عقل العقل

المراقبون العرب، ومن ورائهم الجامعة العربية، يشتركون في المذابح التي يرتكبها النظام السوري ضد شعبه، فالجامعة ومنذ بدء حوارها مع دمشق إلى وصول مراقبيها إلى سورية قدمت شهرين من الزمن للنظام السوري كي يستمر في قتل شعبه البريء المسالم.

هل الجامعة العربية متواطئة مع النظام السوري؟ أولاً في التسويف والمماطلة في إعطاء النظام السوري الكثير من الفرص لكي يوقع المبادرة العربية، ومن ثم أسابيع أخرى لتوقيع بروتوكولها، تلك الأسابيع، مع الأسف، ترجمها النظام بهجمة شرسة ضد مواطنيه، حتى أصبح المواطن السوري مجرد رقم من كثرة أعداد القتلى كل يوم، بعد ذلك تم إرسال بعثة المراقبين العرب إلى سورية من دون دعم فني ليقوموا بمهامهم بشكل احترافي، وكان يمكن أن تنسق الجامعة مع بعض السفارات العربية لتنظيم عمل لجنة المراقبين، وألا يكونوا أداة في يد النظام السوري يستخدمها في تبرير قتل المتظاهرين السلميين.

الغريب أن رئيس اللجنة نفسه السيد أحمد الدابي تدور حوله الشكوك من حيث مناسبته لأداء هذه المهمة الصعبة والمفصلية في عمر الثورة السورية، فالدابي صدر بحقه مذكرة توقيف دولية بسبب أعمال ضد الإنسانية اشترك بها ضد أبناء شعبه في laquo;دارفورraquo;، بل إن المعلومات تؤكد أن مليشيات laquo;الجانجويدraquo; تم ظهورها في دارفور بعد وصول laquo;الدابيraquo; إليها كمسؤول عنها، أرسله الرئيس السوداني عمر البشير لمعالجة الأوضاع في تلك المنطقة، استغرب سذاجة الجامعة في اختيار مثل هذا الشخص ليرأس بعثتها إلى سورية، أجزم بأن الجامعة العربية تعرف معلومات سيئة عن رئيس بعثتها قد تكشفها الأسابيع المقبلة، وقد تكون مخجلة لمؤسسة عربية يفترض أنها تدافع عن الشعوب العربية، ولا تقف مع الحكام الطغاة مثل بشار الأسد وغيره كثيرون، البعض يشك في أن النظام السوري هو من طالب بأن يكون الدابي هو رئيس بعثة المراقبين العرب، وأن الجامعة العربية رضخت لمثل هذا المطلب المهم الذي قد يغير المعطيات الحقيقية على الأرض.

غريب أن يصرح رئيس بعثة المراقبين العرب بعد أيام من وصوله أن الأوضاع هناك مطمئنة، فهذه باعتقادي تصريحات سياسية وليست مهنية تختص بعمل البعثة، فالإعلام السوري التقط مثل هذه التصريحات لرئيس البعثة وقام بتوظيفها سياسياً، وزاد من قمع شعبه مع وجود البعثة هناك، نحن الذين نبعد آلاف الكيلومترات عن دمشق نشاهد القتل للأطفال والمتظاهرين في الشوارع السورية، لا أعرف ماذا يعمل المراقبون العرب هناك؟ في ما يبدو، وكما أكد بعض المعارضين السوريين في الخارج، أصبحوا رهائن بيد الجهات الرسمية السورية، هي من تقرر إلى أين يذهبون، وإلى أي الأحياء يدخلون، ومع من يلتقون، هذه بعثة باعتقادي محكوم عليها بالفشل، فالإعلام الجديد اليوم يطلعنا على المشهد السوري على حقيقته، ولسنا بحاجة لمثل هذه البعثة لتقرر بالوكالة عن جامعة تحمل اسم الشعوب العربية عما يحدث هناك.

المبادرة العربية تحمل الكثير من البنود التي سكت عنها من قبل الجميع، فلم نعد نسمع عن سحب القوات العسكرية من المدن والقرى السورية، وكأن هذه الآليات لا تقتل وتدمر أبناء الشعب السوري، بل إننا نجد المراقبين العرب في ملابسهم ذات اللون البرتقالي يمشون الهوينى بين آلات القتل تلك، بل إن بعض المراقبين يتكئون على بعض المدرعات لكتابة ملاحظاتهم المهمة، إنها تشبه الفيلم الكرتوني، فحتى لا نجلد ذاتنا ونشكك بشعوبنا وقدرة هؤلاء المراقبين العرب بالقيام بمثل هذه المهمة الاحترافية الشاقة، فقط أحاول أن أجد بعثة عربية استطاعت أن تنجز ما أوكل إليها من مهام في تاريخنا العربي المعاصر على الأقل، باعتقادي أن الحلول العربية كما نعرفها فاشلة وتأتي دائماً بردود عكسية.

بعثة المراقبين العرب باعتقادي هي مهلة أخرى لنظام بشار الأسد لاستمراره بقتل أبناء شعبه، إن التدخل الدولي هو الحل النهائي والمصيري للأزمة السورية مهما كانت العقبات، خصوصاً أننا شاهدنا مثالاً ناجحاً له في الأزمة الليبية التي يردد البعض أنها كانت غلطة كبيرة من الجامعة العربية، ولكنني أراه هو الحل الأمثل للتعاطي مع هذا النوع من الأنظمة.

سيقدم رئيس بعثة المراقبين العرب تقريره الأول إلى اللجنة الوزارية العربية خلال يومين، وأتمنى أن أكون مخطئاً في رؤيتي، وأن يقدم تقريراً يدين النظام السوري، سننتظر لنرى مشهداً نتمنى أن يكون إلى جانب الشعب السوري.