حسن عبد الله عباس

مع بدايات انحراف الثورة السورية الى التطرف والعنف والمواجهة المسلحة، قلنا حينها وكررنا مرات بأنها لن تمر كما مرت غيرها من الثورات. فسورية وضعها مختلف تماما، فهي في خاصرة اسرائيل ولن يقبل الايرانيون بسقوطها بأي حال لأنها امتداد لايديولوجية المواجهة مع عدوها الفكري والديني الاول وهم الصهاينة. لذا أعود بعد هذه السنوات لأقول الكلام نفسه اليوم. لا جديد في الامر سوى حلول موعد laquo;جنيف 2raquo; واحتمال استبعاد ايران عن الحضور!
من الآن نقول لكم أيها المجتمعون لن تحصدوا اكثر من إضاعة المزيد من الوقت. اجتماع الدول في جنيف لا معنى له من غير الإيرانيين. فالقضية من اولها لآخرها مرتبطة بالدعم المصيري الذي تقفه الجمهورية امام سقوط نظام الاسد، كونه موقفا يحدد حياة وموت الدولة الإيرانية بأكملها.


اعلم مسبقا ان من يحمل في قلبه شيئا على الايرانيين أو من يُبرز حقيقة قوتهم، فإن كلامي هذا لن يعجبه فضلا عن الشتم والسب واللعن. لكن قبل ان تتحامل، دعني اخبرك بما يقوله فلاسفة الاخلاق بالنسبة لأي فكر يطرحونه.
الاخلاقيون يقولون ان افكارهم ما هي إلا لتعديل ولتوجيه الفكر البشري وما يجب ان يكون عليه الامر ويستخدمون للدلالة على ما يقصدون بالعبارة laquo;ought toraquo; بمعنى ما يجب ان يكون عليه الأمر لا كما تجري الأمور بالواقع حاليا. لذا نحن ايضا نقول للجميع بمن فيهم الحالمون والواهمون باستبعاد الايرانيين، كلامكم وافعالكم ليست سوى laquo;ought toraquo;، لكن الحقيقة والواقع ان الايرانيين لن يقبلوا بأقل من الواقع الميداني الذي فرضوه على العالم بأسره واولهم الاسرائيليون، فالنووي تم الاعتراف به، والاراضي اللبنانية رُدّت، والفلسطينيون بدأوا بالعودة ليتمسكوا بالثورة ورفض السلام والاستسلام، ورُفعت العقوبات الاقتصادية!
لهذا يُضحكني الجربا رئيس الائتلاف بقوله لا مكان لبشار ونظامه بعد جنيف اواخر هذا الشهر. نعم بكل تأكيد ان النظام في سورية لن يحكم كالسابق، لكن واضح ان الائتلاف بسيط وساذج لحد كبير ويظن انه قادر ان يحكم. فكما ان النظام السابق لن يعود لسابق سيطرته، لن يستطيع لا الائتلاف ولا أي بديل محسوب على محور السلام أن يقف على رجليه بعد الاسد. هذه حقيقة ولن تتغير ان ظل الجربا وزملاؤه يكررون مقالهم هذا. فالأجدر لو عاش الواقع كما هو لا كما يتخيل laquo;outghtraquo; وان يعي صعوبة المأزق الذي دخله هو ومن معه.
سورية ليست معركة محلية، سورية الباحة الخلفية للبنان وأرض جانبية مكملة للمعركة الدولية مع اسرائيل. وهو، سواء عرف بذلك ام غاب عن ذهنه، يقف في معسكر الاستسلام ويحارب بالوكالة عن غيره كالنظام الحاكم.