راجح الخوري
تتقدم النار كل شيء في سوريا وتسبق الجميع في محاولاتهم الفاشلة وشبه اليائسة حتى الآن، لإيجاد مخرج من الأزمة الدامية التي تكاد تكمل شهرها الحادي عشر، وهذا ما يؤكد ان المأساة طويلة ومعقدة وان الانزلاق الى الحرب الأهلية يتقدم سلحفائية الحلول التي تصطدم بأمرين:
اولاً، شبه الإجماع العربي والدولي على رفض التدخل العسكري وفق السيناريو الليبي وهو ما كررته فرنسا وبريطانيا. وثانياً، اقفال مجلس الأمن بـquot;الفيتوquot; الروسي - الصيني في وجه quot;المبادرة العربيةquot; التي تبنتها دول العالم تقريباً.
وما كان واضحاً منذ البداية يزداد وضوحاً الآن، فلا حديث النظام في الداخل عن quot;الاصلاحاتquot; يمكن ان يرسم مدخلاً للخروج من حمام الدم المخيف، وقد قيل ان سلاح الطيران يشارك في دك الأحياء المتمردة في حمص، ولا حديث الوسطاء والمهتمين في الخارج يمكن ان يوقف النار ويمهد للدخول في مرحلة البحث الجاد عن الحلول.
والمأساة ان ليس هناك غير النار والرقص على القبور. ففي حين تندفع المدرعات في أرياف حمص وحماه وادلب وحلب ودمشق ودير الزور، يتحدث النظام عن مشروع دستور جديد، ثم يسارع في الدعوة الى استفتاء عليه بعد عشرة ايام ليست كافية لكي يقرأه الهاربون من القصف، فكيف بالذهاب الى التصويت عليه! وزيادة في التمويه ومحاولة تقديم الرغبة المتسارعة في الاصلاح على ضجيج الحسم العسكري، لا يتوانى النظام عن الدعوة ايضاً الى انتخابات عامة في خلال 90 يوماً، على رغم انه ليس من الواضح على اساس أي قانون وأي مرشحين وفي أي اجواء حربية سيتم الاقتراع، ومن سيجرؤ بالتالي وسط هذا الحزام من القتل والدم على ان يخرج الى صناديق الاقتراع وليس في المشهد إلا الصناديق التي تحمل القتلى الى المقابر!
المأساة ايضاً ان الجمعية العمومية للامم المتحدة، التي ستلتئم اليوم، قد تقرّ بأكثرية كبيرة مشروع القرار العربي، بعدما سقط المشروع في مجلس الامن بـquot;الفيتوquot; الروسي، لكن لا فاعلية ميدانية لهذا القرار وأهميته تبقى رمزية، وهو يدعو الى انهاء الهجمات على المدنيين ويدعم جهود الجامعة لتأمين انتقال ديموقراطي للسلطة ويطلب تعيين مبعوث خاص للامم المتحدة الى سوريا!
كل هذا ليس من شأنه ان يوقف حامولة القتل التي تصاعدت في شكل مخيف ولن تلبث ان تحوّل سوريا ساحة حرب اهلية تتقاطع فوقها حسابات اقليمية ودولية، ستكون كفيلة بإطالة زمن الحرب والمآسي وترفع من خطر انتقال شرارة الصراع الى الدول المجاورة، وفي مقدم هذه الدول لبنان ما لم تتفق كل القوى الفاعلة فيه على ان من الجنون المطبق السماح بأن تلحق النار بأذيال هذا البلد، الذي اكتوى مدة عقدين بجنون الاقتتال الداخلي.
- آخر تحديث :
التعليقات