تسعى للسُلطة عبر استغلال الد

أحمد أميري

&

أصبح معلوماً لدى الجميع أن مصطلح «الإسلام السياسي» يعني التنظيمات والتيارات والجماعات التي ين الإسلامي، وأصبح واضحاً الفرق بين كون المرء مسلماً، وكونه إسلامياً أو إسلاموياً، إذ ينصرف المعنى الثاني إلى المنضوي تحت راية تنظيمات الإسلام السياسي.

ولم يكن مبارك الدويلة، وهو من رموز «الإخوان»، يجهل ما اصطلح عليه الإعلام واتفقت عليه الأفهام من التفريق بين الإسلام كدين من عند الله، وبين الإسلام السياسي كتيار يسعى للسُّلطة، ولم يكن يجهل أيضاً الرسالة التي ستصل إلى من لا يزالون يصدقون ألاعيب «الإخوان»، حين زعم في برنامج تلفزيوني على قناة تابعة لمجلس الأمة الكويتي أن قيادة الإمارات «ضد الإسلام السُني»!

&

&
لم تكن أدبيات «الإخوان»، حتى في الخليج الذي كانت الحالة الطائفية فيه متوترة منذ مجيء الخميني إلى الحكم، تشير إلى «إسلام سُني»، والذي يقابله بالبداهة «إسلام شيعي»، بل إن «الإخوان» البعيدين عن بؤرة التوتر المذهبي هذه، أعني في مصر وفلسطين بالذات، كانوا على الدوام في حالة وفاق مع إيران وجماعاتها، مع ملاحظة أن بعضاً ممن يعدون بمنطق الدويلة كـ«إسلام سُني»، كانوا حلفاء لإيران وضمن المحور الذي كان يسمي نفسه «الممانعة»، فما الذي حدث ليتنكر الدويلة لكل هذا التراث «الإخواني»، والواقع «الإخواني»، ويتحدث بمنطق «إسلام سُني»، والذي لا يُفهم منه سوى أنه في مقابل «إسلام شيعي»؟!

من الواضح أن هذه لعبة جديدة من ألعاب «الإخوان»، إذ قدّرت الجماعة «الإخوانية» أن ورقة الإسلام السياسي قد احترقت، لكن لا تزال في جعبة «الإخوان» الورقة المذهبية. وبطريقة أخرى، أدركوا أن الطريق إلى السُّلطة في الخليج مسدود في وجوههم بينما يرتدون قناع الإسلام، فهم كمن «يبيع الماء في حي السقايين»، فكانت هذه البضاعة الجديدة، بالعودة إلى السوق ببضاعة لا يزال لديها مشترون، استغلالاً منهم لحالة الهياج الطائفي.

فلو كان قد قال إن الإمارات ضد الإسلام السياسي، وهذه هي الحقيقة التي يعرفها الجميع والتي تعلنها الإمارات بوضوح، من دون أي تفريق بين أتباع مذهب أو آخر، لما ترك كلامه أثراً إيجابياً على مشروع «الإخوان»، فالناس قد فهمت لعبتهم، وستقدّر أكثر موقف الإمارات الذي أفسد عليهم خطة استغلال «الربيع العربي» للوصول إلى السُّلطة.

لكن القيادي «الإخواني» خرج بتلك الأكذوبة وهو يعلم أن المنطقة مشتعلة طائفياً بسبب الملالي أولاً، وهم النسخة الشيعية من الإسلام السياسي على أية حال، ثم الجماعات الإرهابية التي انبثقت من «الإخوان» بطريقة أو بأخرى، على أية حال أيضاً، ليصوّر لشعوب المنطقة، السُّنة الذين يمثلون الغالبية فيها، بأنهم -أي «الإخوان» وبقية التيارات المماثلة لهم- الطرف المقابل للإسلام الشيعي، لكن يدهم مغلولة عن التصدي لمشاريع الإسلام الشيعي، لأن هناك حكومات تقف ضد الإسلام السُّني! وهو كلام فارغ بطبيعة الحال لكن لا يتسع المقام للرد عليه.

للإسلام السياسي بضائع متنوعة، فعند الغرب يروّجون بضاعة الديمقراطية، وعند البسطاء يروّجون بضاعة تطبيق الشريعة، ولدى الليبراليين يروّجون بضاعة الحقوق والحريات، ولدى أتباعهم يروّجون صورة «المرشد» الذي له السمع والطاعة، وهذه المرة بضاعة في السوق الطائفية، هذا كل ما في الأمر.

&