داود الشريان


أمس نشرت صحيفة laquo;المصري اليومraquo; ملخصاً للمذكرة التي قدمها المستشار هشام البسطويسي، نائب رئيس محكمة النقض، المرشح المحتمل لانتخابات رئاسة الجمهورية، وهي تتضمن 8 مواد تحدد وضع الجيش في الدستور والدولة الجديدة. وتشير الورقة إلى laquo;أن الدولة وحدها هي التي تنشئ الجيوش، ومهمتها حماية البلاد، وضمان عدم الانقلاب على المبادئ فوق الدستورية، ويقوم على شؤونها مجلس أعلى برئاسة القائد العام وعضوية قادة الأسلحة، ويختص هذا المجلس وحده بوضع لائحة عمله، وإنشاء مجلس دفاع وطني برئاسة رئيس الجمهورية، وعضوية القائد الأعلى للقوات المسلحة، ورئيس الأركان، ويختص المجلس دون غيره بالنظر في موازنة القوات المسلحة ومناقشة بنودها، والشؤون الخاصة بوسائل تأمين البلادraquo;. وطالبت الورقة بـ laquo;ضرورة استطلاع رأي القوات المسلحة قبل إصدار أي تشريع يتعلق بها، واختصاص القضاء العسكري دون غيره في الفصل في الجرائم العسكرية، وأن رئيس الجمهورية هو الرئيس الأعلى للقوات المسلحة ويختص وحده بتوجيهها أو توجيه أحد تشكيلاتها لأداء مهام خارج حدود الوطن، أو الدفاع عن حدوده، بعد موافقة المجلس الأعلى، ومجلس الدفاع الوطني، والبرلمانraquo;.

لا شك في أن تسريب الورقة الى وسائل الإعلام قبل وضع الدستور الجديد للدولة المصرية يؤكد رغبة الجيش في التموضع في الحياة السياسية في مصر. فالورقة تقول بوضوح إن الجيش هو صاحب السلطة النهائية في مصر، فرئيس الجمهورية، وفق الورقة، مجرد موظف يخضع استمراره من عدمه لرضا المجلس الأعلى للقوات المسلحة، فضلاً عن أن المؤسسة العسكرية ستحتفظ بامتيازاتها المالية على نحو يعد سابقة في تاريخ الجيوش، فبنود موازنة الجيش سرية، وهي سترد في الموازنة العامة للدولة برقم واحد من دون تفاصيل، وليس للقانون سوى طريقة إعدادها، أما صرفها فيخضع لرأي الجيش، ورغبات قادته.

الأكيد أن مذكرة laquo;البسطويسيraquo; دعوة لتسليم الجيش مقاليد الحكم، وبداية لرسم صورة الحياة السياسية في جمهورية مصر العربية في السنوات المقبلة. هذه الورقة ستصبح خلال الأيام المقبلة الشغل الشاغل للنخب السياسية المصرية، وهي ربما شهدت صياغات وتعديلات، لكن إطلاقها بهذه الصيغة يعني ان الجيش قرر تطبيق المثل القائل: laquo;اضربه بالموت يقنع بالمرضraquo;، وأن الجيش سيبقى يحكم مصر لنصف قرن مقبل على الأقل، أو حتى يبعث كليب بن وائل في قتلى ميدان التحرير.