عدنان حسين
في الخطاب الذي ألقاه مساء أول من أمس بعد الإعلان رسمياً عن فوزه في انتخابات الرئاسة الاخيرة، ما كان يعوز الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي الا أن يُعدد أسماء المصريين فرداً فرداً، فهو سمّى المحافظات والمدن الكبرى والفئات الشعبية والتيارات السياسية والمؤسسات الأمنية باسمائها في quot;لفتةquot; ربما فكّر في انها تمدّ جسراً مقطوعاً مع الأغلبية من الشعب المصري.
هذه quot;اللفتةquot; لا تعكس شعوراً بالقوة والتمكن من الدكتور مرسي، القيادي في حركة الأخوان المسلمين المقدّر لها أن تهمين على الحياة السياسية، وفي مقدمها سلطة الدولة، خلال السنين المقبلة التي قد تمتد الى عشرة، بل انها (quot;اللفتةquot;) تشير الى شعور أقل ما يقال فيه انه قلق ومرتبك، فأول رئيس في حقبة ما بعد حسني مبارك الطويلة يدرك انه بالرغم من فوزه رسمياً في الانتخابات لا يحظى بالقبول العام من المصريين، اذ لم يأتِ الى كرسي الرئاسة بأصوات الاغلبية منهم، وان الذين رفضوا انتخابه، إن بالتصويت لمنافسه أحمد شفيق أو بالامتناع عن التصويت له أو لشفيق، هم الأغلبية الساحقة (نصف المصريين لم يذهبوا الى مراكز الإقتراع وأكثر قليلاً من نصف هذا النصف انتخبوا مرسي أي ما يعادل نحو 26 بالمئة فقط من مجموع الناخبين).
لا بد ان الرئيس المصري المنتخب كان يطمع في فوز كاسح منذ الجولة الأولى للانتخابات، وهو ما لم يتحقق له حتى في الجولة الثانية، ولذا وجدناه يلجأ، في أول كلمة له بعد إعلان فوزه، الى خطاب عاطفي يسعى الى استمالة الأغلبية التي اختارت الا تصوّت لصالحه في رسالة تعكس موقفاً سلبياً حيال قوى الإسلام السياسي التي يخشى المصريون أن تفرض عليهم عقيدتها الصارمة وقوانينها المتشددة.
والخطاب العاطفي الذي وصفه البعض بانه quot;تصالحيquot; عكس أيضاً عجزاً من مرسي في عرض برنامج عمل محدد يلتزم به أمام ناخبيه في الأقل. صحيح انه تقدم الى الانتخابات ببرنامج، لكن هذا البرنامج إتسمبالعمومية وبغلبة الشعارات. وقد تعهد مرسي في هذا البرنامج بتطبيق الشريعة الاسلامية وبناء نظام سياسي قوي وتحويل الدولة المصرية الى دولة مؤسسات ومعالجة مشكلات البطالة والفقر والصحة والتعليم المزمنة والتحول من الاقتصاد الريعي الى اقتصاد القيمة المضافة وتأمين الحريات والحقوق السياسية والمدنية. ولكن كيف؟ بأي الوسائل؟ وعلى أية مساحة من الوقت؟ لا جواب
لو رجعنا الى خطابات الرئيس السابق حسني مبارك لا نجد أياً منها يخلو من الشعارات التي أطلقها مرسي في برنامجه الانتخابي وفي خطاب الفوز. وكحال مبارك سيجد مرسي ان ليس في وسعه أن يضع العربة المصرية خلف الحصان، ولن يكون هذا في مقدور اي حركة اسلامية. فليس ثمة مثل واحد على نجاح الإسلاميين في تحقيق الشعارات والبرامج التي يعلنونها ويتبنونها. لم يحصل هذا في إيران ولا في السودان، ولا هنا في العراق الذي حقق الإسلاميون (الشيعة والسنة) لأنفسهم الهيمنة والنفوذ على الدولة منذ عشر سنين من دون أن يحققوا للشعب أدنى ما يعدونه به السنة بعد الأخرى.
مصر لن تكون الاستثناء، بل هي ستؤصل القاعدة بعد أن ينفضّ المولد الانتخابي.
التعليقات