كاميليا انتخابي فارد


نجاد، الذي كان يعد quot;بؤبؤ عينquot; خامنئي في فترة من الفترات، يكافح الآن لكي ينهي فترته الرئاسية الثانية ويدافع عن فريقه وقراره السياسي قبل أن يتلقى صفعة من الدائرة المحيطة بالمرشد الأعلى

وضع العملة الوطنية في إيران حاليا وخسارتها حوالي 40% من قيمتها خلال فترة قصيرة شكل أحد أكبر التحديات الخطيرة لحكومة الرئيس محمود أحمدي نجاد. شرطة مكافحة الشغب هاجمت تجار السوق السوداء ومكاتب الصرافة غير الرسمية للسيطرة على تبادل العملات الأجنبية وتنظيمها بشكل يضمن التحكم بها. وقد وصل سعر صرف الدولار إلى رقم قياسي مقابل الريال الإيراني حيث وصل الدولار إلى أعلى سعر له على الإطلاق، وبالطبع فإن ذلك أدى إلى ارتفاع أسعار كثير من السلع بما في ذلك المواد الإلكترونية والأدوية وباقي البضائع المستوردة. ارتفاع تكاليف المعيشة والتضخم والوضع الصعب للاقتصاد دفع الناس إلى الاحتجاج حول سوق (بازار) طهران وسط العاصمة. وقد ألقى المحتجون باللوم في أزمة انخفاض قيمة العملة المحلية على النظام الإيراني. أشرطة الفيديو المرفوعة على شبكة (يوتيوب) تظهر بوضوح أن المحتجين كانوا يهتفون quot;الموت للدكتاتورquot;، ومن المعروف أن عبارة quot;دكتاتورquot; تطلق منذ الاحتجاجات التي تلت الانتخابات الرئاسية الأخيرة في إيران، منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف، على المرشد الأعلى للثورة آية الله علي خامنئي.
الجموع الغاضبة التي شاركت في الاحتجاجات كانوا يعرفون أن جميع العقوبات والمشاكل الاقتصادية التي تعاني منها إيران سببها برنامج إيران النووي المثير للجدل وطموح المرشد الأعلى للوصول إلى التكنولوجيا النووية لتبقى إرثا للفترة التي قضاها في منصبه فيما بعد، وهو إرث لا يريده كثير من الإيرانيين لأنهم لا يريدون أن يعيشوا مثل شعب كوريا الشمالية: فقراء ومعزولين. ورغم السنوات الطويلة من المقاومة والمعاناة في إيران بسبب التكنولوجيا النووية فإنها لم تحقق شيئا بعد سوى إرهاق الناس. مفاعل بوشهر النووي الذي قضى الروس سنوات في بنائه لم يعمل بنجاح بعد. الإيرانيون يشعرون أنهم عالقون بين عالمين، وهذا يجعلهم يشعرون بالغضب والاستياء. فهم يلومون المجتمع الدولي على العقوبات المفروضة عليهم بسبب البرنامج النووي للنظام، وفي نفس الوقت هم غاضبون من حكومتهم لأنها عاجزة عن تحسين أوضاعهم.
سوء الإدارة هي الكلمة التي نسمعها تتردد هذه الأيام والحكومة عاجزة عن إصلاح المشكلة الاقتصادية وتكتفي بإلقاء اللوم على العقوبات والأيادي الخفية التي لا تسمح للحكومة بالنجاح.
بعد حوالي 8 سنوات تقريبا في السلطة، واجه الرئيس أحمدي نجاد تحديات خطيرة خلال الأشهر القليلة الماضية لرئاسته. أزمة العملة، التضخم والاقتصاد جعلت منافسيه السياسيين يتحدون ضده مرة أخرى. أعضاء البرلمان، الذين لا يؤيد معظمهم الرئيس أحمدي نجاد، يهددون باستجواب الرئيس قريبا في البرلمان، وقد وصلت الضغوط إلى درجة أن هناك همسات بأن بعض أعضاء البرلمان طلبوا من أحمدي نجاد الاستقالة إذا لم يكن قادرا على إصلاح المشكلة.
بالطبع فإن أي تغيير يعود إلى المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، وهو لا يبدو أنه ينوي عزل أحمدي نجاد الذي لم يبق على انتهاء فترة حكمه سوى ستة أشهر حين تبدأ الحملة الانتخابية. وفي نفس الوقت، اتهم الرئيس أحمدي نجاد البرلمان بإعاقة عمل الحكومة.
إعادة النظر في فترة ما بعد الثورة في إيران تظهر أن من المستحيل أن تكون هناك حكومة في السلطة تتخذ قرارات دون تدخل مباشر من المرشد الأعلى، وكذلك هناك مشاكل أخرى مثل الفساد والمنظمات التي تعمل بشكل موازٍ خارج سيطرة الحكومة مثل الحرس الثوري والقضاء، وهذا يسبب ارتباك الشعب الإيراني وحكومته أيضا. لا أحد يعرف ما هي الاتفاقيات والالتزامات التي تحترمها إيران وتلتزم بها. قد يقول الرئيس شيئا اليوم وفي اليوم التالي يخرج المرشد الأعلى ليصرح علنا بعدم موافقته على الاتفاقية ويلغي كل المفاوضات.
القرار لا يتعلق فقط بالمرشد الأعلى لأنه محاط بمجموعة من الأشخاص الذين يمتلكون تأثيرا عليه أيضا، مثل بعض قادة الحرس الثوري والدكتور ولايتي والإخوة لاريجاني. قرار خامنئي يعكس جزئيا رأي الدائرة المحيطة به أيضا. عندما كان خاتمي رئيسا للجمهورية، كان هاشمي رفسنجاني يمتلك تأثيرا كبيرا على خامنئي. اليوم لا يمتلك رفسنجاني الكثير من النفوذ مع آية الله خامنئي. حتى أحمدي نجاد، الذي كان يعد quot;بؤبؤ عينquot; المرشد الأعلى في فترة من الفترات، يكافح الآن لكي ينهي فترته الرئاسية الثانية ويدافع عن فريقه وقراره السياسي قبل أن يتلقى صفعة من الدائرة المحيطة بالمرشد الأعلى. إنه نظام فوضوي بحق، والذي يصبح رئيسا في ظل هذا النظام غير محظوظ بالتأكيد.
الانتخابات الرئاسية تقترب مرة أخرى والإخوة لاريجاني وأنصار هاشمي رفسنجاني يريدون إقناع المرشد الأعلى بأن يؤيد شخصا معروفا وليس شخصية مجهولة كما كان أحمدي نجاد قبل أن يصبح رئيسا واتضح فيما بعد أنه ليس كما كانوا يرغبون. في فترة الانتخابات، كثيرا ما يصبح الشخص غير المعروف وغير المتوقع هو الرئيس، وهذا ما حدث مع محمد خاتمي في فترته الرئاسية الأولى، وكذلك مع أحمدي نجاد.
لكن من المبكر الحديث عن الانتخابات في إيران الآن، وعادة لا يكشف المرشحون الحقيقيون عن أنفسهم في وقت مبكر لتفادي الدعاية السلبية. لكن هناك بالتأكيد مفاجأة أخرى في الطريق حالما يسجل المرشحون أنفسهم رسميا ويوافق عليهم مجلس صيانة الدستور. ولكن إذا كانت هناك بعض القوى الخفية التي تريد إجبار الرئيس أحمدي نجاد على الاستقالة في وقت مبكر أو إلقاء اللوم عليه في وصول الاقتصاد إلى هذه الدرجة من السوء فإن الرئيس الإيراني لن يستسلم بهذه السهولة.
هذا الوضع الاقتصادي الصعب ربما يقود إيران إلى مظاهرات كبيرة في الشوارع قبل الانتخابات، وإذا حدثت هذه المظاهرات، هل سينحاز أحمدي نجاد إلى جانب الشعب أم إلى جانب المرشد الأعلى؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام.