علي القاسمي
ما تقدمه المقاطع الفظيعة عن هذا التنظيم سيجني المسلمون تبعاته على المدى البعيد، فلم تمر عليّ ولو بضع دقائق عن هذا التنظيم الرديء سوى تقديم يجعل المتابع يقسم أن كل المنتمين له لا يستحقون الحياة، بل هم مستحقون لموت جماعي اختاروه بأيديهم لغيرهم، ولا أستبعد أن يكون ذاك قدرهم في يوم قادم بأيدي غيرهم.
&
تنهار فعلاً حين تأتي حثالة أفراد يقدموا الإسلام بهذه الصورة الخطرة، ويتم التعامل مع المسلم في أنحاء العالم بوصفه مسخاً بشرياً وإرهابياً لا حل له إلا قطع رأسه أو جره في طابور طويل أو حرقه في أبشع صورة يمكن أن ترى فيها إنساناً.
&
هذا التنظيم القذر الذي ينتقي المأزومين والمتناقضين والمتشددين والبائعين لأجسادهم وعقولهم يستحق حملة دعاء جماعية، لا نستثني منها أحداً، مع يقيني أن هناك من سيتعذر عن التفاعل مع الحملة لأسباب يتفنن في تقديمها وسكبها، فروحه المتقيحة تبدي - سراً - تعاطفاً مع أفكار وخطط ورغبات «داعش» وزمرته، يرى من زاوية نظره الهابطة أن هناك تلاقياً متعدداً وتشجيعاً مستتراً يجبن عن البوح به لزعمه أن هناك موعداً قريباً يرتدي فيه عباءة التكفيري الدموي وينضم إلى مسرح التفجير، ولو لم يكن له من دور سوى لعق حذاء الخليفة المزعوم أو أداء الأدوار الليلية المناسبة.
&
ما يربك أن هناك من يروج للتنظيم ويسكت عنه، ويعبّر عن فضائحه وجرائمه، كما لو كانت رد دين أو تصفية حسابات، ولا يهم ما إذا كان الرد أو التصفية يستندان إلى الغطاء الإسلامي والشعارات الزائفة والأناشيد الجوفاء التي بدأت بـ«يا عاصب الراس وينك»، ولكنها لم تتأكد جيداً من أن عصب الرأس لا يغني ولا يسمن من جوع، إذا كانت بعض الأعضاء مفتوحة أو مشغولة في أمر آخر، ولك أن تفكك عقل مشجع لهذا العار التاريخي، وهو يقاتل في سبيل إثبات حرمة موسيقى أو التحذير من اختلاط، بينما هو في اللحظة ذاتها يتراجع ويفتش عن الأقوال والنصوص إذا كان السؤال يفصح عن رأيه في النحر والحرق.
&
«داعش» أشبه بمصيبة حلت بالعالم الإسلامي وتصدرت شباك المصائب، لأن فعلها مذهل وغير مسبوق، ولا أنكر أن تنظيمات سابقة عملت أشياء مذهلة، وكان لها قصب السبق في النحر والقتل الجماعي والإحراق والتصفية الجسدية، لكن «داعش» ذا أفعال مستقلة ومتتالية هي خليط من الإجرام والعشوائية والبشاعة، هذه المصيبة تركت أسئلة ثقيلة جداً لا مفر من الإجابة عنها ولو بعد حين، وهي:
&
لماذا كان السعوديون في قائمة الجنسيات المتصدرة للملتحقين بـ«داعش» والمسارعين للعضوية؟ هل يمكن للسلطات السعودية أن تصل إلى نسبة أقرب للدقة تقدم لنا السعوديين المؤيدين لـ« داعش»؟، نعرف أن من المواليد المحلية في العقدين الأخيرين التطرف والتشدد والإقصاء والتكفير والانحراف الفكري، وفيما لو قلنا إن هناك أمّاً واحدة فسأزعم أن هناك أكثر من أب: فكيف تحدث المتعة السرية في الإنجاب والتربية بعيداً عن أعين السياسي والرقيب والمتابع والمهتم؟.. الأسئلة لا تتوقف! الإجابات هي ما تستحق التوقف، ولكن ليس من اليسير أن نطبعها بعد علامات الاستفهام، لأن بيننا من يحب أن يقول: «السعوديون بريئون من تهمة غسل الأدمغة، لكنهم طيبون ومطيعون وسريعو التأثر والتأثير مع كل خطاب ديني».
&
&
التعليقات