موسكو تلقت نصائح عربية ودولية بتغيير موقفها وعدم الرهان على حصان خاسر

لندن - حميد غريافي


حذرت أوساط ديبلوماسية في جامعة الدول العربية خلال الأسابيع الثلاثة الماضية موفدين روس الى الشرق الأوسط وموظفين كباراً في وزارة الخارجية الروسية من quot;ردة الفعل العربية الشاملة على مواقف الحكومة الروسية من الثورات العربيةquot; في مصر وتونس وليبيا وسورية واليمن, وهي مواقف أقل ما يقال فيها إنها quot;سلبية للغاية لانحيازها إلى جانب الأنظمة التي سقطت والتي ستلحق بها ضد الشعوب العربية الثائرة, ولأن التغيير في تلك المواقف حيال العقيد الليبي معمر القذافي والرئيس المصري حسني مبارك جاء متأخرا جداً وكأنه لم يكن, ولم يقدم أو يؤخر في مسار ثورتي البلدين باتجاه النصرquot;.
وقال ديبلوماسي خليجي لmacr;quot;السياسةquot;, أمس, ان روسيا quot;مازالت تصم أذنيها عن صرخات الشعوب العربية المقموعة وخصوصاً الشعب السوري الذي يتعرض منذ أكثر من ستة أشهر لأفظع أنواع القمع والقتل والاعتقال والتهجير, لا لسبب إلا لمحاولة حماية مصالحها المتبقية في الشرق الأوسط, وهي المصالح التي ستصبح أثراً بعد عين فيما لو استمرت موسكو في سياستها الخطأ المقاومة لتطور الحريات والديمقراطيات في العالم, وخصوصاً في دول العالم الثالث المحكومة بمعظمها من أنظمة عسكرية جاءت على الدبابات وفوهات المدافع, وهي ترفض بعد عقود من الحكم والتحكم برقاب شعوبها التنحي وإفساح المجال أمام الجيل الجديد لتسلم دفة الأمور في بلدهquot;.
وحذر الديبلوماسي من أن مواقف روسيا quot;الغريبة وغير المفهومةquot; ستفقدها كلياً بعد استتباب الثورات وتحكم الثوار في مستقبلهم الجديد الخالي من الحكام المتسلطين المجرمين, وجودها السياسي والعسكري والاقتصادي وأي نفوذ لها في أي زاوية عربية, بعدما وقعت في حفرة خطئها المميت الأول بمساندتها البرنامج النووي الايراني بسبب quot;تلزيمهاquot; بناء مفاعل بوشهر على كتف الخليج العربي, فيما كان بإمكانها لو انحازت الى دول الخليج العربي في صراعها مع نظام الملالي في طهران ان quot;تلتزمquot; إنشاء عدة مفاعلات نووية في السعودية والامارات والكويت وعدد من الدول العربية الاخرى, إلا ان سوى تقديرها وفشلها في رؤية حقيقة التطورات جعلها تتقوقع في مفاعل بوشهر وتعزل نفسه عن المنطقة برمتهاquot;.
وأكد الديبلوماسي الخليحي لmacr;quot;السياسةquot; ان دولاً عدة في جامعة الدول العربية quot;نصحت موسكو مباشرة أو بواسطة بعثاتها الديبلوماسية في الأمم المتحدة وعواصم عربية واوروبية, بعد ارتكاب نفس خطأ مساندتها ايران ضد العالم بأسره وتكراره في سورية بالوقوف الى جانب نظام الأسد المتداعي كما وقفت الى جانب القذافي في بدء الثورة الليبية, بأنها ستجد نفسها هذه المرة خارج المنطقة الغنية بالنفط التي بإمكانها مساعدة الاقتصاد الروسي المنهار أكثر من أي جهة أخرى في العالمquot;.
وكشف الديبلوماسي أن الوفد البرلماني الروسي, الذي زار سورية, الأسبوع الجاري, وجال في بعض المدن التي تتعرض للقمع والتدمير, خرج معظم أعضائه بانطباع سلبي جداً لم يعلنوا بشكل علني حفاظاً على مصالح بلادهم, الا أنهم باتوا مقتنعين بأن نظام الاسد أصبح مثل الديك المذبوح, ولا بد له في وقت قريب من أن يسقط وينتهي.
ونقل الديبلوماسي عن مصادر روسية غير رسمية في باريس قولها ان quot;التقرير الذي سيرفعه الوفد البرلماني الروسي الى الرئيس ديمتري مدفيديف عن مشاهداته واستنتاجاته في سورية, قد يلعب دوراً حاسماً في استدارة القيادة الروسية باتجاه معاكس لرياح بشار الأسد كما فعلت قبل سقوط نظام القذافي بأسابيع قليلة عندما استقبلت وفداً من الثوار وقبلت بتمثيله ليبيا في روسيا والعالمquot;.
واضافت المصادر ان القيادة الروسية quot;أفهمت من دول صديقة ومن ديبلوماسيين عرب خلال الاشهر الثلاثة الماضية, أنها إذا كانت تنوي بالفعل الحفاظ على قاعدتها البحرية المهمة في مدينة طرطوس الساحلية بعد سقوط نظام الأسد, فما عليها سوى الاسراع في ازالة العقبات التي تضعها أمام صدور قرار في مجلس الأمن تحت الفصل السابع يدعو الاسد لوقف المجازر ضد شعبه تحت طائلة التدخل الدولي لفعل ذلك, وخصوصا ان المعلومات التي وصلت الى موسكو تؤكد ان الولايات المتحدة مقابل مساندتها غير المحدودة الثورة في سورية ضد نظامها القمعي الدموي قد تحصل على وعد بالحلول محل الروس في طرطوس وبمرابطة الاسطول السادس الاميركي في مياه المتوسط في هذه القاعدة المهمةquot;.