عبد الله اسكندر

هكذا وصلت العملية الانتخابية الرئاسية في مصر الى نهايتها المحتومة، عبر انحصار المنافسة على الرئيس المقبل، في دورة الاعادة، بين جماعة laquo;الاخوان المسلمينraquo; والمؤسسة العسكرية.

وهي المنافسة التي لاحت آفاقها منذ ان حقق الاسلاميون عموماً انتصارهم الانتخابي الكبير في الانتخابات التشريعية، وبدء بروز نزعة توظيف هذا الانتصار من اجل التحكم بكل مفاصل المؤسسات. وبدا جلياً منذ ان سيطر الاسلاميون على غالبية مقاعد البرلمان انهم يتجهون الى استثمار ذلك، في اللجنة الدستورية ومن ثم في المعركة لاسقاط حكومة المجلس الاعلى للقوات المسلحة والدفع باسلامي الى رئاستها. وبدا ايضا ان هذه النيات لم ترق للمؤسسة العسكرية التي راحت تزرع العراقيل امام هذه الهيمنة، وعبر اللجوء الى القضاء الاداري لتعطيل ما رغب laquo;الاخوانraquo; بالحصول عليه.

واليوم مع انحصار المنافسة على الرئاسة بين مرشح laquo;الاخوانraquo; محمد مرسي وبين مرشح المؤسسة العسكرية الفريق أحمد شفيق، تكون الفترة الانتقالية قد انتهت الى هذا الفرز السياسي، خصوصا ان امكانات التوصل الى صفقة بين الجماعة والمؤسسة العسكرية تراجعت كثيرا في الاسابيع الماضية. وذلك نظراً الى اعلان laquo;الاخوانraquo; عزمهم على تحديد دستوري لدور هذه المؤسسة، بما يتناقض تناقضاً كبيراً مع تطلعاتها الى ان تبقى المؤتمنة على المصلحة الوطنية العليا، وما يعنيه ذلك من ادوار على كل الصعد.

سيسعى laquo;الاخوانraquo;، ومن معهم، الى التركيز على ارتباط المرشح شفيق بالنظام السابق ومظالمه على المستوى الداخلي. وسيحذرون من عودة الحزب الوطني المنحل الى الاستئثار بالسلطة مجدداً. وسيعبئون تحت شعار حماية الثورة ومكتسباتها. لكنهم لن يتمكنوا من تقديم ضمانات مقابلة في شأن كيفية ادارتهم لشؤون البلاد. والأهم من كل ذلك لن يتمكنوا من كسب التأييد العربي والدولي في شأن الموقع السابق لمصر في الوضع الاقليمي. بكلام آخر، قد لا يجد laquo;الاخوانraquo;، خارج التيارات الاسلامية، تأييداً واضحاً لمشروعهم، في الوقت الذي تعتبر المؤسسة العسكرية ضمانة لاستمرار السياسة السابقة، في العلاقات العربية والعلاقة مع الولايات المتحدة وخصوصا في شأن معاهدة السلام مع اسرائيل. ورغم ما يعلنه اعضاء المجلس الاعلى للقوات المسلحة عن الحياد، فان المؤسسة العسكرية تبقى معنية بمصير دورها ويهمها استمرار هذا الدور عبر رئيس تثق به، من جهة. ومن جهة اخرى، تبقى هذه المؤسسة الطرف المعني اساساً بعملية السلام والحفاظ عليها، والاكثر تأثراً بالمواقف الدولية الداعمة لها.

والى حين موعد دورة الاعادة، في 16 و17 الشهر المقبل، سيجرى كثير من الحسابات وستبلغ التعبئة حدودها القصوى من اجل ساعة الحسم. سيجري الحديث عن كيفية توزع اصوات باقي المرشحين بين شفيق ومرسي، وعن احتمال تشكل قوة ثالثة تسعى الى استدراج تطمينات من المرشحين. كما سيظهر فرز داخل الاسلاميين بين مؤيد لـraquo;الاخوانraquo; وبين ممتنع وبين مؤيد للمؤسسة العسكرية. وهو الامر نفسه الذي سيظهر داخل الكتل المدنية والليبرالية واليسارية، في حين ان الصوت القبطي سيذهب في كل الاحوال الى المؤسسة العسكرية التي من المفترض ان تطمئن مخاوف الاقباط من تولي الاسلاميين كل مفاصل الدولة.

ومن المؤكد انه في هذا الصراع، تملك المؤسسة العسكرية ادوات فاعلة من اجل ضمان فوز مرشحها (ممثلها) برئاسة الجمهورية. فهي، مع laquo;الاخوانraquo;، الطرف المنظم وصاحب الامتدادت المتعددة داخل المجتمع المصري، والقادر على التعبئة الشعبية. واذا كان الجنرالات المصريون يشددون على نزاهة عملية الاقتراع، فان الحظوظ المتوافرة لمرشحهم تأتي من القدرة على توفير خزان تصويتي كبير له، لا يقل عن خزان laquo;الاخوانraquo;، وليس من تزوير علني كما كان يحصل في السابق.