&فاتح عبدالسلام


انتشر تنظيم داعش أمام أنظار العالم في سوريا وكان ينمو على الأرض شبراً شبراً ويكبرمقاتلاً بعد مقاتل تحت راية شعاره في انه دولة باقية وتتمدد، وكان المدد يأتيه من كل العالم ، في الوقت الذي كان الميدان السوري يشهد محاربة الجيش الموالي للرئيس بشار الاسد المعارضة التي امتلكت بعد قمع تظاهراتها جيشاً كان أساسه المنشقون عن القوات النظامية. وحين أصبح التنظيم قوياً كان الوضع العسكري والأمني والسياسي العراقي على الجانب الآخر يزداد تشتتاً وتهافتاً ونخراً حتى تهاوت أكثر من خاصرة في ساعات وضاعت الموصل. ثم اكتملت إطباقة التنظيم على قوس كبير ما بين بلادي الرافدين والشام ، وكل ذلك كان ولا يزال يجري أمام العالم الذي يرسل طائراته وقواته اليوم لضرب التنظيم .أي ان العالم انتظر توسع التنظيم وتحوله الى قوة لا يستهان بها ثم قرر ضربه ولم تخبره اجهزة استخباراته قبل سنتين او ثلاث سنوات بخطورة التنظيم الوليد ليتم معالجته وهو في المهد وليداً.


الأن يتكرر المشهد في ليبيا وجزء تونس والجزائر ومصر، حيث تنمو القوات الخاصة بالتنظيم لتصبح عبئاً من الصعب ازالته في حين ان العالم لا يتحرك بأي مستوى مشابه لما يحصل من ضربات امريكية وروسية في العراق وسوريا. هل يتم الانتهاء من المشرق العربي ليلتفت العالم الى دول المغرب العربي وهل تكون المهمة سهلة عندئذ.؟


هناك مفارقات حدثت وجرى تفسيرها على انها مصادفة أو حدثت في ساعة غفلة لكن ذلك لا يقنع أحداً. العراق وسوريا أصبحا في ميزان واحد بالرغم من أن الاهتمام الدولي ينصب على سوريا باعتبار ان هناك مشكلة سياسية تنتظر الحسم لاقامة نظام سياسي جديد، وهو أمر مستبعد ضمن المواضعات الجارية تحت التأثير الروسي والايراني . على الارض التنظيم المتمدد يتحرك بين سوريا والعراق ولا حدود له ،والمشكلة السورية التي ترجو لها حلولا من خلال اعادة انتاج خارطة سياسية جديدة وتراوح في الاطار القديم حتى لو جرى تغيير الأسماء . في العراق المأزق السياسي سيتفاقم الى حد الذروة في خلال شهرين أو ثلاثة بعد تراكم الأزمات واكتشاف العراقيين الاصرار على التمسك الحكومي بفشل العملية السياسية وتحولها الى بلاء ضدهم. لذلك مَن يريد نظاماً سياسياً جديداً في سوريا عليه أن يطالب بنظام سياسي جديد في العراق ، ومن دون ذلك يبقى النظامان حتى مزيد من التشظي والانقسام والهجرات الكبرى.