عبد الملك بن أحمد آل الشيخ


يمر العالم العربي اليوم، دولا وشعوبا، في حالة فريدة من الاستقطاب السياسي الإقليمي والدولي، نتيجة للتحولات السياسية التي عصفت بالكثير من الدول العربية خلال السنتين الماضيتين.

ولا شك أن هذه التحولات وهذا الاستقطاب صاحبتهما صحوة سياسية من قبل شعوب تلك الدول، للمخاطر التي تهدد معاشها وسيادة دولها، جراء بروز لاعبين قدماء - جدد، كإيران وتركيا، مستغلين العامل الديني المشترك مع الشعوب العربية لمحاولة الاستحواذ على القرار السياسي المتحكم في مصير المنطقة ودولها، من خلال تقديم أنفسهم للعالم كلاعبين أساسيين (مدعين أن لهم القبول لدى شعوب المنطقة العربية للقيام بهذا الدور) لا بد من أخذهم في الاعتبار عند الدخول في تسويات أو اتفاقات تخص المنطقة ودولها.

إن تنامي النفوذ التركي والإيراني في المنطقة العربية قد فتح الباب أمام التنافس المستقبلي بين هاتين الدولتين على ثروات المنطقة ومقدراتها، في ظل فراغ سياسي عربي واضح.

إن زيارة الرئيس المصري الجديد للسعودية (تعتبر الزيارة الأولى له خارج مصر بعد توليه الحكم) لها دلالتها السياسية المهمة، لما تمثله مصر من ثقل سياسي وديموغرافي وعلمي في العالم العربي، وما للسعودية من ثقل ديني، سياسي واقتصادي، عربيا، إسلاميا ودوليا.

إن هذه الزيارة تمثل الخطوة الأولى في الطريق الصحيح لإعادة الروح للتعاون بين البلدين، للحفاظ على مقدرات الشعبين المصري والسعودي من خلال الحفاظ على أمن العالم العربي وثرواته.

عليه، فإن مستقبل واستقرار العالم العربي ونهضته، تحتم علينا، نحن السعوديين والمصريين، طرح عدد من الأسئلة الاستشرافية، حول عالمنا العربي والدور المحوري للعلاقات المصرية - السعودية في صياغة هذا المستقبل، علها تجد الإجابات المطمئنة لنا على مستقبل أجيالنا المقبلة، ومنها:

- ما تبعات تحول موازين القوى في المنطقة، لصالح إيران وتركيا على العالم العربي وشعوبه، خاصة السعودية ومصر؟

- وهل عزز ما يسمى بالربيع العربي هذا التحول لصالح هاتين الدولتين؟

- لماذا تراجع الدور الإقليمي لكل من مصر والسعودية؟ وما هي العوامل الداخلية والخارجية التي ساهمت في هذا التراجع؟

- ما هي التأثيرات الجيوسياسية المستقبلية على العالم العربي إذا لم تستعِد مصر والسعودية دورهما الإقليمي المحوري؟

- وهل تستطيع تركيا أو إيران ملء الفراغ الأمني الذي سوف تخلفه الولايات المتحدة الأميركية في المستقبل، في حالة تخليها عن زيادة نفوذها في منطقة الشرق الأوسط مقابل تعزيز نفوذها في منطقة شرق آسيا؟

- هل ستتمكن السعودية ومصر من إيجاد صيغة لتعاون استراتيجي قادر على ملء هذا الفراغ، يحظى بالقبول والدعم الأميركي والأوروبي بل مساندة الصين لهذا التعاون؟

تلكم هي بعض الأسئلة الاستشرافية لحال المنطقة العربية والدور السعودي - المصري المرتقب.