اميل خوري


هل يتحلى quot;حزب اللهquot; بالتعقل أكثر من احزاب اخرى في اثبات صدق وطنيته ولبنانيته الخالصة بالمبادرة الى اتخاذ قرارات شجاعة تنقذ لبنان بارادة جماعية داخلية ومن دون تدخل خارج او الاستعانة به، خلافاً لما حصل في الماضي حين أثبت اللبنانيون انهم لم يبلغوا سن الرشد؟

الواقع ان استقلال لبنان عام 1943 ما كان ليتحقق ويكون ثابتاً وناجزاً لولا تدخل بريطانيا ودول عربية نافذة، وحوادث 1958 ما كانت لتنتهي لولا حصول توافق اميركي مع الرئيس عبد الناصر على اختيار اللواء فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية وما كانت حرب المخيمات الفلسطينية لتتوقف في عهد الرئيس سليمان فرنجيه لو لم تتدخل الدول العربية، وما كان اتفاق القاهرة ليتم لولا تدخل الرئيس عبد الناصر ولما كانت الحروب في لبنان لتتوقف لولا اتفاق الطائف ودخول القوات السورية الى لبنان وكان ثمن ذلك وصاية سورية عليه دامت ثلاثين عاماً. وقد تبين بعد ذلك ان صفقة عقدتها الولايات المتحدة الاميركية مع الرئيس حافظ الاسد لفرض هذه الوصاية بعدما تبين لها ان ايا من الاطراف المتقاتلين في لبنان لم يستطع التغلب على الآخر حتى بعد مرور 15 سنة على اقتتالهم وتبين أيضا ان اسرائيل كانت وراء اطالة الحرب في لبنان علها تنتهي بتقسيمه وعندها يكون المخطط الصهيوني بتقسيم دول المنطقة بدأ من لبنان وان اسرائيل هي التي كانت وراء حرب الجبل بين الموارنة والدورز لانه اساس الوحدة في لبنان، وعندما فشلت خطة تقسيم لبنان اجتاحت اسرائيل اراضيه وبلغ جيشها العاصمة بيروت آملة في أن يؤدي انتخاب الشيخ بشير الجميل رئيساً للجمهورية الى توقيع اتفاق سلام معها بحيث يكون لبنان الدولة العربية الثانية بعد مصر يوقع مثل هذا الاتفاق. الا ان الرئيس الجميل اشترط لتوقيع الاتفاق موافقة الشريك المسلم، وبعدما اغتيل الرئيس بشير خلفه شقيقه الشيخ امين فكررت اسرائيل المحاولة ولكن بصيغة جديدة بالتوصل الى اتفاق 17 ايار الذي يحقق انسحاب القوات الاسرائيلية من كل الاراضي اللبنانية لكن الطرف اللبناني المعارض اعتبر الاتفاق انتهاكاً للسيادة اللبنانية يفرض هيمنة اسرائيلية على منطقة الجنوب وهذا ما أثار اعتراض سوريا الشديد ومعها حلفاؤها في لبنان الذين حركوا الشارع ضد هذا الاتفاق، عندها ربطت اسرائيل انسحاب قواتها من لبنان بانسحاب القوات السورية منه ايضا ما جعل الرئيس الجميل يرفض توقيع الاتفاق وكذلك رئيس الحكومة شفيق الوزان لان لا علاقة للاحتلال الاسرائيلي لأراض لبنانية بوجود قوات سورية فيه موجودة بموافقة لبنان الرسمي وقبول عربي ودولي.
وعندما خرجت القوات السورية من لبنان بانتفاضة شعبية عرفت بثورة الارز، اشتد الخلاف والصراع بين 8 آذار حليفة سوريا و14 آذار ما ادى الى انقسامات حادة وعمودية بين اللبنانيين جعل تشكيل كل حكومة يمر بمخاض عسير ويستغرق اشهراً ويبقى الاتفاق بينهما هشاً وسريع العطب عند مواجهة كل مشكلة. وادى هذا الانقسام الحاد الى فراغ رئاسي جراء الخلاف على انتخاب رئيس للجمهورية كما ادى الى اعتبار الحكومة غير ميثاقية بعد انسحاب الوزراء الشيعة منها وتعذر تعيين بدائل منهم وذلك احتجاجاً على اقرار مشروع النظام الاساسي للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان المكلفة النظر في جريمة اغتيال الرئيس الحريري ورفاقه.
ولم يكن في امكان اللبنانيين ان يتفقوا على حل يخرجهم من الازمة الا يعد دعوة قادتهم الى الدوحة اثر احداث 7 ايار التي كادت ان تشعل فتنة خطيرة. فكان ما سمي اتفاق الدوحة، الذي دعا الى انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية وتشكيل حكومة وحدة وطنية وزع الاتفاق فيها الحصص على الاحزاب والكتل وكذلك الحقائب ولم يستثن رئيس الجمهورية منها، ومنع على الحكومة او الوزير حق الاستقالة وان خلافاً للدستور كما منع استخدام السلاح في الداخل لاي سبب لكن قوى 8 آذار خالفت الاتفاق وطيرت الحكومة وخلفتها بحكومة اللون الواحد التي كانت اكثر فشلاً من حكومات الوحدة الوطنية.
وباستقالة حكومة الرئيس ميقاتي ذات اللون الواحد كلف تمام سلام تشكيل حكومة جديدة. فهل يكون لحزب الله دور انقاذي من دون تدخل اي خارج لانه القادر على ذلك اذا اراد، وهو القادر على انقاذ لبنان وحمايته من تداعيات كل ما يجري في سوريا الا اذا كان يريد ارتكاب الخطأ الذي ارتكبته احزاب اخرى التي تركت الخارج يدير شؤون لبنان الداخلية. فيجعل الحزب من ايران الدولة المتدخلة التي تضع اتفاقا للبنان بديلاً من اتفاق quot;الدوحةquot; وربما يمهد لتعديل اتفاق الطائف او تتعاون مع السعودية على اخراج لبنان من ازمة قانون الانتخاب واجراء الانتخابات ومن ازمة تشكيل الحكومة وربما من ازمة محتملة عند انتخاب رئيس للجمهورية خلفاً للرئيس سليمان؟ فهل تتعاطى ايران مع الازمة في لبنان كما تعاطت سوريا حافظ الاسد مع الحرب في لبنان وقبضت الثمن وصاية اوقفت الاقتتال فيه، فيوضع لبنان مرة اخرى تحت وصاية ايرانية، وان غير مباشرة، تحت حجة معالجة وجود السلاح خارج الدولة؟