خالد عبد الرحيم السيد

في محاضرة للأستاذ محمد حسنين هيكل يوم الأحد الماضي، والتي عقدت تحت عنوان (الخليج: صباح بعد غد)، بمركز قطر الوطني للمؤتمرات، والتي حضرها صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وصاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، تحدث هيكل عن الخليج والصراعات الدولية مؤكدا أن الخليج مطمع لقوى إقليمية ودولية.

وتحدث هيكل عن مجموعة من القضايا والمتغيرات، لكنني لن أتطرق في هذا المقال إلى مجملها لأنه قد تم نشرها في الصحف المحلية حيث إن بعضها له علاقة بقوى خارجية وأطماع دولية، ولكن لابد من وقفة جادة على بعض المحاور المحلية الداخلية.

وقد أشار هيكل وهو يتحدث عن الخليج quot;أن بجواره 3 دول كبيرة تطل عليه من كل جانب وهي السعودية والعراق وإيران وهي في اللحظة الراهنة مشغولة عنهquot;، وأيضا قال quot;إن الكثافة السكانية لشبه الجزيرة العربية تزداد بمعدلات عالية، مشيرا إلى أنه خلال 15 إلى 20 سنة سوف تصبح السعودية 50 مليون نسمة ما يؤدي إلى تكوين كتلة بشرية سوف تملأ شبه الجزيرة، وهو مطلوب لكن شأن أي امتلاء هو فعل إزاحة ثم إن مطالب المستقبل قد تزيد عن المواردquot;.

وهنا أود أن أطرح سؤالا آخر (وعلينا كخليجيين أن نفهم أو نفسر ما طرحه هيكل): هل المملكة العربية السعودية ليست خليجية؟ ولماذا الحديث عن السعودية وكأنها ليست جزءا من الخليج؟ وما هو المقصود بأن هذه الكتلة سوف تملأ شبه الجزيرة وأن شأن أي امتلاء هو فعل إزاحة؟

هنا أود أن أسال الأستاذ هيكل: إزاحة من؟ ربما نسي الأستاذ محمد حسنين هيكل الجغرافيا والتاريخ، وهو يقول في الوقت نفسه quot;أي تفكير في المستقبل ndash;أي مستقبلndash; لا يمكن أن يجيء من خارج المكان والزمان، أي من خارج الجغرافيا والتاريخquot;. ولكن الجميل أن ابني محمد الذي مازال في مقاعد الدراسة يعي أن المملكة العربية السعودية أكبر حجما من مصر التي يفوق عدد سكانها تسعين مليون نسمة، وحيث يبلغ عدد سكان القاهرة الكبرى فقط حوالي 15 مليونا وهذا ما درسه في الجغرافيا، وأما عن التاريخ فهو يعلم أن أغلب القبائل والعائلات الخليجية جاءت من شبه الجزيرة العربية، وأننا مازلنا نغني كما يغني ابني محمد وأطفال الخليج quot;خليجنا واحد وشعبنا واحدlrm;quot;. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن المشكلة الحقيقية في دول الخليج العربية الصغيرة هو الخلل السكاني حيث إن بعض هذه الدول لايزيد عدد مواطنيها عن 15% من إجمالي عدد السكان (مواطنين ومقيمين).

وهذه ليست المرة الأولى التي نسمع فيها هذا الحديث من بعض المفكرين والمثقفين ووسائل الإعلام حيث يقال إن دول الخليج العربية الصغيرة تخشى من هيمنة وسيطرة السعودية عليها ليس فقط سياسيا ولكن أيضا سكانيا: حتى في الأمس القريب عندما جاءت دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز خلال اجتماعات الدورة 32 لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في الرياض، للانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، لتدشن بداية مرحلة مهمة في مسيرة العمل المشترك بين دول المجلس الذي بدأ في مايو 1981.

صحيح أن هناك مخاطر ومعوقات داخليا وخارجيا ولكن لابد أن يكون لدينا كخليجيين إدراك مشترك لتلك المخاطر، وعلينا أن نخطو خطوات في اتجاه الاتحاد، وأن تكون لدينا إرادة خليجية مشتركة ذات قدرة على الإصلاح والتنفيذ حتى نستطيع أن نجلب المزيد من الازدهار الاقتصادي والاستقرار الأمني والسياسي والاجتماعي ونشر ثقافة المواطنة للوصول إلى التنمية المستدامة لدول الخليج العربية، وعلينا ألا نساق مع رياح التغيرات والاضطرابات في الشرق الأوسط.