أميمة أحمد الجلاهمة
وجدت في موقف لجنة الإفتاء من ذاك الزنديق الخبر اليقين فقد وقع بالكفر والعياذ بالله، مع أني كنت أتمنى أن يرجع إلى الله سبحانه وتعالى تائبا، لعله ينال عفوه وغفرانه، ولو لم نتمكن نحن البشر من النسيان
هل أتصف بالجبن؟ لعلي في هذه النقطة أكون، فأنا لا أستطيع قراءة ما وصلني عبر بريدي الإلكتروني من كتابات ذاك الأفّاق، وكيف أفعل وقد ثبت لي أنها تحوي الكفر والضلال، فقد تجاوز وتطاول تطاولا لا يقبله مسلم مؤمن بالله الواحد القهار وبرسوله خاتم الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام أجمعين، كتابات دفعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء إلى إصدار بيان تؤكد فيه (أن من استهزأ بالله أو رسوله أو كتابه أو شيء من دينه فقد تنقصه واحتقره، واحتقار شيءٍ من ذلك وتنقصه كفر ظاهر وعداء لرب العالمين وكفرٌ برسوله الأمين)، كما أكدت بعد اجتماعها مؤخراً، برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ مفتي عام المملكة ورئيس اللجنة، وبحضور أعضاء اللجنة (أن الواجب على ولاة الأمر محاكمته شرعاً، كما الواجب على عموم المسلمين الحذر من مثل ذلك سواء بالقول أو بالكتابة أو بالفعل حذراً من غضب الله وعقابه والردة عن دينه وهو لا يشعر).
وهكذا وجدت في موقف لجنة الإفتاء من ذاك الزنديق الخبر اليقين فقد وقع بالكفر والعياذ بالله، مع أني كنت أتمنى أن يرجع إلى الله سبحانه وتعالى تائبا، لعله ينال عفوه وغفرانه، ولو لم نتمكن نحن البشر من النسيان، لعله يستغفر الله الغفار، الرحمن الرحيم ولعله يخضع له ويتذلل، إلا أن ما نقل عنه -مع الأسف - يثبت أنه لم يفعل.
وأنا اليوم أوجه الكلمة إلى والدته ووالده ولكافة أفراد أسرته، فأقول: لا تثريب عليكم وتذكروا ابتلاء نوح عليه الصلاة والسلام وابنه الكافر، وإبراهيم عليه الصلاة والسلام ووالده الكافر، وبرسولنا الكريم محمد عليه الصلاة والسلام وعمه الذي مات مصرا على الكفر، فهل ضر أنبياءنا ورسلنا الذين اصطفاهم الله سبحانه بالرسالة كفر هؤلاء؟! ولأن الجواب معروف لا يحتاج إلى بيان، أقول لأسرة ذاك الأفاق: إن المساس بكم خط أحمر علينا عدم تجاوزه، وما قام به من قول أو فعل يلحقه دون غيره، ومن تعرض لكم ولو بالإشارة يجب رفع أمره إلى القضاء.
كما أقول لأمه التي أجزم أنها لا تنام ولا يهدأ روعها من القلق، لا تحزني وادعي له بالهداية لعله يلقى الله سبحانه تائبا مستغفرا، فينال التوبة بإذن الله، لعله يراجع نفسه فيختم حياته عابدا متعبدا، ولكن في حال عاند وتمرد وكابر، عندها سيكون علينا جميعا الاقتداء بموقف إبراهيم عليه الصلاة والسلام من أبيه، قال تعالى: (فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم)، عندها سيكون عدوا لله سبحانه ولرسوله عليه الصلاة والسلام ولدينه، وإقامة الحد الشرعي عليه وعلى أمثاله واجب علينا كمسلمين.
ولكني ما زالت أتطلع لتوبته مع ما أشعر تجاهه من اشمئزاز وغضب يكاد ينفجر عقلي معه، ومع أني كنت في بداية ظهور القضية وانتشارها استبعد تجرأه على دين الله سبحانه، وأقول لعله أخطأ التعبير.. لعله أحمق جاهل..أو لعله فاقد العقل، لعله.. ولعله، وعلى كثرة ما أثير الموضوع أمامي إلا أني كنت أتحرج أن أكون طرفا فيه فسرعان ما أنقل الحديث لغيره من الموضوعات، ولم أسمح لنفسي أو لغيري بالاسترسال في مناقشة قضيته لا خوفا عليه، ولكن خوفا على نفسي وعلى من معي، فقد أتهمه بالكفر، وأكون في ذلك ظالمة فأقع في الكفر بدوري، قال عليه الصلاة والسلام: (أيما رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال، وإلا رجعت عليه) وهب الله لي ولكم وله حسن الخاتمة.
كما يجدر بي أن أطرح هنا ما ذكره الدكتور محمد السعدي في quot;توتيرquot; (من أن علاج مظاهر الإلحاد ndash; قد يكون من خلال- تفريغ متخصصين للإجابة على الاستفسارات الحرجة عقديا لدى الشباب..)، وهذا الطرح مهم للغاية ليس لمن لديه استفسارات عقدية خطيرة من أبنائـنا، بل للشباب عموما، وليتنا ndash; أيضا- نطرح قضية تدريس (مقارنة الأديان) كمادة عامة أو اختيارية في جامعاتنا ومعاهدنا، وتدريس المذاهب الفكرية المعاصرة في كل منها، فمقارنة معطيات الدين الإسلامي بغيره من الأديان والمذاهب الفكرية يظهر تميز وسمو هذا الدين العظيم على غيره من الأديان، ويمنح الدارس بإذن الله سبحانه، الإيمان الراسخ والقدرة على بيان وجهة نظر إسلامية للقضايا التي قد تراوده أو تطرح عليه.
أما المبتعثون والمبتعثات فمن المعلوم أن دورات متميزة وإلزامية تقام لهم قبل مغادرتهم البلاد، وسيكون من المفيد إعطاؤهم فكرة عما قد يطرح عليهم من آراء مضادة تجاه دينهم وتجاه بلادهم والنظام العام فيها، فبعض أبنائنا يغادروننا وهم صغار السن قليلو الخبرة، وهذا أمر خطير جدا، إذ إنه من السهل زرع الشكوك في أذهانهم بطرح استفسارات ملغمة تهدف بشكل غير مباشر لإعجابهم بالإلحاد أو بالأديان الأخرى، ومن ثم تشكيكهم بسمو تعاليم دينهم الإسلامي وزعزعة انتمائهم الديني والوطني.
التعليقات