&حسن عبدالله عباس&&
&
فيلم المقابلة «The Interview» الذي أثار زوبعة إلكترونية وإعلامية وديبلوماسية منذ شهر تقريبا غريب وأظنه يحمل سرا ما في بطنه.
اعتقد أنكم توافقونني الرأي أن الضجة التي تثيرها الوسائل الإعلامية تبدو على الظاهر أنها غير منطقية وتستحق الاستفسار في الوقت ذاته. فالفيلم ببساطة تدور أحداثه عن مهمة سرية للاستخبارات الأميركية CIA لاغتيال رئيس كوريا الشمالية من خلال عميلين سريين ينتحلان صفة اعلامية وأنهما مقدمان لبرنامج سياسي. لا شيء مثيرا في الامر على اعتبار ان هوليوود شهيرة في انتاج وفبركة القصص خصوصا ضد الدول التي تحاربها أميركا، كتلك التي أنتجتها ضد اليابانيين والألمان إلى آخره، لكن الأمور هنا بدت مختلفة وغريبة خصوصا ساعة الإعلان عن انتهاك «الهاكرز» لاستديوات سوني أواخر الشهر الماضي.
مصدر الغرابة نابع من أن التطور التكنولوجي جلب معه السيئات كما الحسنات، وأعمال الهاكرز باتت الغذاء اليومي للمتخصصين في مجال أمن وسلامة الأنظمة المعلوماتية. فمصدر الغرابة أن يأخذ انتهاك استديوات سوني كل هذه الجلبة والشوشرة لدرجة أن تتوتر العلاقات (أكثر مما هي عليه) بين كوريا والولايات المتحدة وتتهم الأولى الثانية بأنه تصرف إرهابي «وعمل حربي»، والثانية ترمي الاولى بأنها راعية للإرهاب وتريد تقويض أهم مبدأ لديها وهو حرية الرأي والإبداع!
فإثارة الموضوع بهذا الشكل وتضخيمه ونفخه إلى هذا الحد بحيث ينتقل تداول الحديث من الإعلاميين وشركات التكنولوجيا إلى طاولة السياسيين، هذا التضخيم يبدو لي فيه مبالغة شديدة! كما قلت، التكنولوجيا أصبحت واقعاً حياتياً وضرورياً، وتعرض المنشآت إلى الهاكرز والفيروسات أصبح امرا اعتياديا جدا، والمحير في الأمر بالنسبة لـ «سوني» تحديداً أنها كانت دائما هدفا لهجمات الهاكرز خصوصا من قبل مجموعة تُسمى بـ Hactivists، التي أصابت PlayStation في مقتل عام 2011 ما جعلها تخسر بحدود 171 مليون دولار! فلماذا اليوم أصبحت القضية بهذه الضخامة؟!
هناك من يطرح التساؤل أن تكون هذه الجلبة الشديدة غايتها ربحية؟ فما تريده «سوني» هو في حقيقته ترويج إعلامي دعائي للفيلم (سواء لتحقيق الأرباح أو للدعاية السياسية). بصراحة احتمال وارد جداً، فتحقيق المكاسب من خلال فضيحة كُبرى قد توجد أرضية جيدة وكبيرة لتحقيق مكاسب مُجزية. فهذا ما حصل مع الملياردير الشهير روبرت ميردوخ صاحب أكبر إمبراطورية إعلامية في العالم. فقد تضاعفت ممتلكات ميردوخ بعد الفضيحة التي ألمت بامبراطوريته الإعلامية واضطر ليغلق صحيفته العريقة «Sky» كما تذكرون بسبب تنصتها على البريد الصوتي للشابة الانكليزية التي قتلت قبل أربعة أعوام. فتلك الحادثة انفجرت في وجه ميردوخ ما اضطره ليتخلى عن الصحيفة ويغلقها في 2011/7/10 بعدما ناهز عمرها 168 عاماً.
الشيء نفسه حصل في 1911 مع مُلّاك الشركة النفطية عائلة روكفلر الشهيرة حينما واجهتها الحكومة الأميركية بتهم الاحتكار وفرضت عليها غرامات مالية وقسّمتها إلى شركات صغيرة، وقفزت بسبب ذلك املاك العائلة وتضاعفت بعد ذلك.
فهل يا تُرى الامر هنا بهذا الشكل؟ أم انها لعبة سياسية؟ ما يزيد الامر قناعة أنه ممكن أن يكون الامر كذلك هو الموافقة المبدئية لعرض الفيلم. على العموم لا ندري ما الذي يجري، لكن توجد ملاحظة ألفت نظركم لها. الحجم السوقي لألعاب الفيديو بلغت في 2013 بحدود 100 مليار دولار، وهي ترتفع في كل عام وباضطراد. هذه الالعاب تعكس دائما ثقافة الاميركان بحيث اللاعب غالبا يلعب دور الخير (أميركا) مقابل الشر. وهذا الشر دائما تمثله الدولة التي تعاديهم. فمنذ عشر سنوات كانوا العرب، ومنذ خمس سنوات كانوا الإيرانيين، ومنذ ثلاث سنوات كانوا الروس، وفي الفترة الاخيرة أصبحوا الكوريين!
&
التعليقات