أحمد الفراج
كان آخر عهدنا بليبيا هي تلك المناظر البشعة للعقيد معمر القذافي، وهو مسجى في حجر أحد الثوار، والدم يسيل من وجهه، وبعد ذلك شاهدنا مناظر أخرى بشعة للحظات اعتقال العقيد، وهو يتوسل للثوار أن لا يؤذوه!، وكانت الصور ضبابية للدرجة التي يستحيل معها معرفة القاتل، ولكننا نقرأ الآن أن قوات الناتو، وتحديدا القوات الفرنسية، قد تكون هي التي دلت على مكانه، بل وشاركت في قتله، وذلك حتى تموت معه أسرار يتوق كل مؤرخ لمعرفتها، فللقذافي صلات تراوحت صعودا وهبوطا مع كل قيادات العالم تقريبا، وهناك أسرار لا يروق لأهل الديمقراطية الغربية أن تتم معرفتها، لأنها ببساطة ستكشف تفاصيل بشعة عن هذا العالم السري، المليء بالأسرار، والصفقات المشبوهة، وكل أشكال المكر، والخداع، وتكتمل شروط الحبكة عندما نعلم أنه تمت تصفية الشخص الذي قيل حينها إنه هو من قتل القذافي، فهل هناك سوابق مشابهة للقتل، ومن ثم القضاء على كل دليل قد يقود إلى الحقيقة؟!
سآخذكم في رحلة تاريخية إلى مدينة دالاس في ولاية تكساس الأمريكية، وإلى يوم 22 نوفمبر من العام 1963 تحديدا، فقد كان حينها الرئيس الأمريكي الشهير، والوسيم، جون إف كينيدي يزور تلك المدينة، وبينما كان يسير في واحد من أشهر شوارعها في سيارته المكشوفة، وبجابنه زوجته النجمة المتألقة جاكلين كينيدي، وحاكم ولاية تكساس وزوجته، تم إطلاق النار عليه، وتوفي بعدها في الحال، ومع أنه تمت كتابة المئات من الكتب، وأنتجت الكثير من الأفلام السينمائية، والأفلام الوثائقية، والبرامج، والحوارات على مدى خمسة عقود، إلا أنه لا أحد يعلم على وجه الدقة تفاصيل ذلك اليوم المشؤوم، فما الذي حدث يا ترى؟!
بعد مقتل الرئيس كينيدي، تم اعتقال السيد لي هارفي أوزوالد، وقيل إنه هو القاتل الحقيقي، فقد كان يترصد للرئيس في أعلى بناية مجاورة، وقد أطلق عليه النار بكل دقة! وبعد اعتقال السيد أوزوال تم التحقيق معه سريعا في مركز شرطة دالاس، ثم تقرر سجنه في سجن المقاطعة، وبينما كان رجال الشرطة يقودونه إلى السجن، وأمام شاشات التلفاز التي كانت تنقل الأحداث مباشرة، أطلق عليه النار أحد ملاك الملاهي الليلية في دالاس، واسمه جاك روبي، فمات السيد أوزوالد في الحال، والجدير بالذكر أن جاك روبي ذاته كان مصابا بالسرطان، وقد مات في السجن بعد الحادثة مباشرة! وما كتبته عن تفاصيل مقتل كينيدي، وما تبعه من أحداث هو الحقيقة الموثقة، وليس فيلما سينمائيا أيها القراء الأعزاء.
هل ترون تشابها بين تفاصيل مقتل القذافي، ومقتل كينيدي؟ ففي كلا الحالين تم القتل، ثم تبعه مسح لكل آثار للجريمة، وفي كلا الحالين كان هناك أسرار يجب أن تموت، وعلى كل من يعتقد أنني أؤمن بنظرية المؤامرة أن يعلم بأن استطلاعات للرأي أجريت على مدى 37 عاما (1966-2003)، أشارت إلى أن ثمانين بالمائة من الشعب الأمريكي ما زال يؤمن بأن مقتل الرئيس كينيدي تم بمؤامرة كبرى، فهناك من يتهم الاتحاد السوفييتي السابق، وهناك من يتهم العصابات المنظمة، وربما أنها المنظمات العنصرية، ردا على جهود كينيدي حيال تحقيق المساواة بين البيض والسود، ولم تسلم حتى المخابرات الأمريكية من الاتهام، وعلى هذا فإنه حتى الأمريكيين يؤمنون بنظرية المؤامرة، خصوصا إذا كانت واضحة مثل الشمس..
التعليقات