جاسر عبدالعزيز الجاسر


تقترب ليبيا من حسم الوضع داخلها لصالح الثوار بعد تزايد خروج حلفاء العقيد معمر القذافي إلى الدول المجاورة، وآخرهم قائد الكتائب الأمنية منصور ضو ابن عم العقيد، وتأكُّد خروج أبنائه من بلدة بني وليد التي في طريقها إلى الدخول في كوكبة المدن المؤيدة للثوار بعد تواصل المفاوضات بين الثوار ووجهاء ومثقفي المدينة وقادة القبائل القاطنة في المدينة.

وقد تغلب المفاوضون من كلا الجانبين على العقبات التي كانت تعترض دخول الثوار للمدينة بعد نجاح وفد الأعيان والمثقفين في إزالة الشكوك التي كانت تعتري أوساط شيوخ القبائل الذين كانوا يتخوفون من حصول عمليات انتقام وتصفيات يمكن أن تحصل إذا ما اجتاح الثوار المدينة، إلا أن ممثلي المجلس الانتقالي والقادة الميدانيين للثوار، أكدوا لهم بأن هدفهم هو إشاعة السلام والعدالة وأن جميع الليبيين متساوون أمام القانون، وأن كل من تلوثت أيديهم بدماء الليبيين، أو من تورط في عمليات السرقة والفساد واستباحة المال العام ستتم محاكمته أمام المحاكم الليبية التي لن تُفرّق بين من كان يعمل في النظام السابق أو الثوار، وأنه لا صحة لوجود قوائم إعدام للانتقام من الذين حاربوا في كتائب القذافي.

جلسة المفاوضات بين الثوار وأعيان مدينة بني وليد سبقتها جلسة علنية نقلتها محطات التلفاز الفضائية وأظهرت تقبُّلها، بل وحتى ترحيبات من قِبل أعيان المدينة، فيما أظهر قادة الثوار تسامحاً، وأكدوا بأن العدالة والقانون سيطبقان على الجميع، وأن أغلب الثوار الذين سيدخلون المدينة هم من أبنائها ومن شبابها، وقد لُوحظ أن المتفاوضين كانوا يعرفون بعضهم البعض ويتخاطبون بالأسماء الأولية، مما يعني وجود علاقات أسرية واحترام متبادل، وهذا ما يعطي مؤشراً على قُرب انتهاء قضية مدينة بني وليد، وأن الثوار بالانتهاء من هذه المسألة سينطلقون بعدها إلى مدينة سرت ثم سبها، وبعدها إلى ولاية فزان لإكمال سيطرتهم على ليبيا بكامل ترابها وتحريرها من رعب القذافي الذي أرادت الأقدار أن تحل ذكرى ثورته وهو مطارد يبحث هو وأسرته والمقربون إليه عن مكان يقبل أن يقضي به بقية أيامه.