مكرم محمد أحمد

يظل مشهد الإسلاميين بعد ثورة 25 يناير هو أخطر المشاهد وأكثرها مدعاة للقلق وخلافات الرأي, رغم حقهم الطبيعي في أن يكونوا جزءا من العملية السياسية باعتبارهم مواطنين مصريين بعد أن ثبت أن محاولات إقصائهم عن الساحة السياسية تنتج أضرارا بالغة, أخطرها إدمان السلطة عملية تزييف الانتخابات, وإهدار الدولة القانونية, وتكريس سلطة أجهزة الأمن علي مصائر الوطن والناس, وإحكام الخناق علي المواطن المصري الذي أصبح محاصرا بين خيارين لا ثالث لهما, سطوة الفساد وسطوة الشمولية الدينية.., وما يزيد من عوامل القلق أن المشهد الإسلامي لم يعد وقفا علي جماعة الإخوان المسلمين التي تمارس نشاطها منذ ثلاثينيات القرن الماضي, اصطدمت خلالها بكل أنظمة الحكم من عهد فاروق الي حكم مبارك, خاصة بعد أن عادت الجماعة الإسلامية التي مارست العنف ضد نظامي السادات ومبارك كما يقرب من عقدين كاملين الي الساحة السياسية بقوة ملحوظة, وخرجت جماعات السلفيين التي لم تكن تهتم كثيرا بالعمل السياسي من قمقمها تدعو الي تطبيق الشريعة وإقامة الدولة الدينية.
وبرغم التباين الشديد بين هذه الفرق الاسلامية التي تختلف مرجعياتها الدينية, فإن مليونية الجمعة الأخيرة التي يعتبرها كثيرون نوعا من إستعراض القوة للتيارات الاسلامية يسبق الانتخابات البرلمانية القادمة, تثبت أن لقاء هذه التيارات علي أهداف وبرامج متقاربة أمر ممكن ومتوقع, علي عكس جماعات العلمانيين وقوي الاحزاب المدنية وفصائل شباب الثورة الذين يزدادون إنقساما ويكاد يتعذر توحيد فصائلهم, ولهذه الأسباب لم تنجح مليونية الجمعة الأخيرة في توحيد صفوف الثوار علي العكس باعدت بين الاسلاميين وباقي فصائل الثورة وتجدد الخوف من إحتمال هيمنة تيار واحد علي مستقبل الحراك السياسي في مصر خلال الفترة القادمة, خاصة أن تجارب الاسلاميين في تونس والجزائر والسودان وفلسطين والصومال لم تنجح في تقديم نموذج ناجح, يقارب أو يضاهي النموذج التركي بسبب سيطرة المحافظين علي مجمل حركات الاسلام السياسي في العالم العربي.., وحسنا أن بدأ عدد من عقلاء التيار الإسلامي في الدعوة اإلي ترشيد العمل السياسي داخل هذه القوي للتركيز علي هيمنة الاسلام السياسي المنفردة علي الحراك السياسي في مصر ممكن أن تنتج أثارا عكسية يحسن تلافيها من خلال توسيع جسور التعاون بين جميع تيارات وقوي الثورة.