يديعوت

دعتني صديقتي ش. من عمان الاسبوع الماضي الى مناسبة سعيدة بصورة خاصة بالنسبة اليها فيها كثير من المشاركين الأجلاء. فقلت لها سآتي فقط اذا شعرت بأنني مرغوب فيّ عندكم ولا يبدو لي ان الوضع كذلك. ولا يبدو لي ايضا ان حضوري الحفل سيزيدك سعادة، بالعكس، أوضحت لها أنني قد أُعكر جو الحفل لكوني اسرائيلية.
وفي الغد تلقيت أنا وهي برهانا من الميدان: فقد دُعي خبيران نفسيان اسرائيليان هما الدكتور جدعون انهولت من جامعة بن غوريون والدكتور حجاي بيرغمان من الجامعة العبرية الى مؤتمر متخصص في جامعة عمان. وحينما تم الكشف عن هويتهما في برنامج المحاضرين، هاجت مظاهرة طلاب جامعيين ومعارضين للعلاقات مع اسرائيل. وقبل ان يخرج الاضطراب عن السيطرة بقليل جاءت خلية أمنية أمسك رجالها الاسرائيليين بأيديهما وأركبوهما في سيارات وهربوهما بسرعة من باب خلفي وأُلغيت المحاضرات. وطلب المتظاهرون ايضا طرد سفير اسرائيل (الذي لم يحضر الحفل)، وخرج المدير العام للجامعة ليُهديء الطلاب الغاضبين بقوله: 'لم نعلم قط أنه يوجد اسرائيليون في القاعة'.
نقول بالمناسبة ان عنوان المؤتمر يفتح بابا للتفسيرات من جميع الاتجاهات: ففي المؤسسة الاكاديمية في عمان خاصة اجتمع أفضل خبراء النفس لاقتراح تعاون في مجال 'الخوف والاكتئاب في حالات الضغط والحروب'.
يوصينا تحذير سفر شامل جميعا ان نمحو الاردن من برامج الزيارات في الأمد القريب على الأقل، فالرياح التي تهب من شوارع المملكة ومن حول بلاط الملك عبد الله تدل على غضب في الأساس. فالملك غاضب على نتنياهو، ووزراء الحكومة يتهربون من مبادرات للقاء نظراء اسرائيليين، والاردن الذي أخرج سفيره من تل ابيب قبل سنتين، يصد بشدة الضغوط التي تستعملها واشنطن والقدس لتعيين بديل عنه. واختفى التعاون الاقتصادي والمشاريع المشتركة.
ما الذي بقي مع كل ذلك؟ بقيت خطوط طيران 'الملكية الاردنية' التي تنقل سياحا اسرائيليين الى الشرق الاقصى، والتعاون الامني الاستراتيجي بعيدا عن العيون المنقبة.
ينقل عبد الله انتقاده بمقابلات صحفية مع الاعلام الاجنبي وأحاديث مع ناس مهمين جدا. وفي كل مرة يعلن فيها شخص ما عندنا أن 'الاردن هو فلسطين'، وحينما يوسعون المستوطنات أو يجددون اعمال الحفر الأثرية، وحينما تتم اغتيالات وتبدأ الصواريخ في الانطلاق يتأهب القصر.
ويرى المستشارون ان الاعلانات عن الدولة البديلة تأتي على عمد وأنها نوع من الاعداد لـ 'المؤامرة الكبيرة'، برغم الانكارات التي تصدر عن القدس. ويمكن الآن ان نكشف عن أنه لولا أشاع وزير الخارجية ليبرمان تصريحات مفاجئة عن أهمية الاردن وسيادته لطردوا سفيرنا من عمان.
الاسرائيليون غير مرغوب فيهم حقا اليوم في المملكة. ما نزال نستطيع الدخول لكن يفضل ألا نزورها.
والقصر مشغول باطفاء حرائق داخلية وإبعاد 'الربيع العربي' عن الشوارع، وتهدئة الاسلاميين، والبحث عن حلول اقتصادية. ويعملون ايضا على خطة للقضاء على الفساد، وعلى اصلاحات وعلى اجتذاب مستثمرين ليسوا مستثمرين اسرائيليين بأي حال من الاحوال.
ليس لذيذا ان تُطرد من قاعة محاضرات ومن مؤتمر دولي. ولا يوجد من يساعد ولا يوجد ايضا من يعتذر. فماذا نفعل؟ اذا بينوا لك أنك لست مرغوبا فيه فابقَ في البيت. ولا تخرج للبحث عن مغامرات ولا تتنكر بهوية اخرى وجواز سفر اجنبي. وتذكر أنه لا توجد أسرار في عصر الانترنت. فبلحظة تصفح واحدة تُخرَج تفاصيلك الشخصية وفي اللحظة التي تليها قد يطاردونك.