محمد بن علي الهرفي

أثبتت التجارب الإنسانية أن إرادة الشعوب لا يمكن قهرها، كما أثبتت أن الحكام الطغاة لم يكتب لهم الاستمرار مهما ارتكبوا من جرائم في حق شعوبهم كما أثبتت هذه التجارب ndash; للأسف - أن الحكام الطغاة يعدون أنفسهم آلهة فالويل لمن يخرج عليهم أو حتى يفكر في ذلك، فهم ndash; وحدهم - من يعطي الحياة لشعوبهم،وأن على تلك الشعوب أن تموت من أجلهم ndash; باختيارها - أو رغماً عنها لكي يعيشوا كما يشتهون.
قديما قالها فرعون ndash; رمز الطغيان - laquo;ما أريكم إلا ما أرى ولا أهديكم إلا سبيل الرشادraquo; (غافر: 29) وتلقفها (الفراعنة الصغار) فأجبر أحدهم شعبه على القول: الله وليبيا والقذافي وبس، وفعلها الآخر فقال قومه مكرهين: الله وسورية وبشار وبس.
ولولا بقية من حياء لحذفوا الله ndash; سبحانه ndash; وبلادهم معه ndash; لفظاً كما حذفوهما فعلاً، فقد قتل طغاة سورية عدداً من الشرفاء لأنهم رفضوا تأليه طاغيتهم وهكذا يفعل كل طغاة العصر لأن طغيانهم جعلهم يعتقدون أنهم شيء فوق البشر وربما خيل إليهم أنهم فوق الله جل جلاله!
طاغية سورية اتخذ من سابقيه قدوة سيئة له، قتل شعبه بالسيارات المفخخة ونسب هذا العمل ndash; بكل بلاهة ndash; لـ laquo;القاعدةraquo; واتباعها! تماماً كما فعل طاغية مصر حينما فجر كنيسة القديسين في الاسكندرية وقد ثبت أن أتباعه هم من فعل ذلك! وقتلهم بكل الوسائل الأخرى، وتتبعهم في كل المدن والقرى والأرياف، قتلاً وسجناً وتعذيباً، تماماً كما فعل القذافي قبله، وكما فعل (ابن صالح) وكل الطغاة الآخرين، فحياة الشعوب لا تساوي شيئاً أمام استقرارهم وأمنهم!
تلاعب (بشار) بجامعة العرب، واستكانت الجامعة لهذا التلاعب؛ رجاله يحرسون رجالها، ويحصون عليهم أقوالهم وحركاتهم، عيونهم مفتوحة على كل من يقترب منهم ويقول لهم ما لا تحمد عقباه!
أعداد القتلى تتزايد... والسجون يزداد سكانها... والمدن محاصرة لا يجد أهلها أبسط مقومات الحياة... وبعض وسائل الإعلام لم يسمح لها بدخول البلاد، ومع هذا فالجامعة العربية ليست قلقة مما يجري في سورية!
لست أدري هل رئيس البعثة يعرف الهدف الذي ذهب من أجله؟! وهل قرأ الاتفاقية التي وقعتها سورية مع الجامعة ؟! أشك في ذلك كثيراًَ!
رئيس الوزراء القطري كان متألماً مما يجري في سورية وقال لقناة laquo;الجزيرةraquo; إن البعثة انحرفت عن أهدافها، وإن الداخل السوري لم يتغير فيه شيء.
وقطعاً كل العرب والمسلمون متألمون مثله، لكن هل يكفي الألم وحده؟!
عيون السوريين وكل العرب تتجه إلى ما سيفعله رجال الجامعة في اجتماعهم، فهل ستتغير الصورة النمطية عن الجامعة؟!
الشيء الذي لا أشك فيه أن الشعب السوري هو الذي سيبقى، وأن كل الشعوب الحرة هي الأخرى ستبقى، أما طغاتها فهم زائلون