الوطن السعودية

في البدايات الأولى، لثورة التغيير في اليمن، حاولت السلطة استخدام ورقة تنظيم القاعدة، بوصفها quot;فزاعةquot;، كي تأخذ خيالات شباب التغيير، إلى ظلام المستقبل في حال سقوط النظام، وترهب الأوساط الدولية، وهي مناورةٌ سياسية في جوهرها، بيد أن الأحداث التالية، حولت تلك quot;الفزاعةquot;، التي ظنها البعض وهماً إلى حقيقة، إذ سعت القاعدة، في ظل الانفلات الأمني، وانشقاق بعض أفرع القوات المسلحة، إلى خلق مناطقها، أو محمياتها الخاصّة.
ففي مايو الماضي، سيطر أكثر من 200 مسلح من عناصر quot;القاعدة، على محافظة أبين، لتتوالى عمليات مسلحي التنظيم في هذه المدينة، فتعلن المصادر القبلية والأمنية مقتل 11 شخصاً من رجال وزعماء القبائل، في عمليتين انتحاريتين منفصلتين مكاناً، ومتفقتين زماناً، ومعها أخبار متفرقة عن تفجيرات انتحارية، وتفجيرات سيارات مفخخة تستهدف رجال القبائل الذين يحاولون حماية مناطقهم.
استمرار محاولات تنظيم القاعدة، في السيطرة على بعض المناطق، دفع القوات اليمنية الموالية للسلطة، إلى استخدام القوة الجوية، ضد عناصر quot;القاعدةquot; في غير مدينة من مدن محافظة أبين، ليسقط بين الضحايا عدد من المدنيين، ويرتفع مؤشر المواجهات، وتتواتر الأخبار حول إيقاف عناصر من القاعدة، قبيل تفجير أنفسهم في أماكن عامة، وإبطال مفعول بعض السيارات المفخخة.
هذه الحال، تعني مواجهة حقيقية، تتجاوز المواجهة بين القوات المسلحة اليمنية، والأجهزة اليمنية، من جهة، ومسلحي quot;القاعدةquot; من جهةٍ أخرى، إلى مواجهات أصبح السكانُ المحليون طرفاً فيها، مما ينذر بخطر كبير، لأن ذلك سيكون ذريعةً لـquot;القاعدةquot;، لتنفيذ العمليات في أي مكان، واستهداف المدنيين دون تمييز، وهو تطورٌ غير بعيد، عند التأمل في فكر quot;القاعدةquot;، واستعراض تاريخها الإرهابي.
الخطر يتزايد مع استمرار الأزمة اليمنية، مما يجعل الإسراع بالحل خطوة مهمة على طريق الحد من توسع quot;القاعدةquot;، وإيقاف طموحاتها، وليس أمام الأطراف اليمنية ـ إن هم استشعروا مسؤولياتهم الوطنية استشعاراً حقيقياً ـ إلا البحث عن المخارج المتوافرة، سواء أكان ذلك من خلال العودة إلى المبادرة الخليجية، أم الوصول إلى تسويات سياسية، ترضي شباب التغيير، وأحزاب اللقاء المشترك، دون رحيل الرئيس، إلا عند انتهاء فترته الرئاسية.
ذاك أو هذا لن يكون، إلا في حال تجاهل الأسباب الشخصية، والعداءات الأسرية، والتعصبات القبلية، وكبرياء العسكريين، والرضوخ للمطلب الوطني الملح، من أجل درء خطر القاعدة، الذي لم يعد quot;فزاعةquot; سياسية.