السديري وعبده هاشـم و ميساء راشد والقلاب: الاتحاد الخليجي..لماذا؟

ظروف الاتحاد الخليجي ومبرراته
تركي عبدالله السديري
الرياض السعودية
تشرفت يوم أمس ويوم أمس الأول.. بالاشتراك مع عدد من المفكرين والكتّاب الخليجيين والعرب عبر مواقع تلفزيونية إعلامية.. ولم يكن هناك مَنْ هو مختلف مع المطلب الاتحادي أو معارض له.. ما كان يطرح هو وجهات نظر بالتأكيد أنها جميعها تريد اتحاداً متكامل القدرات ومتماثل المستويات.. حتى المواطنون يريدون ذلك، لكن نحن أمام ظروف عربية ودولية مختلفة لا تسمح بالتأجيل.. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى؛ أن عدم وجود التماثل الدقيق بين الدول الخليجية من شأنه أن يعطل قدراتها في تجاوز ما يحيط بها من مخاوف.. وأهم من ذلك كله، وهو ما ليس يتوفر في أي تقارب جغرافي عربي، أن نوعيات التقارب الخليجي إيجابية وعديدة التماثل والقدرات.. هناك تداخل النوعية السكانية.. تقارب المستويات الاقتصادية.. مستويات التعليم.. مستويات التقدم الاجتماعي.. تماثل نوعيات العلاقات الخليجية الدولية التي نجد أنها تتّجه نحو الغرب في تعامل ليس بالجديد، بل عندما كانت محاولات اليسار المتطرف - منذ خمسين عاماً تقريباً - تحاول أن تعبث بوحدة المجتمعات العربية كانت الدول الخليجية أكثر تحفظاً وأكثر رفضاً لتلك التجاوزات، وليس حجة أن يأتي من يقول إن هناك اختلاف مستويات في التعامل مع مظاهر التحديث أولاً لأن الجميع يتّجه إلى ذلك، وثانياً لأن هذا الاعتبار لم يعطل وجود الاتحاد الأوروبي الذي قارب بين دول قديمة الحضور حضارياً ونظامياً وأخرى حديثة أرادت أن تستفيد من دول التجارب الناجحة بالحضور في مسار واحد..
ونحن نلاحظ أن التقارب الخليجي اجتماعياً لم يتم بمغريات خاصة ولا بقرارات رسمية، ولكنه حدث اجتماعياً عبر تفاهم مشترك وتبادل مصالح مشتركة..
نأتي إلى ناحية أخرى مهمة جداً وهي نوعية الظروف القائمة حالياً.. أوسطياً ودولياً.. حيث نجد أنه إذا كان غرب العالم العربي ووسطه يعانيان من تدافع تطوير إسرائيل لمخاطرها.. وهو تدافع ليس بالجديد.. لكن نجد أن دول الخليج قريبة من مواقع مخاطر مستقبلها، ويكفي ما نلمسه من محاولات تحريك لشغب وانقسام إذا أمكن داخل بعض الدول الخليجية.. هي مخاطر لا تتصرف بحذر وإنما هي تحاول فرض وجودها، ولها أساليب ليس من الأفضل أن نتحدث عنها الآن.. لا نريد أن ندخل في أي دائرة عداوات، لكن نريد أن نبقى في جوار متماثل تتوفر كفاءات الأمن والقدرات العسكرية والاقتصادية والتعليمية داخل اتحاد خليجي لن يتنازل فيه أي طرف عن حقائق سماته الخاصة، لكنه سيكون أكثر قدرة وأماناً في هذا الارتباط الموضوعي الجزيل المبررات..
خليج موحد لماذا ؟
هاشم عبده هاشـم
عكاظالسعودية
bull;bull; بعد ثلاثين عاما من قيام مجلس التعاون الخليجي..
bull;bull; وبعد تحقق تعاون نسبي بين دوله وشعوبه.. لم يرق إلى مستوى أمل وطموح الشعوب.. وإن كان قد حقق أشياء كثيرة لها..
bull;bull; بعد هذه السنوات الطوال.. أعاد الملك عبدالله إلى هذه الشعوب طموحها في أن تنتقل إلى laquo;الاتحادraquo;.. بدلا من الاكتفاء بصيغة التعاون لثلاثين عاما أخرى قادمة..
bull;bull; فعل هذا الملك .. لأنه أحس بنبض هذه الشعوب وبتطلعاتها الأكبر من جهة..
bull;bull; وفعله لأنه يدرك أن الخليج بات مهددا بأخطار حقيقية لأمنه.. وسلامته.. وبرزق شعوبه.. ولوجودهم بالكامل..
bull;bull; وفعله لأنه يعرف أيضا أن اتحاد دولنا الست يوحد ويجمع قدراتها وإمكاناتها.. ويعالج الثغرات الموجودة بداخلها أيا كانت.. لأنه لا حياة ــ في هذا العصر ــ للكيانات الصغيرة.. أو الهشة.. أو المعزولة عن العالم..
bull;bull; ولا أخفيكم القول إن مبادرة الملك عبدالله هذه.. مثلت بالنسبة لي وللملايين في خليجنا الرابض على الكثير من الخيرات والناعم بالهدوء النسبي، مقارنة بدول وكيانات ومجتمعات أخرى، مثلت مفاجأة سارة.. لسببين اثنين هما :
bull;bull; إن المملكة أكدت مجددا أنها دولة تفكر في المصلحة العليا لدول وشعوب الخليج.. ولم تفكر في مصلحتها وحدها، كدولة تتوفر لها كل أسباب القوة والمنعة، وليست لديها مخاوف من أي نوع آخر.. قياسا بما قد يتعرض له أشقاؤها، لا سمح الله، في أي وقت..
bull;bull; وإن الملك عبدالله شخصيا.. قد ألغى ــ بهذه الدعوة ــ كل الأوهام والتخرصات التي كان وما زال يثيرها أعداء الخليج وأعداء شعوب الخليج، بأن هذه البلاد تريد الهيمنة على الخليج باعتبارها الدولة الأكبر والأقوى..
bull;bull; ذلك أن اندماج دولنا الست في اتحاد واحد.. لا يعطي أي ميزة لأحد.. وإنما يعطي قوة حقيقية للجميع.. ويخضع تشكل هذا الاتحاد وقيامه لسلسلة من الخطوات الإجرائية لإعادة بناء مؤسساته الدستورية والإدارية والتنظيمية على أسس من الشراكة في إدارة شؤون هذا الاتحاد وبالتساوي..
bull;bull; ومن يعرفون الملك عبدالله.. ويعرفون كيف تفكر المملكة العربية السعودية.. وكيف تتصرف.. يدركون أن منهجه ــ يحفظه الله ــ قائم على تغليب مصلحة الكل.. ما دام أن في هذه المصلحة وفي هذا التجمع الجديد ما يحفظ لنا وجودنا جميعا.. ويمكن شعوبنا من إثبات وجودها.. واستمرار عطائها للإنسانية..
bull;bull; وما أتمناه هو.. أن يؤكد الملوك والأمراء والقادة بعد يوم غد للعالم.. أننا دولا وشعوب تعرف مصلحتها.. وتدرك ما يدور حولها جيدا.. وتتخذ من القرارات ما يصون أمنها واستقرارها وسلامة شعوبها.
ضمير مستتر:bull;bull; في اللحظات التاريخية.. تتأكد حكمة الكبار.. ويتأكد بعد نظرهم وسلامة اختياراتهم..
الاتحاد الخليجي وقمة الرياض
ميساء راشد غدير
البيان الاماراتية
من المنتظر أن يناقش قادة دول مجلس التعاون الخليجي اليوم، موضوع الاتحاد الخليجي الذي طرحه خادم الحرمين الشريفين في وقت سابق.
الطرح الأول صور لنا قرب فكرة الاتحاد من الاتحاد الأوروبي الذي لم يلغ هوية وخصوصية أي دولة انضمت إليه، ولم يعظم من سيادة دولة على دولة أخرى، بل حقق مكاسب للدول التي انضمت تحت لوائه، في ظل التكتلات الاقتصادية التي تحكم العالم اليوم. لكن تغريد أصوات من هنا وهناك خارج السرب، تدّعي مطامع خاصة لبعض الدول في تحقيق هذا الاتحاد، قلل من مساحة التفاؤل به، باعتبار أنه سيضعف مواقف دول لحساب دول أخرى، وكأنه سيحدث فوضى في منطقة الخليج التي تحكمها نظم سياسية ليس من السهل تفكيكها أو تجزئتها.
دول الخليج تربطها عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية تاريخية، وقد كان لمجلس التعاون الأثر في تأكيد تلك الروابط طوال السنوات الماضية، وما تحقق بفضل تلك الجهود من إنجازات، ينبغي أن يجعل القادة اليوم يناقشون مشروع الاتحاد الخليجي بجدية وشفافية تطرح المخاوف قبل المكاسب، لتضمن نجاح اتحادنا، لا سيما على الصعيدين السياسي والعسكري.
الاختلاف في بعض الخصوصيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تحكم دول الخليج، حقيقة لا يمكن إنكارها ولا إلغاؤها، لأنها تنبثق من خلفيات تاريخية ونظم سياسية، ورؤى صانعي القرار في تلك الدول، وطبيعة ديمغرافيتها، وهي مسألة موجودة في الاتحاد الأوروبي وغيره من التكتلات الإقليمية والدولية الأخرى، دون تعارض مع الخطوط العريضة التي تسير بها أمور الدول الأعضاء في كل تكتل.
وهناك بالطبع اختلافات وتنوع بين هذه الدولة أو تلك من الدول الخليجية، رغم المشتركات الكثيرة بينها، وهو ما يوصلنا لحقيقة أن الاتحاد الخليجي ينبغي أن لا يلغي خصوصية الدول ونظمها، أو يغلب سيادة بعضها على الآخر، بقدر سعيه إلى تحقيق التكامل وتوحيد الصفوف، التي عجز quot;التعاونquot; عن تحقيقها في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية.
والمطلوب هو أخذ حيز من النقاش بين المهتمين بالشأن الخليجي، وما يهمنا نحن أبناء الخليج في هذا الاتحاد هو أن يعمل صناع القرار اليوم على الخروج بمفهوم يوضح فكرة الاتحاد، ويحدد أهدافه وصلاحياته، ففي ذلك ضمان للاستمرار والمضي في المشروع قدماً دون تخاذل، لا سيما في هذا الوقت الذي بات الخليج فيه بحاجة إلى الاتحاد أكثر من أي وقت مضى، لحماية المنطقة من أي تهديدات وتعزيز قدراتها في مواجهة كل التحديات.
أهم القمم الخليجية!
صالح القلاب
الجريدة الكويتية
أنْ ينتقل مجلس التعاون الخليجي بعد ثلاثين عاماً من وضعه الحالي إلى اتحاد بين دول الخليج العربية فإن هذا في حقيقة الأمر مسألة لا تعني هذه الدول وحدها، بل تعني العرب كلهم وتعني دول هذه المنطقة بأسرها، وهي خطوة إن تمَّ إنجازها الآن أو بعد فترة فهي ستحظى بتأييد وترحيب كل الدول العربية أو معظمها، لكنها ستواجَه بالرفض من قبل بعض دول الإقليم وبخاصة من قبل جمهورية إيران الإسلامية.
كان هذا المجلس عندما تشكل في الخامس والعشرين من مايو عام 1981 قد اعتبر خطوة هامة في اتجاه الوحدة العربية المنشودة التي رغم أن شعاراتها قد طغت على عقود خمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن الماضي، فإنها بقيت مجرد تأوهات وجدانية لم يتحقق منها أي شيء فعلي على أرض الواقع اللهم باستثناء الوحدة المصرية السورية التي لم تصمد إلا سنوات قليلة، والوحدة القصيرة العمر بين النظامين الملكيين الهاشميين في العراق والأردن التي جرى اغتيالها بانقلاب دموي قاده عبدالكريم قاسم في عام 1958 كان فاتحة الانقلابات العسكرية المدمرة التي تلاحقت بعد ذلك، وأوصلت بلاد الرافدين إلى هذه الأوضاع المأساوية التي تعيشها الآن والتي لاتزال مفتوحة على احتمالات كثيرة.
عندما تشكل مجلس التعاون لدول الخليج العربية في الخامس والعشرين من مايو عام 1981 ما كان من الممكن أن تسمح إيران بإنشائه لو لم تكن قد دخلت تلك الحرب المكلفة مع العراق التي بدأت في سبتمبر 1980 واستمرت حتى الثامن من أغسطس عام 1988، فهذا البلد الذي من المفترض أنه الأقرب إلى العرب وإلى تطلعاتهم الوحدوية بقي يناهض أي توجه وحدوي عربي إنْ في عهد الشاه السابق محمد رضا بهلوي وإنْ بعد انتصار الثورة الإسلامية الخمينية. إن المفترض أن هناك اتفاقاً من قبل العرب كلهم وليس من قبل الأشقاء في الخليج العربي فقط أن هذه التجربة قد حققت، رغم بعض إخفاقاتها المبررة وغير المبررة، إنجازات لا يمكن إنكارها وأنه آن الأوان بعد ثلاثين عاماً للانتقال بها من صيغة ldquo;التعاونrdquo;، الذي يجب أن يستمر ويتواصل، إلى صيغة الاتحاد الذي يجب ألا يلغي خصوصية أيٍّ من دوله.
لقد انطلق الملك عبدالله بن عبدالعزيز، عندما دعا إلى هذه الخطوة الإستراتيجية الهامة التي تدل على سعة الأفق والتقاط اللحظة التاريخية، من أنه لا يجوز أن يبقى العرب بصورة عامة والخليجيون بخاصة يكتفون بما هُم عليه إن بالنسبة لمجلس التعاون وإن بالنسبة للجامعة العربية بينما العالم كله قد اختار، تحت ضغط الاستحقاقات الاقتصادية والسياسية المُلحّة، التكتلات الجهوية والإقليمية واليوم وفي قمة الرياض التشاورية فإن المفترض أن تكون هناك وقفة شجاعة تستجيب لتطلعات خادم الحرمين الشريفين الإستراتيجية التي تشكل التقاطاً فعلياً للّحظة التاريخية وذلك على صعيد المنطقة العربية بأسرها وعلى صعيد الإقليم كله.