عبدالله العوضي
& وقع اليمن السعيد فريسة سهلة بين وعود الحوثيين ووعيدهم الذي تحقق في وقت قياسي جداً من عمر التغييرات التي لاحقت بعض بلدان العالم العربي الحزين.
اليوم يقف اليمن على مفترق طرق صعب لا يحتمل التأخير لحظة عن سبل المعالجة الواعية والواقية لعدم وصول نيران فارس إلى دول أخرى لا تخفى أوضاعها على البصير فضلاً عن الأعمى والضرير.
الوضع أكبر من الجد وأي هزل يلتصق به، فنتائجه كارثية على الأمة العربية جمعاء، فالزمن لا ينتظر أحداً إذا لم نقم نحن بالمبادرة المناسبة لإنقاذ اليمن من الغرق في وحل الفكر الحوثي أو حرقه بموجات الأصولية المنكرة والمُنكرة لكل ما هو صائب وحق مكتسب.
إن ما يحدث في اليمن لفرض أمر واقع لوصول الفكر الإرهابي إلى قمة السلطة والدولة في اليمن لهْوَ نذير ويل وثبور لمن لا يُلقي السمع وهو شهيد.
لم يعد اليمن شأنا داخلياً أبداً ومن يُفكر بهذه الطريقة لا يريد الخير أن يعم الأمة العربية، فاليمن هو الحكمة، فهل نرضى فقدها في وقت نحن أحوج فيه إلى الحكم الغالية وأمثالها الراقية؟
وهناك مسؤولية خاصة تقع على كامل الشعب ذاته وتتمثل في عدم السماح لأي نفس أصولي بقيادته لأنه سيشتت شملهم ويبيح دماءهم ويبيع أرواحهم بأثمان بخسة.
هذا الانقلاب الأصولي الحوثي على أهل الحكم في اليمن وضع الصورة الجلية لنفوذ إيران على هذه الشريحة «الحوثية» التي لا تمثل غالبية الشعب، بل هي فئة محدودة جداً لا يحق لها في أرقى الديمقراطيات الحكم منفردة، فضلاً عن ممارساتها العنيفة في قتل وسحل أفراد الشعب اليمني الذي لا علاقة له بهذه المسرحية الهزلية التي تعرض فصولها في المسرح العام في اليمن من دون أخذ الترخيص المطلوب من الحكومة الشرعية، التي ذهبت ضحية لفكر استئصالي ليست له علاقة بالدين ولا بالدنيا.
من سخرية الصدف أن هناك تحركاً لا يتناسب مع ما يحدث في اليمن من قبل الحوثيين الغاصبين للحكم الشرعي لأهل الجنوب مستغلين حالة السيلان السياسي لليمن من أجل انتزاع حكم الجنوب مرة أخرى بعد وحدة دامت قرابة ثلاثة عقود، يراد في هذا الظرف قطع حبال عقدها المنثور يمنة ويسرة حتى لا يبقى للعقل والحكمة والسعادة اليمنية المعهودة مكان لذلك في المستقبل.
ما زالت الأمة العربية تعاني الأمرّين من زلزال «الربيع العربي» المنحوس الذي لم يأت بأدنى ذرة للخير قطعاً، فما يدور في الكواليس السياسية المغلقة ينذر بأن الآتي أشد وأنكى، فهلا انتبه العرب جميعاً لذاك قبل فوات الأوان.
إننا بحاجة ماسة إلى هبّة عربية أخرى لصالح اليمن كما حدث لمصر، فاليمن ومصر في نفس الميزان بهذا الشأن، لأن الأصولية الإرهابية في اليمن أو في مصر أهدافها واحدة وعلى رأسها خطف الدول مع شعوبها في صفقة واحدة وعلى حين غرة من سذاجة البعض وطيبته الزائدة على الحد.
فلا يصح لأهل اليمن خاصة النوم في عسلهم المشهور، بل لابد لهم من وقفة جادة تخرج «الحوثيين» من المعادلة السياسية قاطبة، وتبعدهم عن ممارسة السياسة الأصولية التي تتسلح بالإرهاب أولاً وأخيراً عن الساحة اليمنية حالياً بشتى الوسائل الممكنة.
ولا يملك ذلك غير الشعب اليمني الحر الأبي، الذي يأبى الضيم، هذا الشعب الذي لم تستعمره أي قوى خارجية على مدار التاريخ فهل يقبل أن يُستعمر أو يُذل ويُنحر على يد حفنة «حوثية» تمارس فعل العصابات الإجرامية، بذريعة المشاركة السياسية في الحكم الذي استولوا عليه بين غمضة عين وانتباهتها، فإذا هم من القاع إلى القمة، فهل سنرى دفع الشعب لهؤلاء من قمتهم إلى القاع للأبد، فنحن بانتظار هذا الحدث الأكبر في اليمن.
&
التعليقات