&الجزائر: اللواء طرطاق ينهي أسطورة «الجنرال توفيق» ويكسر سياسة الإختفاء ربع قرن

&ما زالت تداعيات ظهور اللواء بشير طرطاق قائد جهاز المخابرات الجزائرية مستمرة، بعد أكثر من 24 ساعة من حضوره جلسة افتتاح اجتماع المدراء العامين والمفتشين العامين للشرطة الأفارقة أفريبول، والذي تحول إلى الحدث الأبرز، رغم أن الحدث كان تدشين مقر الأفريبول بالعاصمة الجزائرية.


اختلفت القراءات التي أعطتها وسائل الإعلام الجزائرية لظهور بشير طرطاق مدير دائرة الاستعلام والأمن ( المخابرات) لأول مرة منذ تعيينه على رأس الجهاز، وغزت صوره مواقع التواصل الاجتماعي دقائق قليلة بعد أن تعرف إليه الصحافيون والمصورون الذين حضروا جلسة افتتاح اجتماع أفريبول، وتحول ظهوره إلى الحدث الأبرز، واختلفت معه القراءات والتحليلات للأسباب التي جعلت اللواء طرطاق يختار الظهور في هذا الوقت بالذات، بعد قرابة ثلاثة أشهر من تعيينه على رأس الجهاز خلفاً للفريق محمد مدين المعروف باسم «الجنرال توفيق»، مع العلم أن طرطاق لم يكن يظهر للعلن حتى لما كان الرجل الثاني في المخابرات، وحتى بعد خروجه إلى التقاعد وتعيينه مستشاراً برئاسة الجمهورية، قبل أن يعين على رأس الجهاز خلفاً للأسطورة الجنرال توفيق.


هللت الكثير من وسائل الإعلام المحسوبة على السلطة لظهور اللواء بشير طرطاق، واعتبرته حدثاً كبيراً، وراحت حتى تقرأ دلالات اللباس الذي كان يرتديه من البذلة إلى ربطة العنق التي كانت تميل إلى اللون الوردي، واستخلصت أن ظهور اللواء طرطاق دليل على أن عهداً جديداً قد بدأ، وأن هذه هي مدنية الدولة التي كان زعيم حزب الأغلبية عمار سعداني يعد بها الجزائريين، وهو يشن حربا، يظنها الكثيرون بالوكالة، ضد الفريق محمد مدين، والتي انتهت بإقالته في سبتمبر/ أيلول الماضي، بعد أكثر من 24 سنة قضاها على رأس الجهاز، وعلى رأس النظام، على اعتبار أن الجنرال توفيق كان صانع الرؤساء لسنوات طويلة، كما يصفه الكثير من الساسة، والرجل القوي في النظام الجزائري، منذ تسعينيات القرن الماضي، وحتى أشهر قليلة ماضية، مع العلم أن نفس الذين هللوا لظهور اللواء طرطاق، هم الذين لم يكن يزعجهم عدم ظهور الفريق مدين، بل كانوا لا يجرؤون على نشر صوره، حتى لو توفرت لديهم.


وسائل إعلام أخرى لم تفوت الفرصة للإشارة إلى ظهور طرطاق بشكل علني وعادي، دون أن تهلل للأمر، بل تساءلت عن المغزى من هذا الظهور الذي بدا مدروساً، فحضور اللواء طرطاق جلسة افتتاح أفريبول لم تصاحبه إجراءات أمنية استثنائية، بل جلس في إحدى زوايا القاعة التي استضافت جلسة الافتتاح إلى جانب العقيد مصطفى لهبيري المدير العام للحماية المدنية، وتبادل معه الحديث خلال الجلسة، قبل أن يستأذن مغادرا، مباشرة بعد انتهاء اللواء عبد الغني هامل المدير العام للأمن من إلقاء كلمته الافتتاحية، الأمر الذي جعل الكثير من الصحافيين والمصورين يأخذ صورا له اعتبرها الكثيرون سبقا، فيما راح من ضيع الفرصة يحاول الحصول على بعضها من زملائه، متسائلة إن لم يكن العهد الجديد يجعل من جهاز المخابرات جهاز أمن عادياً مثل الشرطة أو الدرك، وبالتالي انتهاء الأسطورة التي حيكت حول رجال المخابرات، وحول قدرة الجهاز على معرفة دبة النملة في تينزاواطين أقصى جنوب البلاد على الحدود مع مالي.


كما أن هذا الظهور أعاد طرح السؤال حول مستقبل جهاز المخابرات، خاصة وأنه بين السيناريوهات المطروحة منذ سنوات، هو حل الجهاز أو ضمه إلى جهاز الشرطة، خاصة وأن دائرة الاستعلام والأمن حاليا فقدت الكثير من مديرياتها وهياكلها التي ألحقت بقيادة الأركان، وذلك خلال السنتين الماضيتين، حيث عرف الجهاز عملية إعادة هيكلة رأى فيها بعض المراقبين إضعافا للجنرال توفيق استعدادا للتخلص منه، في حين اعتبرتها السلطة عملية إعادة هيكلة فرضتها التطورات التي عرفتها البلاد، والتحديات الأمنية التي تواجهها.