خالد إبراهيم الحجي
يقصد بالاتحاد أن يصير الذات ذاتا أخرى من غير أن يزول عن الذات الأولى شيء من خصائصها أو ينضاف إليه شيء آخر... ومقتضى هذا التعريف ينطبق على مختلف أنواع الاتحادات في العالم، والاتحاد قد يكون قارياً (انتركونتيننتال) مثل رابطة الكومنولث المكون من ثلاثة وخمسين دولة في قارات مختلفة، وقد يكون اتحاداً إقليمياً مثل اتحاد عملة اليورو الأوروبي ويتكون من سبع عشرة دولة، وقد يكون تحالفاً ضمنياً اتخذ شكله من خلال المصالح المشتركة؛ كما هو بين الولايات المتحدة وأوروبا واليابان.. في عام ألفين وثمانية ميلادي رأينا كيف تسبب الرهن العقاري في الولايات المتحدة بالأزمة المالية أدى إلى انهيار كثير من المؤسسات المالية وطالت أيضاً مؤسسات في أوروبا واليابان، ناهيك عن فشل التنبؤ المسبق لها، كما لم يستطع أقطاب ذلك التحالف إيجاد حل لأزمة الركود الاقتصادي المخيم على أسواقهم حتى اليوم؛ وتضارب المصالح سبب رئيس في تعثر أي نوع من أنواع الاتحاد؛ على سبيل المثال يرى بعض الاقتصاديين أن التوسع في الاتحاد الأوروبي من ست دول إلى سبع عشر دولة خلق تضارباً في المصالح الاقتصادية لمنطقة اليورو.. ودول العالم اليوم أدركت أن التحالف القاري ليس الوسيلة الوحيدة لتحقيق جميع المصالح التي تطمح إليها، بل يمكن تحقيق مصالحها المتبادلة من خلال التحالف الاقليمي المصغر الذي يحافظ على خصائص كل دولة في الاتحاد، كما جاء في تعريف الاتحاد السالف الذكر... إن نجاحات الاتحاد الخليجي التي يترقبها المواطن الخليجي تتطلب برنامجاً زمنياً طويل الأجل، وعلى سبيل المثال لا الحصر: شبكة قطارات فائقة السرعة بين دول الخليج للناس والبضائع؛ الربط الكهربائي الخليجي سيساهم في نقل التيار الكهربائي الفائض إلى منطقة العجز الكهربائي؛ توحيد المواصفات للسيارات المستخدمة في دول الخليج، واشتراطها على المصانع المنتجة وسن قيود التوريد؛ سن نظام خليجي موحد للأجهزة الكهربائية والإلكترونية بحيث يتمكن المواطن من استعمال أجهزته في أي دولة خليجية دون المصاعب والمنغصات المعروفة بسبب اختلاف المواصفات؛ سن غرامات صارمة ضد الضرر البيئي خاصة البحري حيث إن جميع دول الخليج تطل على نفس البحر وقد يحدث التلوث أمام شاطئ إحدى الدول وينقله موج البحر إلى شواطئ الدول الأخرى من دول الاتحاد؛ تأسيس هيئة (انتربول خليجي) على غرار الـ (الانتربول الدولي) لمحاربة الجريمة المنظمة والإرهاب والخدرات؛ غيرها من المشاريع المشتركة.. الأمثلة السالفة الذكر مجرد غيض من فيض وإنجازها سيتطلب خططاً زمنية مختلفة، خمسية، عشرية إلى عشرين سنة قادمة، وعلى المواطن الخليج التحلي بالصبر لعله يدرك بعضها..
الخلاصة:
منطقة الخليج العربي ليست بمعزل عن العالم وهي معرضة لأزمات إقليمية أو أزمات ارتدادية عن الأزمات العالمية، ودول الخليج تملك من مقومات تشكيل اتحاد خليجي تكاد تكون مثالية مقارنة بمقومات الاتحادات الأخرى التي تشكلت حول العالم، فلديها خصوصية التراث المتشابه، والنسيج السكاني المتماثل، واللغة الواحدة، وأنظمة حاكمة بخصائص متطابقة، ونظام اقتصادي حر، ومركز مالي متكافئ، بل إن تلك المقومات فيها من التجانس ما يجعل المجال واسعاً للدمج المرحلي بين بعض أهداف التنمية الإستراتيجية مع بعضها، وتصميم برامج زمنية مشتركة لتحقيقها، وفي نفس الوقت سيضيف الاتحاد الخليجي ثقلاً دولياً لكل دولة على حدة، يمكنها من تعظيم مصلحتها الفردية على الساحة الدولية، كما سيشكل الاتحاد كتلة متماسكة أمام الأطماع الدولية، ويزيد الوعي والانتباه لدى دول العالم من الآثار التي قد تضرب مختلف المصالح الدولية في حال تعرض الاتحاد للضرر.
التعليقات