القاهرة - سمر فتحي وربيع حمدان
نفى المرشح في الانتخابات الرئاسية المصرية عمرو موسى أن تكون حملته تلقت laquo;تمويلا خليجياraquo;، واصفا هذه الاتهامات بأنها laquo;ادعاءات كاذبةraquo;، مشيرا الى أن مصدر تمويله من نفقته الخاصة.
واذ ثمَّن العلاقات المصرية - الخليجية وخصوصا الكويتية، أكد موسى، في حوار خاص مع laquo;الرايraquo;، أن laquo;الاستثمارات الكويتية في مصر تأثرت بنسب متفاوتةraquo;.
وبينما رفض laquo;الاتجار بالشعارات الدينية، لأن الاسلام ليس شعاراتraquo;، اعتبر موسى ان هجوم بعض الحركات السياسية عليه ووصفه بأنه من الفلول هو laquo;قصر نظرraquo;، مشيرا الى أن تاريخه السياسي لا يشوبه أي فساد سياسي شارك فيه.
وفي ما يلي نص الحوار:
bull; ما تعليقك على المناظرة التي تتم بين المرشحين، خصوصا بعدما خضت التجربة بنفسك؟
- اريد أن أوضح أن صاحب الفضل الأول والأخير في هذا المشهد السياسي وظهور المرشحين على شاشات التلفزيون للتعرف على رؤيتهم وتطلعاتهم وبرنامجهم الانتخابي هو ثورة الشعب المصري، خصوصا أنها المرة الأولى التي نشهد هذه التغطية الاعلامية الكبيرة لمرشحي الرئاسة، ليس فقط في وقت الانتخابات الرئاسية وانما التركيز على معرفة الشعب المصري للمرشح أهم من انتخابه. والمناظرة التي تمت بيني وبين عبد المنعم أبوالفتوح كانت ممتعة للغاية، خصوصا أنها حملت العديد من الأفكار والآراء التي تمت مناقشتها طوال الحلقة.
bull;... رغم اعتبارك أن المناظرة كانت ممتعة، الا ان الحلقة كانت ساخنة للغاية، واتهمك فيها البعض بالتطاول والكبرياء على أبوالفتوح، فما ردك على ذلك؟
- الكبرياء والتعالي سمة المنافقين وأنا لست بمنافق، كما أنني لم أتطاول مطلقاً على أبوالفتوح، واذا كان صدر مني أي نوع من التلاعب بالألفاظ فهو نوع من المداعبة الطريفة ليس الا، فشخصية أبوالفتوح شخصية لها ثقل سياسي لا يمكن أن ينكره أو يستهين به أحد.
bull; ثمة من يقول انك على خصومة مع تيار الاسلام السياسي؟
- لا توجد خصومة مع رموز التيار الاسلامي، غير أنني أستنكر محاولات المزايدة بالشريعة في هذه الانتخابات، ولا يعقل أن يقال صوِّت لفلان كي تدخل الجنة مثلما كان يجرى في السابق خلال عهود مضت. ونحن جميعًا مسلمون ولدينا قاعدة ثقافية أساسها هذا الدين الحنيف ومن ثم لا يحق لأحد أن يحتكر الحديث باسم الاسلام، ومن هنا لا يوجد عداء بيني وبين المرشحين الاسلاميين، لكنها منافسة في مضمار الانتخابات الرئاسية.
bull; البعض اعتبر لأن لك مآخذ على سلوك بعض المرشحين؟
- ليس من حق أحد استغلال الدين لتحقيق أغراض سياسة، واستيائي من سلوك بعض المرشحين الذين يرفعون راية الاسلام ولا يتورعون عن الاساءة الى خصومهم بادعاءات باطلة واتهامات ما أنزل الله بها من سلطان.
bull; لكن هناك اتهامات منك واضحة لبعض هؤلاء المرشحين الثلاثة الذين يحملون راية الشريعة، وما نسب اليك أنك طعنتهم في مرجعيتهم خلال اللقاء في احدى القنوات الفضائية؟
- ان انتقاد المسلك والأسلوب شيء والمرجعية شيء آخر، وأكرر أنني أحترم المرجعية الاسلامية تماما، لكن هناك فارق بينها وبين الاتجار بها ودغدغة مشاعر الناس، خصوصا البسطاء منهم لتحقيق أغراض انتخابية وصراع على مقعد الحكم.
bull; ماذا تقول حول ما يدور عن التخوف من العبث في المادة الثانية من الدستور؟
- لدي ايمان عميق بالمادة الثانية من الدستور التي تنص على أن مبادئ الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع، وهذه المادة تطمئنني شخصيًّا من ناحية التشريع، كما تطمئن الشركاء الأقباط في الوطن، عبر اضافة نص الاحتكام الى شرائعهم في الأحوال الشخصية، وأكثر ما أخشاه ظهور توجه عريض أو أن يستغل شخص حديث الجنة والنار والدين للانفراد بالقرار ورفض أي نقد.
bull; ما أكثر شيء يقلق المرشح الرئاسي عمرو موسى؟
- أكثر ما يشغلني هو انتشار الفقر والبطالة بين قطاعات عريضة من المصريين، واعتبر أنهما يمثلان المشكلة الأولى الآن في مصر، كما يمثلان تحديا كبيرا لأي رئيس مقبل.
bull; كيف تنظر الى الكرسي الرئاسي؟
- مقعد الرئاسة في مصر لم يعد تكريما أو تشريفا لأي رئيس قادم اليه، لأنه يرث تركة مثقلة بالأعباء والكوارث التي تهدد الوضع العام، خصوصا في المجالين الاقتصادي والأمني، وقلت ولاأزال أؤكد أن عهد استقبال الرئيس بالطبل والمزمار انتهى تماما، والناس عيونها تفتحت وباتت تعرف حقوقها على غير ما كان من قبل، ولم يعد أحد يخشى أي شيء، ولا أستبعد أن يُقذف الرئيس المقبل بالبيض الفاسد والطماطم بدلا من الورود ان هو أخفق في تحقيق مطالبهم وتطلعاتهم وخيب آمالهم.
bull; وكيف ترى الى أوضاع المصريين في الخارج؟
- المصريون في الخارج يمثلون أحد أولوياتي، ويتوازى معه كرامة المواطن.
bull; ما نظرتك لأوضاع الداخل؟
- حين رفعت شعار laquo;احنا أد التحديraquo; كعنوان لحملتي الانتخابية، قصدت به أننا جميعًا كشعب مصر نستطيع أن نتغلب على أي مشاكل مهما بلغت، وأننا قادرون على مواجهة هذا التحدي والانتصار عليه، ليس بالشعارات وانما بالعلم والعمل الجاد.
وأراهن على قدرة واختيار المواطن المصري على تحقيق المعجزة، الذي يعرف وضع البلد ويريد رجل دولة لقيادة الدولة خلال هذه المرحلة البالغة الخطورة، أليس في رفع المعاناة والتصدي للفقر وتحقيق الرفاهية للشعب المصري أبلغ وأرقى صور الاسلام، والاسلام ليس شعارات أو مزايدات انما علم وعمل ومعاملات بين الناس.
bull; ما تعليقك عن الصدام الذي يتحدث عنه المصريون مع فصيل laquo;الاخوانraquo;؟
- ليس هناك موقف من laquo;الاخوانraquo; ولا توجد حساسية تجاههم، بل العكس من ذلك هو الصحيح. وأنا أول من قال في مستهل الثورة وفي أيامها الأولى ان laquo;الاخوانraquo; فريق من الوطنيين الشرفاء ولهم الحق في التعبير عن أنفسهم ولا يمكن اقصاء أحد أبدا، وسبق أن دعيت لحضور احتفالية الجماعة لافتتاح مقرها الجديد في المقطم والتقيت وقتها المرشد العام.
bull; ولكن هناك هجوم عليك يصل الى حد أنهم طلبوا اقصاءك؟
- أرفض تماما معيار laquo;الاقصاء العشوائيraquo;، الذي ينطوي على المكيدة ليس الا، والذي تعتمده بعض الجماعات أو الأفراد لمجرد وشايات لا أساس لها من المصداقية، والاقصاء يتعين أن يكون حيال من أساء وأفسد، وليس للشرفاء الذين خدموا بلدهم بكل اخلاص. ألا يتعين أن يكون هذا هو laquo;المعيار الاسلاميraquo;؟ أم أن المعيار لدى البعض ممن ينسبون أنفسهم الى هذا الدين الحنيف هو الادعاء بالباطل لتحقيق أغراض في أنفسهم حتى لو كانت بقلب الحقائق؟
bull; بعد هذه الأسئلة الخاصة بالتيار ومحاولات الهجوم ضدك.. هل معنى ذلك أنك لا تخشى من فكر laquo;الاخوانraquo; والسلفيين؟
- لابد من توضيح أمر مهم، وهو أن المشهد السياسي في مصر بعد ثورة 25 يناير اختلف كثيرا، خصوصا أن تواجد العديد من التيارات السياسية يؤكد أن هناك اختلافا في كل تيار، فعلى سبيل المثال رؤية حزب laquo;الوفدraquo; مختلفة عن رؤية حزب laquo;الحرية والعدالةraquo; ومختلفة عن حزب laquo;النورraquo; فكل منهم له سياسته الخاصة.
bull; هل تخشى من فوز التيار الاسلامي في الانتخابات الرئاسية؟
- أثبت التيار الاسلامي أنه غير صالح لقيادة الدولة في هذه الفترة، خصوصا أن قرارات المرشحين المنتمين الى هذا التيار مثل الدكتور محمد مرسي أو الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح أو محمد سليم العوا ليست من تلقاء أنفسهم، بل صوت العقل لديهم هو المرجعية الاسلامية وقرار المرشد. فأنا لا أخشى من فوز أحد منهم، خصوصا أن الشعب لن يخدع مرة أخرى ولن يجري وراء سراب. الشعب المصري يريد أفعالا وليس كلاما، خصوصا أن أفكار التيار الاسلامي لن تأتي على مصر بالخير. نحن دولة قانون ونريد رجل دولة، وأنا رجل دولة وتاريخي خير دليل على كلامي.
bull; ما خلافك مع laquo;حركة 6 أبريلraquo;؟
- لا خلاف لي مع أحد. فعلى رغم أن اختلافي في رؤية التيارات السياسية الموجودة على الساحة فان احترامي وتقديري لهم لا يقل.
bull; لكن الحركة أعلنت الحرب عليك لأنك محسوب على النظام السابق وتطاردك في جولاتك الانتخابية؟
- هذا قصر نظر. فحين أسمع كلمة laquo;فلولraquo; التي أصبحت هي الكلمة التي يتحدث بها الرجال والنساء والشيوخ وحتى الأطفال باتوا يرددونها من دون داعٍ، فلابد أن نذكر شيئا مهمًّا، فالفلول معناها من أفسدوا في الحياة السياسية، وعمرو موسى منذ توليه منصب وزير الخارجية منذ 1991 حتى 2001 وتقلده منصب الأمين العام للجامعة العربية، أتحدى أي شخص يقول انني أفسدت في الحياة السياسية. والذين أفسدوا في الحياة السياسية تم القبض عليهم ويحاكمون الآن. فليس معنى ذلك أن كل من عاصر العصر السابق لابد أن يعدم، هذا كلام سطحي لا يحمل أي رؤية على الاطلاق.
bull; هل معنى ذلك أنك من الممكن أن تستعين برجال النظام السابق بعد توليك لمنصب رئاسة الجمهورية؟
- ما العيب في ذلك، فهناك العديد من الشرفاء الذين وقفوا أمام سياسة مبارك ورفضوا تنفيذ أوامره كما فعلت أنا.
bull; ماذا لو حُكم على مبارك بالاعدام؟
- قرار قضائي واجب التنفيذ.
bull; ماذا تردّ على الاتهامات الكثيرة للديبلوماسية المصرية عندما كنت وزيرا للخارجية؟
- أستغرب الافتراء على الديبلوماسية المصرية وانجازاتها وتاريخها على مدى سنوات ادارتي شؤون وزارة الخارجية بادعاءات كاذبة، وأقل ما يوصف به هذا الأمر ليس سوى تزوير متعمد للتاريخ من أجل تحقيق أغراض انتخابية، حتى لو كان على حساب الأمانة التي يتنادى بها بعض هؤلاء، وهو يعني التزوير لكل شيء من أجل اغتيال شخصية. وبات شيئا واضحا لمسته حتى خلال المناظرات، وأستطيع أن أرد عن نفسي مثلما جرى، لكنني أرفض الافتراء على مصر.
فكرت جديا في ترك منصبي في وزارة الخارجية العام 1998 بعدما بلغت الخلافات بيني وبين الرئيس السابق حدا لا يحتمل بسبب الخط السياسي الذي كان ينتهجه النظام، خصوصا حيال عملية السلام والعلاقات مع اسرائيل والوضع العام في المنطقة. وكانت أولوياتي واضحة منذ مؤتمر مدريد للسلام حين وقفت أتحدث عن موقف العرب، العرب كلهم وليس موقف مصر منفردًا كما كان الوضع منذ أيام كامب ديفيد، الأمر الذي حاز دهشة الحاضرين في المؤتمر والمراقبين في مختلف أنحاء العالم، خصوصا أن هذا الموقف جاء بعد سنوات من القطيعة العربية مع مصر.
bull; هل صحيح أنك تلقيت تمويلا عربيا، خصوصا من دول الخليج في حملتك؟
- هذه ادعاءات كاذبة ليس لها أي أساس من الصحة.
bull; هو مصدر تمويلك اذا؟
- أنا شخص من أسرة ثرية وتقلّد مناصب كبيرة في الدولة، كما أنني أملك ارثا كبيرا من والدي، وهذا هو مصدر تمويلي، من نفقتي الخاصة.
bull; كيف ترى العلاقات مع الكويت ودول الخليج، وهل ثأثرت الاستثمارات الكويتية في مصر؟
- العلاقة بين مصر ودول الخليج العربية عموما، والكويت خصوصا قوية وعميقة لها تاريخ لا يمكن انكاره، خصوصا أن العلاقات بين البلدين لم تتأثر بتغيير النظام السابق. بالفعل ثأثرت الاستثمارات الكويتية في مصر، الا أنه كان بنسب متفاوتة لا تذكر، وكان تأثرها الطفيف مثل أي استثمارات أخرى من جراء بعض التغييرات الاقتصادية التي حدثت في مصر كلها، وهذا التأثر الطفيف سرعان ما تلاشى وعادت الاستثمارات الكويتية الى عهدها مرة أخرى.
bull; كيف ترى التعامل مع دولة اسرائيل؟
- من الممكن التعديل على بعض بنود اتفاقية كامب ديفيد، كان هناك دوافع تهدد الأمن القومي لمصر ولا يوجد أي نية لاتفاقية جديدة مع اسرائيل ما دامت اتفاقية السلام المصرية - الاسرائيلية قائمة، لكن أصبح العهد الجديد يندد ويعتبر أنه آن الأوان أن تقام دولة فلسطينية ويعود الحق الفلسطيني لأصحابه مرة أخرى.
bull; وبالنسبة للشأن الايراني؟
- أريد أن أكرر أن ايران من الدول الاسلامية، وحين قلتها قامت الحرب عليَّ من دون داعٍ. فايران دولة ليست عدوة ولابد من فتح مجال الحوار بيننا وبينهم حول القضايا العربية المعلقة مثل الوضع في العراق ولبنان وسورية والقضية الفلسطينية.
bull; كيف سيكون التعامل مع الولايات المتحدة؟
- لابد أن نؤكد أن العداء بيننا وبين العالم الغربي غير موجود على الاطلاق. الغرب يريد انقاذ مصر بوجود رجل دولة يتحمل المسؤولية وليس معنى ذلك التدخل في شؤوننا الداخلية، لكن مصر من البلاد المهمة في الشرق الأوسط، والحدث السياسي بها يشغل الرأي العام، كما أن استقطاب العمل مع جميع الدول العربية والغربية سيفيد مصر في جميع مجالاتها.