موفق محادين ومحمود الفقي: رحيل العقيد ومرتزقة الناتو وثواره

ذهب العقيد وجاء الجنرال والناتو
موفق محادين
العرب اليوم الأردنية
ذهب عهد العقيد القذافي, وكتبنا عنه ما كتبنا, ودخلت ليبيا عهدا جديدا, هو عهد الاستعمار الجديد وحلف الاطلسي, فما ينتظر ليبيا في ضوء ما شاهدنا وسمعنا على مدار الاشهر السابقة ليس دولة حقوق الانسان والديمقراطية المزعومة بل مزارع اطلسية وعملية نهب ولصوصية امريكية ورأسمالية واسعة النطاق كما حدث في العراق, وكذلك مناخات حروب وقتل قبلية تراجيدية مقابل جماهيرية العقيد الكوميدية.
ولم تكن كل هذه اللصوصية والجرائم الامريكية والفرنسية والبريطانية ضد ليبيا وشعبها ونفطها, ان تحصل بالطريقة التي حصلت فيها لولا اوهام العقيد نفسه والانقلاب على الهوية العربية والاستقلالية والتسديد المسبق لفاتورة التوريث التي تطلبت كما يبدو استبدال الهوية العربية بهوية وطنية مزعومة تحت شعار وقف نهب العرب (العمال) للنفط الليبي واستبدال جماهيرية الاب بدولة من كرتون (برلمان ودستور مزور).
ولمن لا يعرف فان غالبية الاعلاميين والمعممين الناعمين الذين نبتوا مثل الفطر على الفضائيات وراحوا يتحدثون عن ليبيا جديدة كانوا من فريق سيف الاسلام وموسى كوسا, مما يعني ان (ثورة) الناتو كانت اشبه بانقلاب عسكري, ولكن بدون سيف الاسلام. ولنا ان نتوقع في المشهد الليبي المقبل, اضافة لتقاسم التركة النفطية من الامريكان والعواصم الاوروبية, حصة كبيرة للاتراك, بحيث تصير ليبيا صندوقا نفطيا للانبعاث العثماني الجديد كمدخل امريكي للسيطرة على فوضى الشارع العربي والاسلامي, ولمواجهة ايران وتحجيم اي دور عربي متوقع للقاهرة..
ومن العناصر المساعدة على ذلك الذاكرة المشتركة خاصة مع الثقافة الاسلامية الشعبية شمال افريقيا ومن المؤشرات على ذلك خطاب مصطفى عبدالجليل الذي تحدث عن (ليبيا اسلامية) بدون الاشارة للهوية العربية.
اما المشهد الابرز المتوقع فهو تداعيات رحيل العقيد كما تداعيات رحيل الجنرال زياد بري في الصومال الذي تحول من المعسكر الوطني وموسكو الى الامريكان, ومن التنمية المخططة المستقلة الى التخاصية والسوق المفتوحة والبنك الدولي, ومن التحالف مع اليسار الى الاسلام النفطي, فانهارت الدولة مع انهيار حكم الجنرال وكانت المبررات غياب حقوق الانسان وادواتها من المنظمات الامريكية الى نشطاء التمويل الاجنبي.
ومنذ تلك الايام والصومال كما تعرفون جميعا. فلم تنهض الدولة الديمقراطية على انقاض الديكتاتورية, بل المليشيات والمافيات والممجاعات, ذلك ان الدولة القطرية نفسها وفشل مشاريعها بين اليسار واليمين وهويتها الوطنية المزعومة, مشروع استعماري اصلا ولا يمكن ان تؤهله لصهر الفسيفساء الطائفية والعشائرية في مجتمع مدني معاصر, فما ان ينهار نظام الحكم فيها تحت الضغط الداخلي او الغزو الخارجي حتى ينهار المجتمع نفسه ويعود سيرته الاولى, حروب اهلية ووحدات اطلسية تنهب الموارد هنا وهناك باسم الامن الدولي..
هذا هو مشهد ليبيا المتوقع صومالا آخر وقواعد وعساكر اطلسية على الارض..0
مرتزقة الناتو وثواره في ليبيا
محمود الفقي
الوفد المصرية
كانت الجزيرة تصب نار غضبها وحقدها على مصر ليلا ونهارا فيما تغض الطرف عن كون قطر أكبر قاعدة للقوات الأمريكية في المنطقة وعن كون أميرها عاقا لوالده وخائنا للرحم وغير ذي قيمة تعليمية أو ثقافية تذكر! لم ينس أميرها أن مبارك كان زعيما للدول العربية وأنه إذ يطلب عقد قمة يأتي إليه رؤساء العرب وملوكهم زرافات ووحدانا فيما طلب حمد عقد قمة ولم يعره أحد منهم أي اهتمام لأن هذا هو حجمه الحقيقي.
كانت الجزيرة تواصل الإيغال في التحريض على أنظمة عربية أخرى وقطر أهش مما نتخيل إذا ما فكرت السعودية في إثارة النعرات القبلية فيها جزاء مناوشات قطر إلى أن استسلمت قطر وغضت طرفها الرخيص عن المذابح التي وقعت في البحرين لدرجة أن السعوديين كانوا يمنعون وصول الجرحى الى المشافي وإسعافهم ويحمون نظاما من أفسد الأنظمة في العالم. بنفس هذه الانتهازية تغافلت الجزيرة عن نصف الحقيقة في سوريا في وجود عصابات مسلحة تقتل جنود الأمن وتمثل بجثثهم وترميها في النهر فيما تواصل قطر مع الإمارات إرسال مرتزقة جنبا إلى جنب مع مرتزقة الناتو ليحاربوا في ليبيا فتسيل الدماء أنهارا ليخرج أمير قطر العاق لوالده معلنا أن قطر زعيمة الثورات العربية.
لم يكن غريبا أن يكون الرسم الكاريكاتوري للإندبندنت هذا الأسبوع هو كاميرون وساركوزي يشدان تمثالا للقذافي بحبل طويل وما إن يسقط القذافي حتى تنفجر نافورة نفط.
وما تزال روسيا تؤكد تحفظها لأنها تعرف الحقيقة فهي تدرك حسبما أكدت وكالة إتير تاس الروسية (عن قناة الرأي) ما سبق وأعلنته ديلي تيليجراف والجارديان من أن بريطانيا قد أرسلت مرتزقة وقامت بإنزال بري لقوات خاصة ليحاربوا في ليبيا حيث بلغت الطلعات الجوية للناتو عشرين ألفا وحيث يذبحون جنود القذافي ذبحا وحيث سماء ليبيا محتلة إلى أجل غير مسمى وأرضها تستعر بحرب أهلية أجلها أيضا غير مسمى.
ماذا نريد؟ وأية حدود للأهداف نطلب؟ وعن ماذا نبحث؟ هل نبحث عن سيادة القانون؟ الحمد لله لقد شفع التاريخ العظيم والحضارة الفريدة للمصريين فأثبتوا للدنيا كلها أنهم شعب سلمي وراق في احتجاجه ومحاكمته لرموز النظام السابق بينما يصدق القاضي مصطفى عبد الجليل على مكافأة كبيرة لمن يقتل القذافي ويكذب في كلامه عن اعتقال سيف الإسلام وتؤيد الكذبة المحكمة الجنائية ويخرج محمود جبريل ليقول إنها كذبة نافعة!
بماذا استفاد الليبيون وقد استحالت ليبيا أنهارا من دم وكتلة من فحم محترق أخذوها من القذافي وسلموها للناتو وتسلح الشعب الليبي كله وظهرت الأحقاد بين القبائل في دولة قبلية لم تصل بعد إلى مرحلة الدولة الحديثة. ومع الأسف لن تخرج ليبيا من هذه الحرب الأهلية سوى بجراح لن تكفي مئات السنين لمداواتها هذا إن خرجت ليبيا أصلا من الأزمة؟
ماذا كان يضيرهم لو أعطوا الفرصة لسيف الإسلام وهو مختلف تماما عن أبيه وقد بدأ بداية عظيمة واعترف بكم الفساد الكبير في ليبيا، وتعبيره عن القطط السمان وآراء الشباب الليبي الملتف حوله يثبتان أن ليبيا كان بمقدورها بالفعل أن تصبح ليبيا الغد بأخف الضررين بدلا من كل هذه المحن.
ربيع بلون الدم والنار كيف يكون ربيعا؟