أحمد الجارالله

لم تفتّ التظاهرات والحملات الكيدية التي شنتها جماعة quot;الاخوان المسلمينquot; الاردنية من عضد الحكم, فالملك عبدالله الثاني اتخذ قراره ومشى الى الاصلاح بعزيمة القائد الحريص على قيادة دولته إلى بر الامان, فأقر تعديل نظام التصويت الى الصوت الواحد الذي على أساسه تجرى الانتخابات اليوم. وفي ما يعني دعما لهذا القرار سجل 70 في المئة من الناخبين الاردنيين انفسهم في سجل الانتخابات, ما جعل جماعة التدليس والانتهازية تصاب بلوثة الانكشاف الجماهيري حين ظهر حجمها الحقيقي سياسيا وشعبيا على العكس من كل الانتخابات الماضية التي كانت تسرق عبرها أغلبيتها من خلال نظام التصويت غير العادل.
رغم حساسية وضع الاردن, جغرافيا, وديموغرافيا,وسياسيا, لم تلتفت مؤسسة العرش الى كل الاصوات النشاز التي زعقت مهددة ومتوعدة بأنها ستمضي بالمعركة الى النهاية اذا لم يتراجع الملك عن قراره, لادراكها أنها بهذه الخطوة الاصلاحية خسرت احتكارها الهيمنة على السلطة التشريعية تماما كما هي الحال في الكويت, مع فارق أن الحكومة الاردنية لم تجر أي مفاوضات أو تلمح الى مهادنة الغوغاء المتضررين من إعادة الدولة الى مسارها الصحيح كما هي الحال عندنا, بل مضت خلف الملك متضامنة بمواقفها كافة, ملبية طموحات أكثرية الشعب الاردني التي راهنت على السلطة التنفيذية في حمايتها من جور أصحاب أجندة تخريبية تستقوي بارتباطاتها العقائدية من التنظيم الدولي لجماعة quot;الاخوان المسلمينquot; التي تعمل ليل نهار للاستحواذ على الحكم في كل الدول العربية وليس في دول معينة.
صمود الملك عبدالله بن الحسين في وجه quot;الزوبعة الاخوانيةquot; حمى الاردن من أن يتحول وطنا بديلا للفلسطينيين لأن المخطط quot;الاخوانيquot; للهيمنة على الحكم في الدول العربية, وبخاصة دول الطوق يقوم على مبدأ شراء استقرار الحكم في مصر والاردن وغيرها من الدول المعنية مباشرة بانتشار الشتات الفلسطيني بعدم تغيير الديموغرافيا في اسرائيل والحفاظ على حدودها الحالية, وهو ما يفسر الاشارات التي أرسلها عدد من قادة quot;الاخوانquot; سواء في مصر او الاردن او حتى ليبيا وتونس, بأن يكون الحل النهائي للقضية الفلسطينية على حساب الفلسطينيين أنفسهم وشعوب الدول المقيمين فيها, أقله هذا ما أوحت به رسائل الحكم المصري ورئاسته الى quot;العزيز بيريسquot; وفقا لقول الرئيس محمد مرسي.


نعم, الملك عبدالله الثاني وضع حدا نهائيا لأحلام المخيلات المريضة في السيطرة على الاردن وتغيير نظام الحكم بانقلاب تشريعي, كما كان يخطط أصحاب الاوهام في الكويت حين أرادوا جعل مجلس الامة بوابتهم الى الاستحواذ على الحكم, إلا أن القضاء العادل أفشل مخططهم, وجاء مرسوم تعديل نظام التصويت ليدق المسمار الاخير في نعش حركتهم الانقلابية, ما جعلهم يهددون باللجوء الى الخارج للاستقواء على الدولة, وعلى الاغلبية الصامتة التي وقفت خلف ولي الأمر في قراره حفظ الكويت مما كان يحاك لها في ليل الجواخير وبعض الديوانيات المشبوهة.


هذا الالتفاف الشعبي الكبير حول مؤسسة الحكم الاردني عبر عن مزاج شعبي عربي عام يرفض الانسياق خلف جماعة لم تعرف طوال تاريخها غير التدليس والخداع, ولا تتوانى لحظة عن ارتكاب أي جريمة للوصول الى مبتغاها, وتحاول دائما تزيين أكاذيبها بالعفة ونظافة الكف, فيما هي غارقة في الفساد حتى أذنيها. أليس من دلائل ذلك كل التهم التي روجت لها ونالت من الشرفاء في الكويت ومصر والمغرب وكل الدول العربية التي تطمح الى السيطرة عليها, وأثبتت التجربة بطلانها؟ ألم تفتتح عهودها بالفساد والرشوة كما هي الحال مع ابن محمد مرسي الذي تضخم رصيده في أحد المصارف العربية في غضون أشهر بشكل لم يسبق لأعتى الفاسدين في تاريخ الدول؟
اليوم تجرى الانتخابات التشريعية الاردنية وفقا لنظام الصوت الواحد الذي على أساسه ينتخب الشعب الاكثرية النيابية, فيما جماعة quot;الاخوان المسلمينquot; باتت معزولة, بعدما رفضت خوض هذا الامتحان, مثلما حدث في الكويت, لادراكها مسبقا أن حجم تمثيلها الجماهيري ليس كما كانت تصوره للناس, وهو ما يعني أن الاردن لن يكون ضحية جديدة من ضحايا تلك الجماعة, اذ أن الملك عبدالله الثاني بقراره الحكيم وصف العلاج المناسب للصداع الذي عانت منه المملكة طوال الاشهر الماضية, وقطع دابر جماعة الشر من الهيمنة على المملكة وتحويلها الى أفغانستان أو صومال آخر, او حتى دولة فاشلة كما تعمل حاليا جماعة quot;الاخوانquot; على إفشال الدولة في مصر.
نجح الملك عبدالله الثاني في حسم المعركة نهائيا لصالح الدولة واستقرارها بتضامن السلطة التنفيذية والالتفاف الشعبي حول بيت الحكم, واذا كان بيت الحكم في الكويت يحظى بالالتفاف الشعبي الكبير حول ولي الأمر, فهل تستكمل حلقات الصمود بوجه مخطط جماعة العبث بالتضامن الحكومي وتطبيق القانون على الجميع من دون البحث في تسويات خلف الكواليس مع من أرادوا تخريب البلاد؟