تل أبيب

هل دخلت مصر مرحلة جديدة من الديكتاتورية؟ وإلى أي مدى يقبل الإسرائيليون شن ضربة عسكرية أحادية ضد منشآت إيران النووية؟ وكيف أصبح المهاجرون الأفارقة مصدر توتر داخل تل أبيب؟ ودعوة لتقليص ميزانية الدفاع؟ تساؤلات نضعها تحت الضوء ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الإسرائيلية.


ديكتاتورية أخرى

تحت عنوان quot;مصر...ديكتاتورية مرة أخرىquot;، كتب quot;غاي بيشورquot; أول أمس مقالاً في quot;يديعوت أحرونوتquot;، رأى خلاله أن معظم التحليلات ركزت على قرارات الرئيس المصري الخاصة بإقالة كبار القادة العسكريين، في حين أن عدد قليل من المحللين سلط الضوء على الإعلان الصادر عن مرسى، والذي ركز من خلاله السلطة في يديه.

مرسى انتهز فرصة أحداث سيناء (حيث الاعتداء على نقطة حدودية في رفح)، لتبرير الإطاحة بكبار الجنرالات، وهذا يوسع صلاحياته الرئاسية بشكل مطلق. مرسي الآن يترأس السلطة التنفيذية، فهو يعين الحكومات في مصر ويقيلها، وفي ظل غياب البرلمان يمسك بالسلطة التشريعية، ما يجعله قادراً على تمرير أي قانون يرغب في سنه، وهو أيضاً مسؤول عن السياسة الخارجية والداخلية والأمن والاقتصاد وغيره، وبمقدوره إبرام الاتفاقيات الدولية ولديه سلطة تعيين لجنة لصياغة الدستور، وهذا كله يعني، حسب الكاتب، أنه بعد عام ونصف من حالة شبه الفوضى التي مرت بها مصر، تعود البلاد مرة أخرى إلى حكم الفرد، أي الديكتاتورية، لكن الديكتاتورية الراهنة قد تكون أشد من ديكتاتورية مبارك، فقرارات هذا الأخير كان يتم التوصل إليها بعد مشاورة البرلمان والأحزاب السياسية والقضاة...الآن نتحدث عن شخص واحد يسيطر على كل شيء. الكاتب يشير إلى أن شباب الثورة في مصر، الذين يتحدثون عن الديمقراطية وحرية التعبير، فشلوا في إدراك ما قام به مرسي من تركيز للسلطات في يديه، وأخذهم الحماس الخاص بإقالة كبار الجنرالات، لكن ليس ثمة علاقة بين الأوتوقراطية الراهنة في مصر وبين ما تريد الأخيرة الظهور به أمام العالم. من الغريب والمدهش أن يحدث هذا كله بعد شهر ونصف من وصول مرسي إلى سدة الحكم، فخلال تلك الفترة قام بترويض الجيش، والأحزاب السياسية والصحافة والقضاة. الرئيس الجديد وجماعة quot;الإخوانquot; التي تقف وراءه، استبدلت رؤساء التحرير، بآخرين موالين للحكومة الجديدة، وهؤلاء سيكون ممنوعاً عليهم ndash; وفق التعليمات الجديدة- انتقاد quot;الإخوانquot; أو الرئيس، وممنوع أيضاً رسم صور كاريكاتورية للرئيس وربما سيكون على الصحفيين ألا يشيروا إليه أو إلى مساعديه بصورة مباشرة.. ونوّه الكاتب إلى معاناة الصحف المستقلة، مستدلاً على ذلك بجريدة ldquo;الدستورrdquo; التي صودرت من الأسواق لانتقادها الرئيس المصري، وهذا لم يحدث أيام مبارك، كما أن إحدى محطات التلفزة الخاصة أغلقت، ما يعني أن أي شخص يبدي درجة من الاستقلالية يتعرض للمحاكمة، وذلك تحت شعار quot;استكمال الثورةquot; .

الكاتب تطرق أيضاً إلى العلاقات المصرية- الإسرائيلية، قائلاً: لدى إسرائيل تاريخ طويل من خيبة الأمل تجاه مصر، فطوال العقود القليلة الماضية، قوبلت أي محاولة لتعزيز العلاقات بالرفض بسبب منع تطبيع العلاقات كما لو كان الطرفان لم يوقعا معاهدة سلام.

ضد الضربة

خصصت quot;هآرتسquot; أحد تقاريرها يوم الخميس الماضي، لرصد موقف الإسرائيليين من احتمالات شن ضربة عسكرية ضد إيران...فتحت عنوان quot;معظم الإسرائيليين يعارضون الهجوم على منشآت إيران النوويةquot;، عرضت الصحيفة نتائج استطلاع للرأي أجراه quot;معهد الديمقراطية الإسرائيليةquot; بالتعاون مع quot;برنامج حل النزاعاتquot;، وكانت نتيجته التي أفصح عنها يوم الخميس الماضي أن 27 في المئة فقط من المشاركين في الاستطلاع يؤيدون شن ضربة عسكرية ضد منشآت إيران النووية، كما أن معظم المشاركين في الاستطلاع يرون أنه من غير المحتمل توجيه ضربة عسكرية إسرائيلية في القريب العاجل ضد إيران. وحسب الصحيفة، فإن غالبية اليهود الإسرائيليين يعارضون هجوماً على منشآت إيران النووية من دون تعاون أميركي، وأصحاب هذا الموقف يرون أنه من غير المحتمل أن تشن إسرائيل ضربة أحادية ضد إيران. وحسب الاستطلاع، فإن 61 في المئة من المشاركين يرفضون الضربة، 56 في المئة يرون أن فرصة إسرائيل في شن الضربة ضعيفة، في حين وجد 33 في المئة من المستطلعة آرائهم أنه على أية حال، ستمضي تل أبيب قدما في اتجاه الضربة. إسرائيل تنظر لإيران quot;المسلحة نووياًquot;، على أنها تهديد وجودي بالنسبة لها، مستندة في ذلك إلى تصريحات لقادة إيرانيين يفصحون فيها عن رغبتهم في إزالة إسرائيل من الخريطة. وحسب الصحيفة، ترفض طهران المزاعم الغربية التي تتهمها بالسعي لحيازة أسلحة نووية، وتصر على أن برنامجها النووي مخصص فقط للأغراض السلمية.

خطر الأفارقة

في تقريره المنشور بـquot;جيروزاليم بوستquot; يوم الخميس الماضي، وتحت عنوان quot;يشاي:المهاجرون الأفارقة لا يقلون خطراً على إسرائيل من إيرانquot;، سلط quot;بن هارتمانquot; الضوء على تصريحات وزير الداخلية الإسرائيلي quot;إيلي يشايquot;، قال خلالها إن المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين لا يقلون خطراً على تل أبيب من برنامج إيران النووي. مناسبة التصريح تكمن في جريمة اغتصاب قام بها اثنان من الإرتيريين ضد سيدة إسرائيلية عمرها 39 عاماً. الرجلان طلبا المساعدة من السيدة ثم استدرجاها إلى مبنى مهجور، ليرتكبا جريمتهما. الوزير طالب بإلقاء القبض على 60 ألف مهاجر أفريقي غير شرعي. التقرير لفت الانتباه إلى طلب للداخلية الإسرائيلية يتمثل في بناء المزيد من مراكز الاعتقال في جنوب إسرائيل وإلقاء القبض على 60 ألف شخص هم إجمالي عدد المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين، بحيث تكون المراكز الجديدة أكبر من المركز المقام حالياً بالقرب من سجن quot;كيتزويتquot; جنوب إسرائيل. أما عن ترحيل هؤلاء المهاجرين، فذلك أمر يتطلب اتفاقاً مع وزارة الخارجية الإسرائيلية. وزير الداخلية الإسرائيلي أدلى أكثر من مرة بتصريحات نارية حول المهاجرين، ففي مايو الماضي أخبر صحيفة quot;معاريفquot; بأن الشهور الأخيرة شهدت وقوع عشرات من جرائم الاغتصاب على يد مهاجرين. وثمة شائعات وتقارير حول جرائم يرتكبها المهاجرون الأفارقة في تل أبيب مما أجج العنف ضدهم خلال الشهور الأخيرة.

تقليص الميزانية

ldquo;نعم لتقليص ميزانية الدفاعquot;، بهذه العبارة عنونت quot;هآرتسquot; افتتاحيتها يوم أمس، مشيرة إلى أن وزير المالية طالب بتقليص ميزانية الدفاع بمقدار 3 مليارات شيكل، وأن هناك الكثير من الفوائض التي يمكن التخلص منها دون أن تتضرر قوة الجيش الإسرائيلي. ولطالما كانت التهديدات الخارجية سبباً لزيادة ميزانية الدفاع الإسرائيلي، التهديد كان مصر في وقت سابق ثم أصبح سوريا والأردن والعراق وحزب الله والانتفاضة والآن باتت quot;القنبلة الإيرانيةquot; هي التهديد. وحسب الصحيفة لم يحدث أبداً أن جاء مسؤولو وزرارة الدفاع الإسرائيلية إلى مجلس الوزراء ليعلنوا أن quot;حجم التهديدات هذا العام قد تراجع مقارنة بالعام الماضي، وأن المطلوب ميزانية أقلquot;، بل عادة ما يقولون إن التهديدات تتزايد ومن ثم مطالبهم في ازدياد. الآن تركز المؤسسة العسكرية الإسرائيلية على التهديد الإيراني وتضعه في المقدمة، لكنها تتجاهل أن الصعوبات الاقتصادية في مصر وسوريا منعت هذين البلدين خلال السنوات الماضية من حيازة أسلحة متطورة، بينما تحوز إسرائيل أسلحة متطورة. ولا يتحدث المسؤولون العسكريون الإسرائيليون أيضاً عن التمويل الإضافي الذي حصلوا عليه، خلال السنوات الأخيرة.

إعداد: طه حسيب