العالم العربي مجال حيوي لتجريب اسوأ ما عرفه التاريخ من الاقتتال بين ابناء الوطن الواحد


إيلاف: قال الكاتب الكويتي عبدالله الهدلق إن من غير المقبول أن تستمر اقلية علوية لا تزيد نسبتها على عشرة في المئة في حكم اغلبية سنية ومسيحية يبلغ تعدادها 22 مليون نسمة. ويبدي الهدلق استغرابه من اقلية علوية يبلغ عددها المليون نصيري، وتحكم عشرين مليوناً من السوريين السنة والمسيحيين.

وعلى صعيد الفتنة الطائفية يتحدث الكاتب خالد عبدالعزيز السعد عن تقارير تفيد أن هناك سبع دول عربية على الأقل أدرجت على قائمة التفكيك الطائفي والاثني، ويبقى التوقيت المناسب لاشعال هذه الفتن، وهو ما وصفه الشاعر خليل حاوي، الذي شق قلبه بالبندقية لحظة اجتياح بيروت عام 1982، وقد لا تكون استراتيجيات التفكيك، والانشطارات، والتمزيق غريبة قدر تعلقها بمصالح غريبة.
لكن الغريب ndash; بحسب السعد - هو تحول العالم العربي الى مجال حيوي لتجريب أسوأ ما عرفه التاريخ من الاقتتال بين ابناء الوطن الواحد. ويرى السعد أن الرابح الوحيد من هذا التمزيق هم الغزاة لأنهم يجدون من ينوب عنهم في شتى صنوف التنكيل، فالضحية التي تصدق وعود جلادها هي التي تنتحر وهي آخر من يعلم.
ويصف السعد ما يحدث بالفتن الصغرى المتنقلة مثل سلسلة تذوب حلقة بحلقة، أو تكون فتنة كبرى كما سماها طه حسين.
وحول الوضع السوري وعلاقته بالأحداث في لبنان ترى روزانا بومنصف أنه يصعب على الاطراف الاقليميين كإيران مثلاً التي تدافع عن نفوذها في سوريا وتحصيل مكاسب أو على أطراف محليين، مناقشة موضوع (سلاح حزب الله ) في ظل عدم اتضاح صورة التفاوض الدولي على الوضع السوري.
وتخمن بومنصف أن هذا التفاوض قد يسفر عن مكاسب لا تسمح بالتفريط ببعض امتداداتها في لبنان والعكس صحيح بحيث أن أي تغيير جذري في سوريا قد يعزز اوراق افرقاء بحيث لا يمكنهم من قبول المساومة على ما يطلبونه. فضلاً عن أن هذين المعطيين قد يكونان مرتبطين في شكل أو في آخر، بحيث أن التفاوض على الوضع السوري بين تيارين دوليين فتجد ايران نفسها في موقع واحد مع روسيا والصين في الموضوع السوري والدفاع عن النظام، كما في الموقع نفسه تقريبًا حول سلاحها النووي بحيث أن التسوية على هذا الأخير قد تسير في موازاة الحصول على مكاسب أو نفوذ في سوريا مستقبلاً.
بين البوسنة وسوريا
يؤكد الكاتب الكويتي عبدالله الهدلق في مقاله الذي نشرته جريدة السياسة الكويتية في عددها الصادر اليوم على ضرورة وضع خيار التدخل العسكري في سورية كأولوية حتى لا تتكرر مأساة البوسنة.
ويذكّر الهدلق بما قاله الدبلوماسي البريطاني في الامم المتحدة من أنquot; كل الاستعدادات السياسية واللوجستية الحقيقية الهادفة الى الخلاص نهائياً من نظام بشار الاسد (البعثي النصيري المجرم ) ndash; كما يصفه الهدلق - قد اتخدت سواء بتغيير مفاجئ في الموقفين الروسي والصيني أو من دون موافقتهما على عمل عسكري لتحطيم مفاصل النظام السوري ومن دون الحصول على قرار من مجلس الامن على الطريقة الكوسوفية أو البوسنية، بحيث تضطلع الولايات المتحدة بقيادة تحالف دولي عسكري تحت مظلة حلف شمال الاطلسي لتحرير المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري، بعد قصف جوي وصاروخي بقاذفات laquo;بي 52raquo; التي ترابط بالفعل في قواعد اميركية في بريطانيا، وفي قاعدة laquo;دييغوغارسياraquo; في المحيط الهندي، وفي قواعد تركيا الجوية، يتبعه تقدم الدبابات والآليات العسكرية بعد اجتياح فرق كوماندوس أوروبية الحدود السورية من تركيا والاردن quot;.
ويؤكد الهدلق على quot; ضرورة الحرص على عدم تكرار مأساة البوسنة حين أحجم المجتمع الدولي ثلاث سنوات ونصف السنة حتـى سقط خلالها اكثر من laquo;300raquo; ألف قتيل واغتصبت laquo;100raquo; ألف امراة بسبب مجازر الصرب، لأن منح نظام بشار الاسد المزيد من الوقت دون تدخل عسكري يعني استمرار مجازره الدموية ومذابحه الوحشية وابادته لشعبه، وتزايد احتمالات اندلاع حرب اهلية طاحنة، كما حدث في لبنان خلال الفترة من 1975 ndash; 1990 quot;.
ويخصص الهدلق جزءًا من مقاله متحدثًا عن quot;حصان طروادة الفارسي في كل دولة خليجيةquot;، فيقول: quot; تعاني منطقة الخليج العربي حالة من عدم التوازن الجيوسياسي بسبب مخططات بلاد فارس laquo;إيرانraquo; لفرض هيمنتها على المنطقة العربية، تلك المخططات التي تنفذها إيران دون أن تبالي أو تحسب حساباً للمجتمع الدولي، ولأن دول الخليج العربي تواجه مشكلات داخلية لا يستهان بها، وتعيش في عدد منها اقليات حولتها بلاد فارس إيران الى حصان طروادة الفارسي داخل كل دولة لتجعلها وسائل لبسط أذرعها الاخطبوطية على تلك الدول العربية، لذا فلا سبيل امام دول الخليج العربي لمواجهة الاطماع الفارسية الا بتغيير المعادلة الجيوسياسية والدفاعية التي تعيشها وتوحيد جهودها السياسية والدفاعية، والانتقال من مجرد التعاون الخليجي الى الاتحاد الخليجي الكامل والتامquot;.
الفتنة
وكتب خالد عبدالعزيز السعد في جريدة السياسة الكويتية ايضًا حول quot;تغيير معنى مصطلح الفتنة قبل قرون عدة والذي احدث انقساماً في التاريخ العربي الإسلامي، والذي كتب عنه الاديب الراحل طه حسين كتابه الشهير (الفتنة الكبرى) فصار الناس الآن يتساءلون عن الفتنة أو الفتن الصغرى المتناثرة كالجزر على امتداد الوطن العربي، فالمصطلحات تتبدل دلالاتها، ولا تبقى على حالها مادامت تهاجر مع التاريخ من مرحلة الى مرحلة ولكن جذورها تبقى واحدة فالشعوبية لاتعني اليوم ما كانت تعنيه قبل قرون، وكذلك التسوية، وسائر المفاهيم التي يفرزها التاريخ في حراكه عبر العصورquot;.
ويزيد الهدلق في القول : quot;ما يحدث الآن في العالم العربي من صراعات طائفية ومذهبية يعيدنا فوراً الى تلك الجذور، لكن العواصف الموسمية العاتية التي تحمل هذه السموم ليست وثيقة الصلة بالجذور الا بالقدر الذي تتعرض له تلك الجذور الى التأويل والتقويل، وتعذيب النصوص لكي تعترف بما لم تقترف، وما أن يهجع الفيروس في بلد حتى تتوفر له حاضنات دافئة، ويتسلل الى الدورة الدموية لمجتمع لديه ما يكفي من الشقاء والآلام التي من المفترض أن تدعوه إلى الالتئام لمواجهة تحديات ودمار بالغ السوء، والقسوة، ولكن يبدو أن المجتمعات حين يصيبها الإعياء والانهاك والتفكيك يبدأ كل ما كان راكدًا يتحرك ما دامت الحجارة تلقى في البرك الراكدة، وحين اصدر عدد من الباحثين الاميركيين موسوعة فيها أكثر من مئتي اثنية في العالم، وضعوا خطوطًا بارزة عدة تحت ما يسمونه الطوائف والإثنيات في الوطن العربي، وكان هذا بمثابة تمهيد لخلق مناخات، وبيئات سياسية وايديولوجية مناسبة، وهذا ماحدث بالفعل، فما أن احتل العراق حتى انفتح صندوق الطماطم، فهي طماطم سياسية أولا واخيراً رغم اختلاف الاقنعة والاسماءquot;.
بين سوريا ولبنان
وفي جريدة النهار اللبنانية تساءلت روزانا بو منصف quot;هل الحوار بعد انطلاق الازمة السورية وتطورها هو غيره ما قبلها، بحيث يمكن التعويل على نتائج مختلفة؟quot;.
وتتابع : quot;لا احد يعتقد بذلك. اذ يبدو لكثير من المراقبين أن الحوار الذي دعا اليه رئيس الجمهورية ميشال سليمان لا يحتمل حتى جدول الاعمال الذي حدده على الاقل والمتعلق بموضوع السلاح. فهناك معطيان اساسيان لا يمكن الحوار اللبناني أن يؤدي الى أي نتيجة في ظل عدم اتضاحهما، بغضّ النظر عن مواقف الافرقاء الداخليين وما اذا كانت تساهم في تزخيم الحوار أم لا. المعطى الاول هو ذلك المتصل بالمفاوضات الغربية للدول الخمس الكبرى زائداً المانيا مع ايران حول سعيها الى حل لملف السلاح النووي. اذ سيكون من الصعب طرح موضوع السلاح في لبنان وارتباطه بـquot;حزب اللهquot; على بساط البحث قبل بلورة نتائج الاتصالات والمفاوضات الغربية الايرانية، لان اتفاقًا محتملاً بين ايران والغرب عمومًا أو بين ايران والولايات المتحدة خصوصًا يمكن أن يؤدي بسهولة الى ازالة المبررات وراء ضخ ايران السلاح الى لبنان، أو أن يفقد هذا السلاح جدواه. وهذه المسألة هي راهنة على النار بغض النظر عما اذا كانت المفاوضات المتجددة، والتي عقدت جلستان منها احداهما في اسطنبول ثم في بغداد، ستؤدي الى أي نتيجة، كما انها مرتبطة بموضوع الاستهداف الاسرائيلي للمنشآت النووية الايرانية الذي يظل خطرًا محتملاً من الصعب على ضوئه وضع مناقشة سلاح الحزب على طاولة البحث من ضمن استراتيجية دفاعية أو سواها من التسميات. وهذا الامر يعرفه كل طرف من دون أي لبس أو غموض quot;.
وترى بومنصف أن quot;هناك من يعتقد أن quot;حزب اللهquot; قد يكون أجرى حسابات في ضوء هذين الملفين بما قاده الى طاولة الحوار مجددًا حول عنوان السلاح، لكن هذا المنطق لا يجد مؤيدين كثيرين له، بل على العكس من ذلك، نتيجة المواقف الاخيرة لمسؤولي quot;حزب اللهquot; التي لم يجف حبرها بعد حول التأكيد على عدم امكان المساس بالسلاح. لكن الحزب يسعى الى أن يظهر في موقع المسؤول في الدولة واستعداده للمحافظة على الاستقرار امام الخارج كما امام الداخل من دون أن يعني ذلك تنازله عن مواقفه. وهذا يسري على اقتراح عقد مؤتمر تأسيسي جديد للدولة في لبنان على اساس عقد اجتماعي جديد وفق ما اقترحه الامين العام لـquot;حزب اللهquot; السيد حسن نصرالله اخيرًا بحيث لا يعتقد انه يمكن أن يكون بوابة عبور الى الحوار بين الافرقاء اللبنانيينquot;.
وتضيف : quot; هناك من يعتبر أن هذه المسألة هي بدورها ملهاة جديدة للأخذ والرد، كما كان موضوع البحث في استراتيجية دفاعية قبل عامين بحيث تغرق الطبقة السياسية في نقاش لا جدوى منه حول أمور لا مجال لها في الوقت الراهن بأي شكل من الاشكال فيظهر المسؤولون اللبنانيون انشغالاً بأمور جدية وجوهرية في حين أن كل المسألة أن هناك محاولة لتخفيف التوتر وتنظيم الخلاف الداخلي في الحد الادنى، كما هي حال الاتفاق مثلاً على تأمين الغطاء السياسي للجيش اللبناني للدخول الى طرابلس وفك الاشتباكات هناك بما يعني موافقة quot;حزب اللهquot; الذي يمون على الطرف الموالي لسوريا في مقابل مونة الاطراف الآخرين على خصومه. وثمة من يعتقد أن هذه الرمية المتعلقة بالدعوة الى عقد اجتماعي جديد قد لا تكون موفقة تمامًا في هذا التوقيت وفي ظل عدم اتضاح الوضع السوري لاعتبارات عدة لكن قد يكون ابرزها ما يتعلق بالطرف المسيحي الحليف للحزب لجهة ظهور الاخير في موقع الساعي الى مكاسب له عبر المثالثة أو ما شابه في مقابل تقليص حصة المسيحيين في السلطة في هذا الوقت بالذات.