فاتح عبدالسلام


أكتب هذه السطور ولم تخرج نتيجة انتخابات رئيس مصر برغم تعدد أقطاب الفائزين بالمراكز الخمسة الأولى في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة المصرية إلاّ إنَّ الصراع مفروز وواضح بين معسكرين على درجة عالية من التنظيم، المعسكر الأول تمثلهُ جماعة الإخوان المسلمين التي تقول إنّ عدد أعضائها يساوي مليوناً ومائتي ألف عضو منتسب للتنظيم. والمعسكر الثاني له درجة ضاربة في التنظيم أيضاً ولو بدرجة أقل سريّة وحرفية ويمثله الحزب الوطني الحاكم في عهد حسني مبارك، وهؤلاء يدعمون بشكل واضح وصريح أحمد شفيق آخر رئيس وزراء متاخم لفترة اندلاع ثورة 25 يناير. ومصدر التأييد لشفيق يأتي من إنه لا يعامل جميع من انتسب لمؤسسات الدولة في عهد مبارك معاملة من كان له سلطة القرار السياسي والأمني. لذلك لن يقدم على اجتثاث شامل في مجتمع لا يحتمل ضربة مَنْ الداخل على نحو تفكيكي. خسارة عمرو موسى جاءت من أسباب واضحة وهي إنّه ينافس شخصية يتوافق على دعمها الحزب الوطني المحل وأعضاؤه بالملايين ولا يملك سوى رصيده الشعبي الذي ألهبه قبل عقد من الزمان شعبان عبد الرحيم في أغنيته الشهيرة.
مصر بين خيارين أحدهما، إخواني له السيطرة على البرلمان، لكن ليس له سيطرة على الرأي العام في مصر الذي اعطى بالمحصلة أصوات الأغلبية لثلاثة خارج المشهد الإسلامي وهم شفيق وصباحي وموسى ما يشير إلى إنّ جولة الإعادة ستشهد اصطفاف أنصار صباحي وموسى والمتردّدين إلى جانب شفيق الذي يواجه أنصار مرسي وأبوالفتوح معاً، لكنّهم لن يكسروا حاجز تغيير الخريطة الرئاسية لمصر بسهولة، ولعلّهم سيكتفون بأنّهم قرعوا الجرس بقوة ولوّحوا وربّما هدّدوا، وإنّ خيارهم في النهاية هو خيار لابدَّ منه في الحفاظ على الدولة عبر وجودهم التشريعي النافذ في البرلمان.
من السهل التحشيد في الشارع ضد أحمد شفيق، بسبب من امكانية اصطفاف التيار الاسلامي، بكل أنواعه مع الشباب المتحمس في ثورة يناير الذي لا يحمل ذكريات جميلة عن آخر أيام شفيق في الوزارة حيث شهدت حصول موقعة الجمل الشهيرة. لكنّ التحالفات السياسية تحت هاجس الضغط هي أفضل كثيراً للتيارات المصرية من إعادة صورة الفوضى في الشارع قبل أنْ يتعافى الوضع المصري ممّا لحقه من نكوص اقتصادي وفوضى أمنية واجتماعية ومخاوف دولية مؤثرة في الموازين المصرية.