سمير عطا الله

توقع العالم بعد انتهاء الانتخابات الأميركية أن يظهر باراك أوباما في الشرق الأوسط فكان أن ظهر في الشرق الأقصى. وتوقعوا تحركا في جناح الطوارئ فأعطوا حرصا على الديمقراطية في بورما، باعتبار أن الديمقراطية في الشرق الأوسط قد تمت وانتهى الأمر. والدليل أن المسز كلينتون التي شهدت على ولادتها في ميدان التحرير، بالثوب الأحمر، لون الثورات، تستعد الآن للتقاعد مطمئنة إلى الإنجاز، فرحة بعطر الربيع العربي.

المسز كوندوليزا رايس، laquo;سلفتهاraquo; في الستيت ديبارتمنت، ترى خلاف ذلك. ترى أن laquo;الشرق الأوسط القديمraquo;، وهي التسمية التي شاعت في أيامها، لم يبق منه شيء على حاله سوى سوريا. وسوريا ما أدراك، وما أدراها، ما سوريا.

قطعت هيلاري كلينتون جولتها مع أوباما في ميانمار (بورما)، زمن جورج أورويل وروايته laquo;أيام بورميةraquo; وطارت إلى مصر من أجل إسرائيل. هذا أمر لا يحدث من أجل سوريا، حيث دعت قبل أشهر إلى تسليح المعارضة، أو حين قال أوباما إن نظام دمشق يعد أيامه الأخيرة.

بدل أن يقارع أوباما الصين في مجلس الأمن من أجل وقف الدماء في سوريا، ذهب يقارعها في آسيا، مربط خيلها، ويحاول أن ينتزع منها حلفاء laquo;حديقتها الخلفيةraquo; في بورما وكمبوديا.

كان يقال: إن أميركا في الشرق الأوسط بسبب النفط والآن يقال: إنه سوف يكون لديها ما يكفيها من النفط الرملي مع حلول 2020. أو كما قال الأوروبي الشهم خافيير سولانا، الشرق الأوسط هو الماضي، والمحيط الهادي هو المستقبل. لكن الأرجح أن السنيور سولانا مثل الرئيس أوباما، يبكران جدا في تبسيط المسألة. فأن يترك الشرق الأوسط لكي يعود مفككا كما كان قبل الاستعمار، كما تقول المز رايس، ليس خيارا عاقلا لأحد. والنفط ليس المسألة الوحيدة في الأمر. ففي هذه laquo;القرية الكونيةraquo; أصبح الشرق الأوسط بقعة استراتيجية مركزية أكثر من أي وقت. وفي الصراعات الدينية والمذهبية لم تعد الخريطة المتفجرة تهددها فحسب وإنما الأمن الأوسع. وإذا كانت أميركا سوف تصبح في غنى عن النفط العربي كما يقول مولانا سولانا، فليس هذا حال أوروبا، إلى نصف قرن على الأقل. بورما لا تجعل من الولايات المتحدة قطبا عالميا ولا كمبوديا ولا تايلاند. لم يقنع أوباما ناخبيه بأهمية الجولة بعد أيام من الانتخاب، عندما هرب إلى بورما فتفجرت له غزة.