الرياض


إن لم تغير الحكومة العراقية من طريقة تعاملها مع الظروف المستجدة والأحداث والمتغيرات فالأزمة التي تمر بها سوف تكبر حتى تصل إلى وضع غير قابل للعودة. ومظاهرات أول من أمس تشير إلى خلل تراكمي كبير ارتكب من قبل الحكومة نتج عنه ضغط داخلي لدى شريحة واسعة من الشعب أدى إلى خروج الآلاف للتظاهر مطالبين بالتغيير.
عدم توفيق الحكومة العراقية في الفترة الأخيرة ظهر في عدد من القضايا، مثل وقوفها أكثر من مرة ضد الرأي الجماعي العربي في جامعة الدول العربية بقراراتها المتعلقة بالشأن السوري، ما أدى إلى اتهامها بالتبعية للنظام الحاكم في إيران. كما ظهر في الأزمة التي نشبت بين رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ونائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي وما صدر ضد الأخير من أحكام قضائية اتهم المالكي بتدبيرها وتلفيقها ضده. وظهر أيضاً في التصعيد ضد الأكراد، ذلك التصعيد الذي وصل إلى حد الحشود العسكرية ومخاوف من نشوب حرب أهلية.
دعوة المالكي الشعب العراقي إلى الحوار مهمة، وإن جاءت متأخرة، والخشية من تزايد عدد المتظاهرين يوماً بعد آخر، وإن مارست الحكومة أي عنف ضدهم فقد تتفاقم الأمور وتبلغ منعطفاً يؤدي إلى طريق اللاعودة. وعندها لن يبقى للحوار مكان لأن الأصوات الأخرى تكون قد أصبحت أعلى منه.
كذلك فإن نفي المالكي في كلمته التي ألقاها بمهرجان المصالحة والسيادة الوطنية في بغداد أن حكومته قد همشت أي مكوّن في العراق، وأن الدولة قائمة على أساس المشاركة؛ يجب أن يقترن بالفعل، فالمظاهرات ما كانت لتقوم لولا ذلك الشعور بالتهميش، وأن فئة من الشعب من طائفة بعينها رأت نفسها خارج إطار حسابات الحكومة.
عودة المشهد الطائفي إلى العراق ليس في مصلحة العراق ولا في مصلحة المنطقة، واستقراره يخدم أبناء شعبه قبل أن يخدم المنطقة، وعلى حكومة المالكي أن تدرك هذه المعطيات فتتعامل مع التطورات بما يمليه الواجب الوطني لحماية الشعب من خطر يؤثر على مستقبل البلد.