الياس الديري

لا يتردّد بعضٌ من كبار السياسيّين في الجزم والتأكيد أن الاستحقاق النيابي سيتمّ في موعده الدستوري، ودون تأخير أو تقديم، ولو ليوم واحد. فثمة قرار كبير في الدق، يضيفون. ثم يدعون لمخيّلتك أن تقوم بجولة على ما يُسمّى عواصم القرار في العالم البعيد كما القريب.
هذا ليس كل شيء، على أهمّيته. فالكلام يشمل النتائج أيضاً، والتي ستشكّل وفق اعتقادهم مفاجآت عدة، وتنقل الوضع برمّته إلى منعطف جديد ينتشل لبنان من هذه الأرجوحة التي تعطّل الدولة، والبلد، والمؤسّسات، والناس، ودورة الحياة التشريعيّة والانتاجيّة والاقتصاديّة والسياسيّة.
والتي تلغي النظام الديموقراطي بكل مفاعيله ونصوصه، وتزيل مجلس النواب ومعه اللعبة البرلمانيّة.
فضلاً عن الوضع السوري وذيول الأحداث المتواصلة وتداعياتها، واحتمال انعكاسها على البلد على رغم سياسة النأي بالنفس... ووجود ما يناهز المئتي ألف نازح سوري أو أكثر.
كل ذلك واردٌ في الحسبان، ولا يغيّبه عن البال والاهتمام انصراف كبار المسؤولين، ومعهم كبار القادة والمرجعيّات، الى تحضير الناس والمناخ والعلاقات شبه المنقطعة لتكون في استقبال موكب الانتخابات في موعدها المحدّد دستوريّاً.
وما طاولة الحوار التي يصرّ عليها، وعلى دورها وأهميّته، الرئيس ميشال سليمان، وعن يمينه الرئيس نبيه بري وعن يساره النائب وليد جنبلاط، إلا لتطرية الأجواء وجمع الشمل والمتخاصمين وجهاً لوجه، وتهيئة النفوس والرؤوس لما يمكن أن يُسمّى لاحقاً أهمّ استحقاق نيابي وسياسي ووطني، بل أهم محطة في تاريخ لبنان ما بعد quot;هديّةquot; بوسطة عين الرمانة... تنذكر ولا تنعاد.
لا متّسع، ولا مجال لمزيد من الأسئلة عن احتمالات ليست واردة في الحسابات، أو في الخاطر، سواء من داخل أو من خارج.
فالجواب جاهز: القرار الكبير، لا عودة عنه ولا عن الانتخابات. والأفرقاء المعنيّون يعلمون علم اليقين ان الانتخابات لا مفرّ منها. ولا أسباب وعوامل ستحول دونها، باعتبار ان ثمة اتفاقاً ضمنيّاً، ربما، في هذا الصدد.
حتى بالنسبة إلى قانون الانتخاب الذي سيعتمد. ففي اليد أكثر من مشروع قانون جاهز، وقابل للتعديلات والتحسينات التي ترضي الجميع.
إلا أنّ هذا العرض quot;الهيّنquot; والمرضي والمريح لا يعني، أبداً مطلقاً بتاتاً، أن المرحلة الانتخابيّة ستكون شبه رحلة سياحيّة، أو أقرب إلى شمّ النسيم.
هناك مَنْ يعتقد أنها ستكون شبيهة بانتخابات quot;الحلف الثلاثيquot; والفريق الشهابي صيف 1968، وربما أشد وأشرس.
وقد تكون زاخرة بالمفاجآت على غرار مواجهة صيف 1968.
ولكن، لم نعرف بعد، وقد لا نعرف أبداً، أيّ سرّ في هذا القرار الكبير.