بسام البدارين


لا يتجاوب كثيرون في السلطة ولا في الإطار النخبوي الأردني مع مبادرة أولية فكر فيها عضو مجلس النواب بسام البطوش لتأسيس حوار بين الحكومة والأخوان المسلمين.
الطرفان لا يبدو أنهما مهتمان بتفعيل الحوار أو بلغة التصعيد وملف الأخوان المسلمين في الأردن لهذا الغرض يستقر باسترخاء في منطقة وتكتيك lsquo;التسكينrsquo;.
عمليا لا توجد مؤشرات على أن رئيس الوزراء الدكتور عبدلله النسور يبدو معنيا بتغيير المعادلة التي اعتمدها من البداية منطلقا للتعامل مع الحركة الأخوانية بعد الإيقاع الذي أطاح بحكمها في مصر المجاورة.
النسور قال مطلع العام الماضي وعبر lsquo;القدس العربيrsquo;: لا lsquo;دلالrsquo; للأخوان المسلمين ولا استهداف لهم في الوقت نفسه وأي حوار معهم سيكون ضمن حوارات الحكومة مع الأحزاب السياسية.
هذه الإستراتيجية طبقها بعناية وزير شؤون التنمية السياسية المعني بملف الأحزاب واليساري خالد كلالدة الذي جمعته وفريقه لقاءات محدودة جدا وغير فعالة وضمن سياقات حوارية عامة بقادة الحركة الإسلامية في النسخة المحلية من الأخوان المسلمين.
على مستوى القصر الملكي لا توجد مستجدات تصعيدية أو دلائل على قرب اعتماد المنهج السعودي في التصعيد ضد الأخوان المسلمين خصوصا في ظل انخفاض زخم الشارع وامتناع الحركة الأخوانية عن ركوب موجة الزخم الشعبي بعد حادثة مقتل الشهيد القاضي رائد زعيتر.
في مناسبتين على الأقل بمستويات رفيعة للقرار حاول أحد كبار المسؤولين في الديوان الملكي اتهام الأخوان المسلمين بتهمتين من العيارالثقيل هما التحريض على إطلاق هتافات قاسية ضد الملك شخصيا في الشارع والتحريض على مقاطعة الإنتخابات الأخيرة.
في المرتين لم يمرر الملك عبدالله الثاني شخصيا هذه الإتهامات ورفض التجاوب معها في مؤشر حيوي على أن مؤسسة القصر لا تسير في الإتجاه نحو lsquo;التصعيدrsquo; مع التعبيرات الأخوانية ما دامت ملتزمة بقواعد اللعبة المألوفة دون أن يعني ذلك الإهتمام بإقامة حوار مستقل معهم في السياق.
لكن lsquo;إنكفاءrsquo; واضحا في برنامج الأخوان الشعبي والشارعي ساهم في lsquo;تهدئةrsquo; العلاقة بينهم وبين الأجنحة الحكومية طوال الأسابيع الماضية وسط تنامي المخاوف من ضغط سعودي متوقع على الأردن لتغيير لهجتهم تجاه الحركة الأخوانية.
داخل البيت الأخواني يمكن تلمس رغبة متنامية عند بعض القادة الأساسيين في تفعيل lsquo;مراجعةrsquo; شاملة للأداء خصوصا بعدما حصل في مصر مع ميل أشد لتجنب التصعيد في الساحة المحلية. والإبتعاد- قدر الإمكان- عن المشاركة بزخم في الإعتصامات الجماهيرية سواء تلك التي تطالب بالإصلاح السياسي كما كان يحصل في الماضي أو تلك التي طالبت بطرد السفير الإسرائيلي.
إنطلاقا من هذ االتصور برزت دعوة الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي الشيخ حمزة منصور إلى مراجعة شاملة للخطاب والأداء في الإجتماعات الداخلية لمجلس الشورى كما برزت خطوات إعلامية ذات بعد مهني تمثلت في تأسيس مكتب إعلامي لمخاطبة الشارع وبقية القوى بلغة مستجدة أكثر تأثيرا.
حتى البرنامج السعودي الذي يصنف الأخوان المسلمين في قوائم الإرهاب لم يتم التركيز عليه أردنيا من قبل مشايخ الأخوان باستثناء تصريحات تعبر عن الإستغراب وتتهم السعودية بالإنفعال صدرت عن الرجل الثاني في أخوان الأردن الشيخ زكي بني إرشيد مع أن المراقب العام الشيخ همام سعيد ذكر الجميع في بيان له أن السعودية لا يوجد فيها أصلا أخوان مسلمين.
إستنادا إلى الوقائع الموضوعية والخطوات الصغيرة في بناء الثقة المتبادلة في مرحلة حرجة لا يشعر الطرفان في الأردن بالحكومة والأخوان المسلمين بالحاجة الملحة إلى خطاب أو خطة تصعيدية وثمة توافق ضمني غير مكتوب على lsquo;تسكينrsquo; الجبهة الداخلية قدر الإمكان.
ومن الواضح أن التنظيم الأخواني الأردني يساهم في تكتيكاته الميدانية في تحفيز مؤسسة الحكم والقرار على الإستمرار في سياسة الإبتعاد عن سيناريوهات التصعيد خصوصا السعودية والخليجية.