التقاء موقفَيْ نصرالله والحريري هل يكون منطلقاً لحوار يُنتج مرشّح تسوية؟

&اميل خوري
&

مَنْ هم المسؤولون عما وصلت إليه البلاد؟ ومَنْ هم الذين تسببوا بالتمديد مرة ثانية لمجلس النواب؟ هذا ما يجب أن يعرفه الناس كي يحاسبوهم يوم الانتخاب إذا استطاعوا ذلك...

إن المسؤولين هم الذين لم يتفقوا على وضع قانون جديد تجرى الانتخابات النيابية على أساسه ليتحقق أفضل تمثيل لشتى فئات الشعب وأجياله، فصار التمديد الأول للمجلس خشية الفراغ ولاعطاء مزيد من الوقت للاتفاق على هذا القانون. والمسؤولون عن التمديد مرة ثانية لمجلس النواب هم الذين عطّلوا جلسات انتخاب رئيس للجمهورية ولم ينجزوا قانوناً جديداً تجرى الانتخابات على أساسه، فوضعوا لبنان بين شر الشغور الرئاسي وشر إجراء انتخابات على أساس قانون السنتين المرفوض من الجميع والذي قد لا يغير شيئاً مهماً في نتائج الانتخابات لإخراج لبنان من أزمة الانتخابات الرئاسية، فكان لا بد من اختيار شر تشكيل حكومة تتولى بالوكالة وموقتاً صلاحيات رئيس الجمهورية، وشر التمديد لمجلس النواب خشية مواجهة شر أكبر ألا وهو الفراغ التشريعي.
والحكومة الحالية هذه لم تبت قانوناً جديداً للانتخابات، ولا مجلس النواب قال كلمته في مشاريع القوانين المحالة عليه، ولا صار اتفاق بين القوى السياسية الأساسية في البلاد على انتخاب رئيس للجمهورية ليصير بعد انتخابه إقرار قانون تجرى انتخابات نيابية على أساسه ويتم تشكيل حكومة جديدة في ضوء تركيبة مجلس النواب الجديد المنبثق من هذه الانتخابات، لأن الثنائي عون – نصرالله أصر على إفقاد نصاب كل جلسة ما لم يكن انتخاب عون رئيساً للجمهورية أو مَنْ يسمّيه هذا الثنائي مضموناً. فاستمر الشغور الرئاسي واقتربت ولاية مجلس النواب الممددة من نهايتها، فوضع النواب مرة أخرى بين شرّين: شر الفراغ التشريعي وشر التمديد مرة ثانية للمجلس، فاختارت أكثرية 95 نائباً شر التمديد لأنه أقل ضرراً من شر الفراغ، لكن العماد عون قال إن لا فراغ تشريعياً إذا ذهبنا الى انتخابات نيابية والمجلس النيابي المنبثق منها هو الذي ينتخب رئيساً للجمهورية. وظنَّ العماد عون أنه أوجد حلاً في حين أنه أوجد مشكلة جديدة تضاف إلى المشكلات القائمة وذلك للأسباب الآتية:
أولاً: لا يمكن اجراء انتخابات نيابية والحكومة لم تحضّر كل ما يلزم لاجرائها.
ثانياً: إن الظروف الامنية السائدة قد لا تسمح باجراء انتخابات، إذ لا أحد يستطيع توقّع عدم حصول أعمال عنف وتفجيرات واغتيالات قبل أن تبدأ الانتخابات أو إبان اجرائها، فيصبح لبنان عندئذ من دون رئيس للجمهورية ومن دون مجلس نواب لانتخاب رئيس.
ثالثاً: لا أحد يستطيع أن يضمن بقاء الحكومة الحالية التي ستشرف على الانتخابات إذا كان ثمة من يخطط لإحداث فراغ شامل لا خروج منه إلا بعقد مؤتمر تأسيسي يعيد النظر في اتفاق الطائف ويكون البديل منه اتفاق ايران، فيعمد إلى الاستقالة من الحكومة ويصبح لبنان على طريق الفراغ الشامل.


رابعاً: إن نتائج الانتخابات على أساس قانون الستين قد لا تغير شيئاً في تركيبة المجلس الحالي، وهي تركيبة عجزت عن انتخاب رئيس للجمهورية وعن وضع قانون جديد للانتخابات، إلا إذا قرر العماد عون العزوف عن الترشح، مفسحاً في المجال لمرشح توافقي وهو ما يستبعده بعض المراقبين حتى الآن لأن كل الاقتراحات التي يطرحها تصب في مصلحة أن يكون هو رئيس الجمهورية وليس سواه، وإلا ظل عند موقفه الذي أعلنه وهو في فرنسا: "إما أن أكون رئيساً للجمهورية وإما أن أعطل النظام".
أما وقد مدَّد مجلس النواب ولايته مرة ثانية تحاشياً للفراغ ولتعذر اجراء انتخابات نيابية، فإن المسؤولية تقع على من عطّلوا انتخاب رئيس للجمهورية، وهو الذي يتقدم على أي أمر آخر بموجب الدستور. لكن الموقف الأخير للأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله يفتح نافذة أمل ويصلح للبحث في موضوع الانتخابات الرئاسية، فمع أنه رشح العماد عون للرئاسة إلا أنه ترك الباب مفتوحاً لحوار حول مرشح تسوية يتمّ التوصل الى اتفاق عليه كما تم التوصل الى اتفاق على تشكيل حكومة تسوية وإن بعد مرور أكثر من عشرة أشهر. وهذا الموقف يلتقي وموقف الرئيس سعد الحريري وقوى 14 آذار، كما يلتقي وموقف رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع الذي أعلن قبل أشهر أنه مستعد لسحب ترشحه لمن يصير الاتفاق عليه.
لقد مرّ يوم التمديد الثاني لمجلس النواب، فمتى يكون يوم انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت، ويكون موقف السيد نصرالله منطلقاً لحوار وتشاور للاتفاق على مرشح تسوية يكون أهلاً لجمع اللبنانيين وليس ابقاؤهم متفرقين وتحصين وحدتهم الوطنية في مواجهة الارهاب الذي يدق أبواب لبنان؟
&