حمد الماجد

بعد أن انقشع الغبار عن حادثة مجلة «تشارلي إيبدو» في باريس التي هزت العالم الغربي، بدأت الأصوات المتشنجة تتوارى خلف الأصوات العاقلة التي تحلل وتعالج الموضوع بهدوء وروية وتنظر للموضوع من زواياه وأبعاده المختلفة.


لنترك الحادثة جانبا ولنقرأ بتمعن هذه الإحصائيات التحذيرية التي أطلقتها مؤسسة كنسية أوروبية، فقد أشارت إلى ارتفاع معدل زيادة المسلمين في أوروبا، الذي يبلغ في فرنسا التي وقعت فيها أحداث العنف 8.1 في المائة مقابل 1.8 في المائة لبقية الفرنسيين مما ترتب عليه زيادة عدد المساجد في جنوب فرنسا على عدد الكنائس، كما تبلغ نسبة الأطفال المسلمين إلى بقية الفرنسيين 20 في المائة وتصاعد هذا الرقم إلى 45 في المائة في مدن مثل نيس ومارسيليا وباريس، وعليه فسيكون من كل 5 فرنسيين مسلم واحد بحلول عام 2025، مما يعني أنه بعد 39 عاما ستتحول فرنسا إلى «جمهورية فرنسا الإسلامية»، كما تقول المؤسسة الكنسية في تحذيرها، وهو ما أشرت إليه في مقالة سابقة أستحضر أغلب ما فيها لأنها معنية بأحداث فرنسا الأخيرة، وفي بريطانيا تصاعد عدد السكان المسلمين خلال 30 عاما من نحو 80 ألفا إلى مليونين ونصف المليون، نحو 30 ضعفا، وفي هولندا 50 في المائة من المواليد مسلمون مما يعني أنه خلال 15 سنة سيصبح نصف سكان هولندا مسلمين، وكانت حكومة ألمانيا أول من تحدث في هذا الموضوع علانية حين أصدرت تصريحا رسميا قالت فيه إن النقص في التعداد السكاني لا يمكن الآن إيقافه، فقد خرج الأمر عن السيطرة، وستكون ألمانيا دولة إسلامية بحلول عام 2050. وفي أوروبا يبلغ عدد المسلمين نحو 52 مليونا، وسيصل هذا الرقم للضعف خلال 20 عاما فقط، مما يعني وصول عدد المسلمين إلى 104 ملايين، وتقول الكنيسة الكاثوليكية الأميركية إن عدد المسلمين تجاوز الحدود، وإن الإسلام، وهو الدين الأكثر انتشارا في العالم، إذا حافظ على معدل انتشاره فإنه سيكون الدين المسيطر على كوكب الأرض.


وبغض النظر عن صدقية ودقة هذه الأرقام والإحصاءات التي ربما بالغت المؤسسة الكاثوليكية في بعضها لكن هذا لا ينفي مقاربة كثير منها للواقع، والذي يهمنا هنا أن الارتفاع المتصاعد للنمو السكاني للجالية الإسلامية في أوروبا والدول الغربية بشكل عام صار يمثل قلقا إن لم يكن يمثل لبعض الدوائر الغربية مصدر خطر، هل يعني هذا أنني أستنتج أن الحوادث الإرهابية في فرنسا مؤامرة محضة؟ الجزم بالنفي أو الإثبات صعب جدا، وهناك مؤشرات وقرائن تدعم هذه النظرية أو تلك ليس هذا المقال محل فرزها وتحليلها ثم تأكيدها أو نفيها، لكن من شبه المؤكد أن هناك توظيفا لهذه الحوادث التي جرت على ثرى فرنسا وبريطانيا وبلدان غربية أخرى لوضع العصي في دولاب تمدد الجاليات الإسلامية والحد من نفوذها السياسي والاقتصادي عبر سن قوانين وتشريعات في ظاهرها حرب الإرهاب وتبطن أهدافا استراتيجية أخرى، وربما الأيام حبلى بحوادث أخرى تغذيها الأحداث الساخنة في العراق وسوريا وفلسطين التي لا تزال الدول الغربية تنفذ فيها سياسات مستفزة غير منصفة، تنظر للضحايا المسلمين الذين حصدتهم آلة العنف والإرهاب الممنهج في العراق وسوريا، وهم بعشرات الألوف، نظرة لا مبالاة، وتقيم الدنيا ولا تقعدها لحوادث إرهابية ضحاياها غربيون وبأعداد محدودة جدا وفي نطاق العشرات، هذه الروح العنصرية هي أحد روافد تغذية الإرهاب في الدول الغربية التي عليها أن تعمل على سدها وإغلاقها.