محمد الهرفي


المتابع للإعلام السوري يدرك حجم التخبط الذي يمارسه هذا الإعلام وعلى جميع المستويات ويدرك بالتالي أن الدولة التي يمثلها هذا الإعلام لا يمكن لها الاستمرار ولا البقاء ولا الاستقرار.
وفي الوقت الذي تمارس فيه كل الجهات الأمنية في سورية أبشع أنواع القتل والإجرام وتحت سمع وبصر العالم كله يأتي الاعلام السوري الرسمي ورجاله لينفوا كل ذلك بصورة تثير الأسى والشفقة على هذا الإعلام البائس كما تثير في الوقت نفسه السخرية مما يردده هؤلاء عن أسباب المظاهرات وكأنهم يعيشون في عالم آخر غير الذي نعيش فيه والمؤسف أن بعض من يردد هذا الكلام البائس أستاذ في جامعة أو شيخ معمم أو محلل سياسي أو ما شابه ذلك من ألقاب لم يحافظ عليها أصحابها اما خوفا وإما طمعا.فالنائب الإسلامي محمود حبش في مقابلة تلفزيونية معه بدأ فيها بالترحم على أرواح الشهداء الذين لا يعرف من قتلهم حتى الآن.مئات القتلى وفي كل المدن السورية وقراها والنائب المحترم لا يعرف من قتلهم، أعتقد أن هذا النائب يعرف جيدا من قتلهم لكنه يخشى التصريح بما يعرف حتى لا يضاف إليهم فلا يعرف من قتله.

وعلى نفس المنوال لايزال الإعلام السوري والناطقون باسمه منذ بداية الثورة وحتى الآن يصرون على أن هناك قطاع طرق وجماعات مسلحة وهم الذين يقومون بقتل المواطنين في كل مكان.

لكنهم لم يستطيعوا حتى الآن إقناع أحد بأن دولتهم لا تستطع الإمساك بأحد من هذه الجماعات على كثرتها وتحديد هوية أصحابها وأهدافهم إلى غير ذلك من المعلومات التي لا يصعب على أي دولة الحصول عليها فكيف بسورية وهي دولة بوليسية من الطراز الأول؟!

وللأسف فقد شارك في حفلة الأكاذيب مفتي البلاد ووزير الشؤون الإسلامية وبعض العلماء الذين كانت لهم مكانة في نفوس الناس ففقدوها بسوء صنيعهم ومداهناتهم مع حكومة قاتلة متوحشة وبكل المقاييس.أقول: بقي على الإعلام السوري أن يقول: إن الجماعات المسلحة هي التي تقطع الكهرباء والماء والهاتف عن المدن المحاصرة بل وهي التي تحاصر هذه المدن وتهدم منازل المواطنين وتقصفهم بالمدافع والدبابات.أما ما يقوله المواطنون فلا قيمة له عند الإعلام السوري لأن هؤلاء المواطنين لا يفرقون بين الجيش السوري والجماعات المسلحة، كما أن المواطنين البسطاء لم يعرفوا أن الجماعات المسلحة هي التي قطعت حنجرة المنشد إبراهيم القاشوش وألقت بجثته في نهر العاصي لأنه كان يلهب مشاعر الثوار بأناشيده الحماسية كما أن هذه الجماعات هي التي تقتل المواطنين المناوئين للدولة وهي ذاتها تحمي المؤيدين لها.العالم كله يدرك حجم الإجرام الذي تمارسه الحكومة السورية، ومجلس الأمن يحاول استصدار قوانين تدين تصرفات الدولة وقد تسمح مستقبلا بالتدخل في شؤونها الداخلية، وللأسف فإن الرئيس السوري يبدو وكأنه لا يقيم وزنا للوطن وأبناء الوطن وانما المهم عنده أن يبقى المتصرف الأوحد في البلاد والعباد مهما حدث بعد ذلك. وهذا الوضع لن يستمر كما يهوى الرئيس ورجاله، فالسوريون بدأوا مسيرتهم ولن تتوقف حتى تتحقق مطالبهم، والإصلاح الحقيقي وحده قد يحمي الوطن وأهله وقد يطيل عمر النظام أما الأكاذيب فلن تكتب لها الحياة.أخيرا أقول: أحسنت دول الخليج في إصدار بيانها حول أحداث سورية المؤلمة ولابد للعرب جميعا أن يكون لهم موقف جاد مع الشعب السوري فالمراهنة على الحاكم خاسرة لأنه سيزول، أما الشعب فهو الباقي.