زعيم التيار مقتدى الصدر الذي عركته تجارب أمريكية إيرانية عراقية متناقضة في خلال تسع سنوات وصلت إلى حدّ اصدار مذكرة إلقاء قبض عليه، لا يبدو أنه سريع الانسياق إلى نهاية الشوط لمجرد إنه غير راضٍ عن أداء سياسي لمن يقود السلطة.


إيلاف: يرى فاتح عبد السلام ان ما يدور الآن من عملية تحشيد برلماني بين قوائم الكردستاني وما تبقى من العراقية والصدريين لسحب الثقة من رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي هو استخدام السلاح الأبيض في معركة نفدت ذخيرتها ولن تكون لها نتيجة حاسمة في حرب واضحة بين طرف السلطة المحتكمة على عناصر قوة عسكرية وأمنية ومالية وأطراف أخرى تشعر إنّها تستطيع أنْ تفعل شيئاً بالاستناد إلى استخدام الأوراق التي لم تنزلها سابقاً إلى الحلبة. وعلى نفس الصعيد يشير عوني صادق الى انه في خضم الصراع الدائر، وجهت الأطراف المشاركة في ldquo;العملية السياسيةrdquo; لبعضها بعضاً كل الاتهامات الممكنة، كاشفة عيوبها التي كانت تغطي عليها أيام الوفاق، بدءاً من سرقة المال العام، مروراً بالديكتاتورية، وصولاً إلى التآمر على الشعب وقتل المدنيين، وانتهاء بما يقترب من الخيانة العظمى.

لكن عملية سحب الثقة من وجهة نظر حسين على الحمداني تبدو غريبة، وبحاجة لأن نتوقف عندها. ويتسائل الحمداني حول من يريد يريد سحب الثقة من الحكومة الحالية؟.. وبحسب الحمداني فان الجواب لا يحتاج لوقت وتفكير وجهد، فمن يطلب ذلك ليست المعارضة البرلمانية، بل جزء من الحكومة يطلب سحب الثقة، وبالتالي يمكننا القول إن هذا نمط جديد في الحياة السياسية يجب أن نتوقف عنده ونطرح عددا من الأسئلة لعل أهمها: في حين لو تم نجاح سحب الثقة، فمن سيشكل الحكومة؟ الجواب التقليدي والمعروف في الأدبيات الديمقراطية: سيشكلها زعيم المعارضة البرلمانية كما يفترض، ولكن هل لدينا معارضة برلمانية؟ بالتأكيد لا نمتلك معارضة برلمانية لأن الكتل الكبيرة في البرلمان موجودة في الحكومة وتشكل أكثر من 90 في المائة من مقاعد البرلمان، ولا يمكن أن تحجب الثقة عن نفسها بنفسها.
فاتح عبدالسلام : جميعهم فواصل لا نقطة نهاية السطر
ويدون فاتح عبد السلام رئيس تحرير صحيفة الزمان اللندنية في مقاله الذي نشرته الصحيفة ان quot;الورقة الرابحة حسب المراهنين على سحب الثقة أو إحراج رئيس الحكومة، هي التيار الصدري الذي يمتلك أربعين برلمانياً يمكن أن يرجحوا كفة كسب الثلثين لصالح سحب الثقة فضلاً عن التلويح بالشارع غير المنضبط المقترن بفصائل تنتسب إلى التيارquot;.
وبحسب عبد السلام فان زعيم التيار مقتدى الصدر الذي عركته تجارب أمريكية إيرانية عراقية متناقضة في خلال تسع سنوات وصلت إلى حدّ اصدار مذكرة إلقاء قبض عليه، لا يبدو أنه سريع الانسياق إلى نهاية الشوط لمجرد إنه غير راضٍ عن أداء سياسي لمن يقود السلطة. وهو نفسه جزء من السلطة عبر وجوده الفاعل في العملية السياسية التي كانت إلى ما يقرب من أشهر قليلة تعني السلطة والحكم في القاموس السياسي لجميع الأطراف. وكان الدفاع عنها هو الدفاع عن الحكومة حتى لغير المشتركين فيها.
ويستطرد عبد السلام quot; المعركة الدائرة الآن لن تكون معركة وجود كما يراد تصويرها عبر المنظار الكردي أحياناً لا سيما في اجتماعات أربيل والسليمانية، ذلك أن أطراف التحالف الشيعي لن يخوضوا معركة كسر عظم فيما بينهم مطلقاً، حيث مثلما يمتلكون عناصر قوة فهم يعانون من نقاط ضعف لا تخفى على المالكي وحزبه. لذلك ستبقى المعركة في ظاهرها بين التحالف الكردستاني والمالكي على نحو شبه شخصي بالرغم من الادعاءات المتبادلة عكس ذلك. ذلك إنّ هناك قناعة راسخة لدى خصوم المالكي بأنّه حجر عثرة أمام المضي في طريق العملية السياسية كما بدأ حالها أول مرة قبل أنْ تحدث الانعطافة الجوهرية بعد الانسحاب الأمريكيquot;.
ويؤكد عبد السلام ان المالكي لن يرضخ لتهديدات برلمانية أو فعلية لأنّه يشعر بأنَّ هناك سنداً إقليمياً له قبل أن يكون ذاتياً وإنه صاحب سلطة وليس موعوداً بها. وتلويح رئيس الجمهورية بالاستقالة سلاح أخطر من الطلب البرلماني لسحب الثقة. وقد يكون غلطة الشاطر، فيخسر الأكراد إلى الأبد موقع رئاسة الجمهورية، بعد الفراغ المحتمل والذي سيكون دموياً إذا كان السيناريو الظاهر ذاهباً إلى نهايته.
ويختتم عبد السلام فكرته بالقول quot; كل طرف يريد أن يكون في اللحظة التي يراها مناسبة، نقطة في نهاية السطر، لكنهم جميعاً مجرد فواصلquot;.
عوني صادق : الخلافات تحكم العراق
من جهته يشير عوني صادق في مقال له نشرته جريدة الخليج الاماراتية الى انه quot; منذ شهور، يحتدم الصراع بين أطراف ما يسمى ldquo;العملية السياسيةrdquo; في العراق حتى انتهى إلى المطالبة بسحب الثقة من المالكي وحكومته، وبحيث أصبح يهدد جدياً ما يسمى ldquo;العملية السياسيةrdquo; التي قام عليها ldquo;العراق الجديدrdquo; quot;.
وبدأ التصدّع يظهر على علاقات الأطراف المشاركة في ldquo;العمليةrdquo; فور الإعلان عن ldquo;انسحابrdquo; قوات الاحتلال الأمريكية في ديسمبر/كانون الأول الماضي، ثم اشتد بعد إصدار الحكومة أمراً باعتقال نائب رئيس الجمهورية، طارق الهاشمي، القيادي في قائمة ldquo;العراقيةrdquo; التي يتزعمها إياد علاوي. ولجوء الهاشمي إلى رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني، أظهر دعم الأخير له ضد المالكي، وبانضمام مقتدى الصدر، زعيم ldquo;التيار الصدريrdquo; إلى كتلتي ldquo;العراقيةrdquo; وrdquo;التحالف الكردستانيrdquo; تكون دائرة التحالفات ضد المالكي قد اكتملت.
ويتابع صادق في مقاله quot; المدقق في ما وصل إليه الوضع العراقي في ضوء الصراع المحتدم، يخرج بنتيجتين: الأولى، أن هذا الصراع هو على المصالح والحصص، ولا علاقة له ولا مكان فيه لجماهير الشعب العراقي أو مصالحه. والثانية، أن ldquo;سيادة العراقrdquo; لاتزال مسلوبة لمصلحة التفاهم غير المعلن بين واشنطن وطهران من خلال التفاهم القائم بينهما على أساس اعتراف كل منهما بمصالح الآخر، والذي كانت ldquo;العملية السياسيةrdquo; إطاره الوحيد، وهو ما يجعلهما، معاً، حريصين على استمرارها وبقائها، وما سيفرض عليهما التدخل، في لحظة مناسبة، لإنهاء الصراع على نحو أو آخرquot;.
و اتهم الشركاء نوري المالكي بالديكتاتورية وبالتفرد في السلطة وإدارة البلاد، وهددوه بحجب الثقة عن حكومته، بينما اتهم المالكي وأنصاره رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني بالديكتاتورية وسرقة النفط والتآمر على الأمن الوطني بالتعاون مع ldquo;الموسادrdquo; ldquo;الإسرائيليrdquo;، بعد اتهامه الهاشمي بالإرهاب والتآمر وقتل المدنيين والعسكريين.
ويدون صادق محللا البيان الصادر عن الكتل الثلاث المشاركة في ldquo;العملية السياسيةrdquo;، بانه quot; يكشف حيثيات الصراع التي عرتها الاتهامات المتبادلة بين الأطراف طوال الشهور الماضية، وتعفي الباحث من العودة إلى الأبعد. فالبيان الذي يبرر الاجتماعات المتتالية بأنها تهدف إلى، أولاً، ldquo;تصحيح مسار العملية الديمقراطيةrdquo;، هذه العملية التي كانت في الأصل مبرر الغزوة الأمريكية وعنوانها الأبرز، خصوصاً بعد افتضاح دعوى ldquo;أسلحة الدمار الشاملrdquo;. وهذا يعني من دون لبس أن أطراف البيان يعترفون بأن ldquo;العملية الديمقراطيةrdquo; سارت، حتى الآن، في اتجاه ldquo;خاطئrdquo;. ثانياً، ldquo;وضع حد للنهج التفردي في إدارة البلادrdquo;، أي أنها بدلاً من نقل البلاد إلى الديمقراطية نقلتها إلى الديكتاتورية والتفرد. ثالثاً، ldquo;الشروع في عملية البناء الحقيقي، بما يضمن وحدة الشعب العراقي وتقدمهrdquo;، أي أنه بعد عشر سنوات لم يبدأ حكام ldquo;العراق الجديدrdquo; عملية البناء الحقيقي. رابعاً وأخيراً، ldquo;إيجاد حل وطني عاجل بما يضمن تطبيق الدستور بشكله الحقيقيrdquo;، مع أن جذور الصراع موجودة في هذا ldquo;الدستورrdquo; الذي كتبه الأمريكيون ليمنعوا خروج العراق إلى فضاء الحرية والاستقلالquot;.
ويزيد صادق بالقول quot; جاء التشديد على تطبيق ldquo;الدستورrdquo; بعد المشاورات التي بدأها رئيس الجمهورية جلال الطالباني، ليؤكد تمسك أطراف ldquo;العملية السياسيةrdquo; بالقواعد والأسس التي سمحت بتسلط المالكي وأوصلت البلاد إلى الصراع الدائر حالياً. ذلك أن هذا ldquo;الدستورrdquo; هو الذي قسم العراق إلى شيع ومذاهب وأعراق، ووزعه على حصص تلغي مفهوم المواطنة والوطن، وتبقي الجميع في دوامات من التنازع والنزاعات. ولم يكن من المنتظر أن تصل ldquo;العملية السياسيةrdquo; التي وضع ldquo;الدستورrdquo; قواعدها، أو ربما هي التي وضعت قواعده، إلى غير ما وصلت إليه. وإذا كان كل طرف من أطراف هذه ldquo;العمليةrdquo; يحاول أن يتبرأ من النتائج التي أوصلت البلاد إليها، فالإنصاف يفرض أن يقال إن نوري المالكي ليس وحده المسؤول عن الوصول إلى هذه النتائج، بل كل الأطراف التي شاركت فيها، والتي شاركت المحتل الحكم من قبل العملية، مسؤولة عنها، وليس أقل من مسؤولية المالكي عنها. ويبقى أن نتساءل: إلى أين يتجه الصراع الدائر؟ ونقول بلا تردد: إنه يتجه نحو الحل، ولكن بعد تدخل منتظر من راعيي ldquo;العملية السياسية في واشنطن وطهران، إما بالعودة إلى ldquo;التوافقrdquo;، وإما بالتضحية بكبش أو أكثر.
حسين علي الحمداني : سحب الثقة
ويشير حسين علي الحمداني في مقاله في جريدة الشرق الاوسط اللندنية الى ان هناكquot; كتل سياسية في العراق هي جزء مهم من الحكومة تحاول طرح سحب الثقة من الحكومة، وهذا يعني أننا بلد ديمقراطي ما دام دستورنا يسمح بسحب الثقة من الحكومة بمن فيها رئيس الوزراء، وعملية طرح سحب الثقة غير مخالفة للدستور مطلقا، وعدم مخالفتها يؤكد أن البلد لا يمكن أن تحكمه ديكتاتورية في يوم من الأيام، وهذا ما يجعل الشعب العراقي مطمئنا للحاضر والمستقبل، رغم أن البعض من السياسيين حاول تخويفنا من عودة عصر الديكتاتوريةquot;.
ويتساءل الحمداني في هذه الشأن quot; ماذا لو فشل مشروع سحب الثقة ونال رئيس الوزراء وحكومته ثقة البرلمان من جديد؟ هل سنجد خروج الكتل صاحبة مشروع سحب الثقة لمقاعد المعارضة وإفساح المجال لتشكيل حكومة أغلبية سياسية؟ سؤال الإجابة عنه صعبة ولا يمكن أن يتكهن أحد بكيفية تفكير البعض ومدى قبولهم لأن يكونوا في مقاعد المعارضةquot;.
ويرى الحمداني ان مقاعد المعارضة ليست سلبية، بل بالعكس لأن حظوظ المعارضة البرلمانية أحيانا تكون أكثر من حظوظ الحكومة في كسب ود الشارع والرأي العام، ولكن لا أدري لماذا هناك في العراق عزوف عن مقاعدها من قبل الجميع؟quot;.
ويعتبر الحمداني عملية طرح سحب الثقة من الحكومة ورقة ضغط ليس إلا، مدونا quot; يحاول البعض استخدامها ويمنحنا نحن فرصة أن نضيف مصطلحا آخر لقاموسنا السياسي وفي الوقت نفسه يجعلنا أكثر اطمئنانا على مستقبلنا ما دام دستورنا فيه من صمامات الأمان ما يحمينا من عودة الديكتاتورية والانفراد في الحكم، رغم أننا مطمئنون لهذا، ولكن لا بأس بأن نزداد اطمئناناquot;.