تمارس الدعارة مع رجل كبير في السن، وبدا أن عرض المشهد بعد منتصف الليل لم يكن الهدف منه سوى اصطياد الجمهور، لاسيما أن الحلقة عرضت محذوفة من دون أن يؤثر الحذف على مجرى أحداثها، ولو لم تعرض كاملة بعد منتصف الليل، لما تنبه أي من المشاهدين أن ثمة أحداثا فاتته.
تشويه متعمد
وجاء بعده مسلسل أجيال الذي صور عائلات لبنانية تقيم في مجمع سكني، في تشويه متعمد للمجتمع اللبناني من خلال شخصيات نافرة، فالزوجة تخون زوجها مع ابن الجيران، وتغادر منزل الزوجية وتقيم مع حبيبها في منزل اقاربه في المجمع نفسه، وابنة السادسة عشرة تغوي حبيب جارتها لترغمه على الزواج منها كي تتخلص من الاقامة الجبرية في منزل أهلها، أما الجارة فهي امرأة مطلقة، تستقبل حبيبها الذي يقضي ليلته في منزلها على مرأى ومسمع من أولادها، عدا عن الفتيات المثليات والرجال عبدة الشيطان وغيرها من الشخصيات التي قام عليها مسلسل لم يكن يهدف الا لصدم المشاهد في لعبة لا تمت الى الدراما والفن بصلة.
الدراما اللبنانية بحلتها الجديدة، قد لا تجد بسهولة طريقها الى القنوات العربية، فإذا كانت معظم المحطات تحذف مشهد القبلة في المسلسلات التركية، فكيف ستعرض مسلسلات قائمة بالأساس على الشهرة؟
هروب من الرقابة
وبعيدا عن تسويق الاعمال اللبنانية عربيا، يبرز التساؤل عن أسباب تقاعس الرقيب عن أداء دوره، الا ان الواقع يؤكد ان الرقيب لا سلطة له على الاعمال التي تعرض على القنوات الفضائية التي لا تملك محطات أرضية في لبنان، مثل قناتي MTV و OTV اللتين تمكنتا من الهرب من الرقابة، حيث لا تخضع الاعمال المنتجة من قبلهما لا لإجازة تصوير ولا لإجازة عرض، وهي مهمة موكلة بالأمن العام اللبناني، الذي يتشدد بطريقة قد تستفز صناع الفن في لبنان، خصوصا ان المهمة منوطة برجل شرطة، وليس برقيب يتذوق الفن ويفهم أبعاده بصورة أكثر حرفية.
وانطلاقا من لعبة الرقابة والفضائيات، تبدو محطات لبنان مثل الـLBC وتلفزيون الجديد، و laquo;المستقبلraquo; أقل قدرة على تجاوز المعايير الرقابية، وإن كانت المسلسلات التي تعرض عبر تلك المحطات قد تخطت ما كان يعرف بالخطوط الحمر في الدراما اللبنانية، لتصبح نسخا مكررة من مسلسلات تركية لم تترك مجالا للمنافسة.