بسام البدارين

&مساهمة الأردن ـ عن بعد- في إقامة أول «حوار مباشر» بين قادة ورموز ومشايخ الأنبار والقبائل السنية في العراق وحكومة الرئيس حيدر العبادي كانت المدخل الأساسي الذي تقدمت به عمان وهي تستقبل العبادي في زيارة خاصة وسط «سلة أهداف» أردنية أهمها الإستثمار الأفضل لنفوذ المملكة الأردنية في غربي العراق.
حكومة المالكي التي سبقت وزارة العبادي كانت قد إتهمت الأردن عدة مرات بالإمتناع عن تقديم المساعدة لها عندما يتعلق الأمر بساحة نفوذها وسط النافذين في معادلة الأنبار من كبار قادة العشائر ورجال الأعمال من طبقة السنة الذين يتخذون في الواقع من عمان محطة لوجستية أساسية لهم.


المعلومات تتحدث عن نحو خمسة آلاف رجل من طبقة رجال الأعمال العراقية يديريون إمبراطوية من الأعمال والنفوذ في محيط محافظة الأنبار المحاذية للحدود مع الأردن، هؤلاء إستهدفتهم حكومة المالكي على مدار سنوات حتى وصل الأمر لعقد مؤتمر عام لهم في عمان قبل أسابيع قليلة مع إصدار بيان يعلن العداء لحكومة المالكي ويتهمها بالطائفية.
وجهة نظر مشايخ الأنبار كانت ضمن المحطات التي توقف عندها العبادي في عمان خلال زيارته التي قابل خلالها العاهل الملك عبدالله الثاني وسط مؤشرات تؤكد القناعة بأن العبادي من جانبه يسعى لمخاطبة الجوار العربي وتحديدا السعودية عبر «ضمانات» سياسية الطابع قدمها للأردنيين تحت عنوان عدم خضوع حساباته في المصالح للعباءة الإيرانية وسعيه لفتح آفاق من التعاون بالخصوص.
العبادي بهذا المعنى تقصد التوقف في عمان بعد زيارة طهران وحرصه على التلاقي مع ترتيبات أردنية بعنوان «تفهم» إحتياجات مناطق الأنبار وقيادات السنة في بلاده، الأمر الذي يمكن إعتباره بمثابة بطاقة عبور نحو الجوار السني وتحديدا الأردني تعزيزا لنطاقات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة في العراق.
هذه البطاقة ضرورية بالنسبة للعبادي حسب مقربين منه حتى يحافظ على «الهوية السنية» للتحالف العربي ضد تنظيمات داعش وهي مسألة أساسية في حسابات رئيس الوزراء العراقي الذي أظهر مرونة كبيرة في السعي «لإرضاء» الأردن خصوصا عند مناقشة الملفات والقضايا العالقة في البعد الإقتصادي.


تنازلات مؤثرة يفترض ان يقدمها العبادي إقتصاديا للأردن حتى يضمن إستمرار «تدفق» التعاون الأمني خصوصا وان عمان توفر له محطة للإطلاع على ما يشغل ذهن مشايخ الأنبار تحديدا الذين يطالبون بدورهم بإعادة النظر في الإقصاء التنموي الذي يطال مناطقهم وبصورة تسمح بالنتيجة بنمو التطرف والتشدد والمجموعات الجهادية.
الملفات العالقة بالنسبة للأردنيين إقتصاديا تشمل مشروع مصفاة البترول الجديدة التي تفكر عمان بإنشائها بالتعاون مع بغداد والتعاون النفطي وتحديدا فيما يتعلق بالأنبوب الناقل للنفط من البصرة إلى العقبة إضافة لإستئناف التعاون في مجال النقل البري وتجارة الترانزيت والصادرات مع إيجاد حل جذري لملف «الديون الأردنية» على الجانب العراقي.
سياسيا تسمح زيارة العبادي لعمان بإستئناف الإتصالات الثنائية على أساس إستراتيجي وأمني هذه المرة بدلا من البقاء في الدائرة التي رسمتها حكومة المالكي وهي الرسالة التي قدمها بوضوح العبادي للأردنيين عندما حضر لهم مبلغا بأنه مستعد لصفحة جديدة تطوي صفحة التأزيم والتوتر الذي صنعته بالماضي وزارة سلفه المالكي.
أمنيا الفرصة متاحة الآن لتكريس «نمط جديد»من التحالفات أمنية الطابع إذا ما قدم العبادي إضافات يعتد بها على صعيد حماية وحراسة الحدود مع الأردن وإذا ما إنفتح على مطلب أردني أساسي يتمثل في إقامة حوار مباشر مع عشائر الأنبار.

&
&