سركيس نعوم
شكا المسؤولون العراقيون خلال السنوات الماضية من عدم تجاوب الولايات المتحدة مع مطالبة حكومتهم اياها تزويدها ما تحتاج اليه من سلاح ثقيل لتمكين جيشها وقواتها الامنية من مواجهة التحديات التي يعيشها العراق يومياً في الداخل ومع الخارج.
طبعاً ملّ هؤلاء المسؤولون عدم تجاوب واشنطن واتفقوا مع روسيا الاتحادية الشهر الماضي على صفقة أسلحة قيمتها خمسة مليارات دولار اميركي.
هل الملل من اميركا كان السبب الوحيد لتوجه العراق نحو روسيا لتسليح جيشه؟
طبعاً لا، يجيب متابعون من قرب للعراق واوضاعه. ذلك ان خطوة كهذه من شأنها توتير العلاقة بين العراق واميركا. فضلاً عن انه ليس للمالكي وحلفائه الاقليميين مصلحة في استعداء اميركا.
أما السبب الفعلي لتوجّه بغداد نحو موسكو للتسلح فهو عدم ممانعة اميركا فيه. فهي كانت تفضل طبعاً ان يكون سلاحاً اميركياً. لكنها ادركت ومن خلال المفاوضات الطويلة والصعبة معه حول تسلّحه انه يتمسك بالاسلحة التي يريدها. و ادركت ايضاً انها عاجزة عن التلبية السريعة للمطالب العراقية لأسباب بيروقراطية وأخرى تتعلق بصراعات عراق الداخل والوضع الاقليمي. وادركت واشنطن اخيراً انها لا تستطيع تجاهل حق في ان يكون له جيش مسلح قادر على القيام بمهماته الوطنية. لهذه الأسباب كلها، يقول المتابعون انفسهم، دفعت العراق نحو موسكو من أجل التسلح، وقامت ربما بدور ما مع الأخيرة لاقناعها بالتجاوب. كما انها لم تعترض على تزويد العراقيين كل السلاح الذي طلبوه منها (اميركا) سواء من حيث النوع او المواصفات أو الفاعلية. ويرجح هؤلاء ان يكون الجنرال بتريوس رئيس المخابرات الذي استقال السبت الماضي عراب الصفقة المشار اليها.
هل من استنتاجات يمكن استخلاصها من quot;التفاهم الروسي ndash; الاميركيquot; على تسليح العراق؟
الاستنتاج الأول، يجيب المتابعون انفسهم، هو ان روسيا واميركا ليستا في حرب حياة أو موت كما يظن العرب وتحديداً السوريون والمتورطون منهم في الحرب بين غالبية هؤلاء ونظامهم. ويعني ذلك ان الحفاظ على الأسد ونظامه ليس خياراً استراتيجياً نهائياً لروسيا، وان تفاهماً لا بد ان يحصل يوماً بين موسكو وواشنطن على ما يجري في سوريا فتنتهي حربهما بالوكالة على اراضيها. والتفاهم قد لا يكون نتيجة اعطاء اميركا روسيا كل ما تريد. ذلك انها تعرف ان اوضاع روسيا الداخل وعلى غالبية الصعد ليست جيدة، وانها في حاجة الى quot;نفضةquot; كاملة، وانها لولا نفطها وارتفاع اسعاره عالمياً لكانت في ورطة اليوم.
والاستنتاج الثاني هو ان باراك اوباما المُجدَّدة ولايته الرئاسية لا يزال يؤمن بسياسة القيادة من الخلف. وهي تعني quot;إشراكquot; القوى الدولية الكبرى وان كانت اوضاعها صعبة في مسؤولية البحث عن الحلول للأزمات الكبرى في العالم وتطبيقها او فرضها.
والاستنتاج الثالث هو ان ما يجمع اميركا وروسيا في هذه المرحلة كبير رغم خلافاتهما المهمة المعروفة. وابرز اثنان: الأول، مواجهة الارهاب وخصوصاً الذي تقوم به في رأيهما جهات اصولية اسلامية تكفيرية مثل quot;القاعدةquot; واشباهه. والثاني رفض تحول ايران دولة نووية عسكرياً.
- آخر تحديث :
التعليقات