ياسر الغسلان
&
&
طفل يجلس أمام رؤوس خراف فصلت عن جسدها صبيحة يوم العيد، يبتسم أمام العدسة فيما بدا أنه ابتهاج وفرحة بيوم اختلطت فيه تهاني الأقارب برائحة الشواء وكلام تشجيعي من والده الذي افتخر به وهو يقوم كالرجال بسلخ الجلود وتقطيع اللحم والتهليل معهم كلهم لحظات النحر!
علق أحدهم قائلا: "وكأني أرى داعشيا صغيرا".. فالصورة التي تناقلها البعض عبر وسائل التواصل الاجتماعي كانت تشابه تلك التي أصبحت للأسف محفورة في أدمغتنا لإرهابيي داعش و"سلفياتهم" مع رؤوس المسلمين التي قطعت بسبب أحكام قرقوش في اتباع الطوائف الإسلامية غير الداعشية أو لمجرد إطالة الرجل لثوبه أو حلقه للحيته.
ربما لم يكن يعي ذلك الطفل وهو يبتسم للصورة أنها ستفهم كما فهمها البعض، وربما لم يكن يقصدها من أساسه، وربما نظلم من التقطها باتهامه بأنه فعل ذلك كنوع من الترويج غير المباشر لفكرة أصبحت اليوم وللأسف الشديد تجد متعاطفين رومانسيين من الذين في غالبهم لا يعون حجم الكارثة التي قد تحل بهم لو تمكن هؤلاء الدواعش من السيطرة على حياتهم، إلا أنه وفي ذات الوقت علينا أن نتفحص بشكل جاد العديد من الممارسات التي يقوم بها البعض، والتي قد تخبئ ما تخبئه من ميول نحو الخروج عن العقل والنظام، عبر جعل بعض الممارسات التي قد لا تكون مقبولة للأطفال باعتبارها جزءا من التربية الرجولية وتجهيزهم للمستقبل.
أتمنى ألا يخرج علينا من يقول إنني هنا أنتقد الشعيرة الدينية ذاتها، فذلك ليس ما أقول، بل أنا هنا أحدد بشكل واضح أن بعض الأعمال قد تحمل في حال أسيء استخدامها، العديد من المؤشرات السلبية على المدى البعيد. فطفل يتفاخر أمام رؤوس خراف فصلت عن أجسادها وصفت على الأرض لتبيان حجم الإنجاز الذي تحقق لا يمكن له ألا يترك في ذهنية ذلك الطفل فضولا ورغبة قد تكبر داخله مع مرور الأيام.
استعراض طفل بالرؤوس هو ما يقلقني وليس الاحتفالية ذاتها باعتبارها من الشعائر الدينية التي نؤمن بها ونؤديها عن قناعة، فذكريات الطفولة مثلا في عيد "الضحية" كما نسميه، لم تكن تستثني الأطفال عن مباهج الاحتفال، ولكني أذكر جيدا كيف كان كبار عائلتنا يوبخوننا كلما "تشاقينا" باللعب بأطراف الخروف المنحور، معتقدين أن في ذلك إثباتا لرجولتنا وعدم تقززنا من الدماء والأحشاء.
&
&
التعليقات